الإطار التنسيقي… رؤية بلا بوصلة
بقلم _ حسن عبد الهادي العكيلي
رغم ما يمتلكه “الإطار التنسيقي” من ثقل سياسي وتمثيل برلماني ووزاري، إلا أن مراقبة دقيقة لتركيبته الداخلية وسلوكياته السياسية تشير بوضوح إلى أنه ليس إطاراً واحداً، بل كيانٌ منقسم على نفسه، تتجاذبه تناقضات داخلية تجعل من الصعب عليه الخروج برؤية موحدة في أغلب القضايا المصيرية.
هذا الانقسام لا يعود فقط إلى تنوع القوى المنضوية تحته، بل إلى تباين جذري في المرجعيات والغايات، فبعض أطرافه تنطلق من رؤى عقائدية مشددة، بينما يتحرك البعض الآخر من منطلقات سياسية براغماتية، تخضع لموازين الربح والخسارة أكثر من خضوعها لأي رؤية استراتيجية وطنية.
من يتابع مواقف الإطار من الملفات الكبرى، يدرك حجم التباين الداخلي فيه:
في التعامل مع التيار الصدري، تتفاوت المواقف بين من يدعو إلى الحوار وفتح الأبواب مجدداً، وبين من يرى في التيار خصماً وجودياً لا يمكن التفاهم معه.
في العلاقة مع الولايات المتحدة، هناك من يدعو إلى طرد القوات الأجنبية فوراً، بينما ينادي آخرون بالحفاظ على التوازن وعدم التصعيد.
في رسم سياسة الدولة، لا يظهر الإطار أي مشروع موحد، بل تتحرك كل كتلة ضمنه وفق حساباتها، فتحالفاتها، وخطوط اتصالها الإقليمية الخاصة.
هذا الانقسام لم يعد خلافاً سياسياً طبيعياً كما في أي تكتل نيابي، بل أصبح عقبة حقيقية أمام بناء دولة تمتلك قراراً واضحاً. بل إن أداء الحكومة المدعومة من الإطار يكشف عمق هذا الانقسام، إذ تتحرك ببطء، وتظهر مترددة، وتغلب عليها سياسة إرضاء الجميع، ولو على حساب الكفاءة والفاعلية.
المشكلة البنيوية التي يعانيها الإطار لا تتعلق بتعدد الأصوات، فذلك قد يكون مفيداً في الأنظمة الديمقراطية، بل تتعلق بغياب الرؤية الجامعة، وعدم امتلاك مشروع حكم موحد. إن ما يجمع بين أطراف الإطار ليس وحدة الهدف أو البرنامج، بل الخوف من التفكك، ومصالح النفوذ والسلطة، وهو ما يحوّله من مشروع سياسي إلى مظلة تفاهم هش بين خصوم مؤقتين.
إن العراق بحاجة إلى كتل سياسية تُنتج الدولة، لا تُعطّلها. إلى تحالفات تضع المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار، لا تُرهَن لإرادات الخارج أو مزاجات الزعامات. ومن هنا، فإن استمرار الإطار بصيغته الحالية، دون مراجعة داخلية عميقة، يعني مزيداً من التشتت، وضعف القرار، وتفاقم الأزمات.