سلسلة مقالات غرب اسيا(اليمن)حلقة ٥٦
كنوز ميديا _متابعة
عدن تنتفض.. قراءة في دلالات الحراك الشعبي ومآلات في جنوب اليمن
❖ غضب شعبي يتفجّر
شهدت عدن في جنوب اليمن حراكاً شعبياً لافتاً، عكس حالة احتقان غير مسبوقة في الشارع الجنوبي، وأعاد طرح الأسئلة الجوهرية حول واقع حكومة مجلس القيادة الرئاسي، ودور التحالف، ومصير المناطق الخاضعة لسيطرة تلك الحكومة.
لم تكن الاحتجاجات التي انطلقت من الأحياء الفقيرة والبيوت المنهكة مجرد ردّ فعل على أزمات معيشية طاحنة، بل كانت إعلاناً صريحاً بانتهاء مرحلة الصمت، وبدء مرحلة المواجهة الشعبية مع واقع متردٍّ يتقاسمه الفشل الحكومي والعجز الإقليمي.
❖ دلالات انفجار الغضب الجنوبي
يعبّر الحراك الشعبي في عدن عن تحوّل نوعي في المزاج العام داخل الجنوب، حيث فقد المواطنون الثقة بالسلطة القائمة، ومعها الرعاية الإقليمية التي ظلت لسنوات تُقدَّم باعتبارها الضامن للاستقرار.
وبدلاً من تحسن الأوضاع، شهدت المحافظات الجنوبية انهياراً اقتصادياً شاملاً، وتراجعاً حاداً في الخدمات، ما جعل الحياة اليومية في عدن أشبه بكارثة مفتوحة على كافة الاحتمالات.
إن اندلاع الاحتجاجات بقيادة نساء الجنوب، وتحوّلها إلى موجات بشرية عارمة، عكس نضوجاً شعبياً وإدراكاً بأن الصمت لم يعد خياراً ممكناً.
❖ السلطة في حالة تآكل.. والتحالف في مرمى الاتهام
جاءت استقالة رئيس الوزراء السابق أحمد عوض بن مبارك لتكشف هشاشة ساسية الحكومة التابعة لمجلس القيادة الرئاسي، وتعكس الإرباك العميق داخل المنظومة السياسية المدعومة من التحالف.
أما تعيين سالم بن بريك خلفاً له، فقد تم من الرياض، في مشهد أعاد التذكير بطبيعة الوصاية الإقليمية على القرار اليمني.
ومع غياب الرجل عن عدن، وتواصل الانهيار الاقتصادي، بدت الحكومة عاجزة عن الإمساك بزمام الأمور، فيما بقي الشارع يغلي على وقع الأزمات المتلاحقة.
❖ مشهد معيشي مأساوي
المناطق الخاضعة لسيطرة مجلس القيادة الرئاسي المدعوم من دول التحالف تقف اليوم على حافة الانفجار، بعد أن وصل الانهيار الاقتصادي إلى مستويات غير مسبوقة.
انقطاعات الكهرباء في ذروة الصيف، طوابير الخبز، رفع الأسعار، وتراجع القدرة الشرائية بسبب انهيار العملة – جميعها مشاهد تُنذر بثورة جياع حقيقية.
إذ تجاوز سعر الدولار في عدن حاجز 2600 ريال، مقابل 535 ريالاً في صنعاء، وهو فارق يؤشر إلى غياب أي سياسة نقدية فاعلة، ويعزز الفجوة بين شمال يعيش حالة من الصمود، وجنوب ينهار تحت وطأة الفساد والتجاذبات السياسية.
❖ تحالف مأزوم.. وشارع جائع
لم تعد المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المدعومة من دول التحالف تفصل بين الحكومة المحلية والتحالف السعودي-الإماراتي.
فكلاهما يُنظر إليهما باعتبارهما شريكين في إدارة الأزمة، وليس في حلّها.
ومع تصاعد الغضب، بدأ الغطاء السياسي والإعلامي للتحالف يتآكل، وبرزت دعوات تطالب بالتحرر من الوصاية الخارجية، واستعادة القرار السيادي.
لقد تراجع تأثير التحالف في الجنوب من حالة “الرعاية” إلى حالة “الاتهام”، في ظل اتساع رقعة الاحتجاجات ورفض الشارع لأي حلول تُفرض من الخارج.
➢ سيناريوهات التصعيد المقبلة وتداعياتها الاستراتيجية على التحالف
• استمرار الاحتجاجات وتتسع في المحافظات الجنوبية مع احتمال ظهور كيانات محلية تطالب بتقرير المصير والخروج من الهيمنة الإقليمية
• قد يؤدي الفشل الأمني والقمع المستمر إلى مواجهات دموية، بينما يتصاعد الحراك الشعبي ليصبح أكثر تنظيماً وجرأة مع تزايد دور النساء.
• تحولت التظاهرات إلى حركة عابرة للطبقات والمكونات الاجتماعية، ما يعيد تشكيل المشهد في الجنوب في ظل ضعف القبضة الأمنية وفشل حظر التظاهر.
• الجنوب يقترب من أن يصبح بؤرة صراع جديدة، ليس بالسلاح، بل بثورة الجياع، حيث الأزمة في عدن تجاوزت الجانب الاقتصادي لتصبح صرخة سياسية ضد الفشل والاحتلال الناعم.
• استمرار سياسات الرياض وأبوظبي دون مراجعة قد يجعل من عدن مركزًا لانتفاضات شعبية واسعة تغذيها غضب الجماهير.
مركز بدر للدراسات الاستراتيجية
٢٠٢٥/٥/٢٦