الحملة الدولية لكسر حصار مطار صنعاء… صرخة إنسانية تجاوزت الجغرافيا
بقلم _ فضل فارس
منذ أكثر من ثماني سنوات، وتحديدًا منذ أغسطس 2016، يعيش الشعب اليمني مأساة لا يمكن أن يتخيلها عقلٌ في هذا العصر، أكثر من ثلاثين مليون إنسان حُرموا من حقهم في السفر، والتداوي، والعودة إلى أوطانهم، بسبب الحصار الجوي المفروض على مطار صنعاء الدولي من قِبل تحالف العدوان بقيادة السعودية والإمارات، وبدعم مباشر من الولايات المتحدة الأمريكية،
هذا الحصار لم يكن مجرد إغلاق لمطار، بل إغلاقٌ لقلوب الناس وأحلامهم، وانقطاعٌ لسبل الحياة عن المرضى والطلاب والمغتربين، وأمهاتٍ حرمن من ضمّ أبنائهن، بل ومئات الآلاف الذين توفوا لأنهم لم يستطيعوا الوصول إلى العلاج في الخارج.
في مواجهة هذه الجريمة الإنسانية المستمرة، انطلقت “الحملة الدولية لكسر حصار مطار صنعاء الدولي”، لتكون أكثر من مجرد صوت… بل صرخة إنسانية تتجاوز الجغرافيا، لتصل إلى ضمائر الأحرار في كل مكان.
الحملة تحركت في كل الاتجاهات، نظّمت عشرات الفعاليات والندوات الدولية، في بيروت، وطهران، ولندن، ودمشق، وجنيف، واستطاعت إيصال صوت المظلومين إلى دوائر القرار العالمي.
وفي كل فعالية، كانت الحملة تقدم ملفًا متكاملًا، يوثق وفاة أكثر من 80 ألف مريض لم يتمكنوا من السفر للعلاج، وفق بيانات رسمية من وزارة الصحة اليمنية.
لم تتوقف الحملة عند الكلمات، بل أطلقت عريضة إلكترونية أممية، جمعت آلاف التوقيعات، ونفذت أسبوعًا تضامنيًا عالميًا شمل عشرات الوقفات أمام السفارات الأمريكية والسعودية، تطالب بفتح المطار فورًا، دون قيد أو شرط.
ومع ذلك، فإن الجهد الحقوقي لم يكن وحده في الميدان.
لقد لعب الإعلام المجتمعي الوطني دورًا حاسمًا في نقل المأساة، من خلال تقارير حية، وشهادات من أهالي الضحايا، وأفلام وثائقية، وحملات إلكترونية واسعة، كان أبرزها الوسم الذي انتشر دوليًا: #افتحوا_مطار_صنعاء.
قنوات كـ”المسيرة” و”اليمن اليوم” و”الساحات”، ومئات الناشطين والإعلاميين على مواقع التواصل، جعلوا من مأساة المطار قضية رأي عام دولي، رغماً عن التعتيم والتجاهل المتعمد من الإعلام الغربي،
الحملة تؤكد أن حصار المطار ليس قضية سياسية قابلة للتفاوض، بل جريمة ضد الإنسانية يعاقب عليها القانون الدولي، وقد استندت في بياناتها إلى اتفاقية جنيف الرابعة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي يضمن حرية التنقل، وحق الإنسان في الصحة والعلاج، دون تمييز أو حصار.
إن ما قامت به هذه الحملة هو أداء لواجب أخلاقي وإنساني وتاريخي، تجاه شعبٍ يصرخ: “دعونا نعيش”.