وَحْدَةُ المُسْلِمِينَ سَبِيلٌ لِدَكِّ قُوَى المُعْتَدِينَ
بقلم _ حُسَيْن بن مُحَمَّد المَهْدِيِّ*
٧ ذو الْحِجَّةِ ١٤٤٦ هـ
مِمَّا لَا رَيْبَ فِيهِ أَنَّ دِينَ الإِسْلَامِ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- دَعَا النَّاسَ كَافَّةً لِلْعَمَلِ بِهِ والتمسك بادابه. هُوَ الدِّينُ الَّذِي يَقُومُ عَلَى العَدَالَةِ وَالمُسَاوَاةِ وَالصِّدْقِ وَالأَمَانَةِ، وَالَّذِي تَتَحَقَّقُ بِهِ سَعَادَةُ الإِنْسَانِ فِي ظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ. فَهُوَ بِحَقٍّ بُغْيَةُ الأَرْوَاحِ، وَمَهْبِطُ السَّكِينَةِ، وَمُسْتَقَرُّ الطُّمَأْنِينَةِ، وَأُمْنِيَّةُ القُلُوبِ، وَرَأْسُ كُلِّ مَطْلُوبٍ.
وَهَلْ لِلنَّاسِ مَطْلَبٌ غَيْرُ أَنْ يُسْعَدُوا فِي ظَاهِرِهِمْ وَبَاطِنِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ وَآخِرَتِهِمْ؟ سَعَادَةٌ تَدْفَعُ عَنْهُمْ شُرُورَ الحَيَاةِ وَمَكَارِهَهَا، ثُمَّ تُفِيضُ عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْوَاعِ السُّرُورِ وَشَرْحِ الصُّدُورِ صَفَاءً وَبَهْجَةً، وَتُسَلِّمُهُمْ بَعْدَ المَوْتِ إِلَى نَعِيمٍ لَا يَشُوبُهُ كَدَرٌ، وَلَا يَعْتَرِيهِ زَوَالٌ: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا﴾.
وَهَا نَحْنُ فِي السَّابِعِ مِنْ ذِي الحِجَّةِ نُلَاحِظُ اجْتِمَاعَ الحُجَّاجِ فِي مَكَّةَ ﴿لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ﴾. وَقَدْ فَسَّرَ العُلَمَاءُ المَنَافِعَ بِأَنَّهَا دِينِيَّةٌ وَدُنْيَوِيَّةٌ مَعًا. وَالدِّينُ وَالدُّنْيَا فِي نَظَرِ القُرْآنِ مُتَرَابِطَانِ تَرَابُطَ الرُّوحِ بِالجَسَدِ؛ فَالدِّينُ يُمِدُّ الرُّوحَ بِالإِيمَانِ الصَّحِيحِ وَالأَدَبِ الرَّفِيعِ وَالأَخْلَاقِ الحَسَنَةِ، وَمَا يَسْتَفِيدُهُ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا الَّتِي تُمِدُّهُ بِأَسْبَابِ البَقَاءِ لِدَوَاعِي الرُّقِيِّ. وَالحَجُّ الَّذِي فَرَضَتْهُ الشَّرِيعَةُ الإِسْلَامِيَّةُ، وَاعْتَبَرَتْهُ رُكْنًا مِنْ أَرْكَانِ الإِسْلَامِ، يُعْتَبَرُ مُؤْتَمَرًا عَامًّا لِتَوْحِيدِ غَايَاتِ المُسْلِمِينَ، وَتَوْجِيهِهِمْ إِلَى مَصَادِرِ الحَيَاةِ الصَّحِيحَةِ؛ مِمَّا يَقْتَبِسُهُ بَعْضُ شُعُوبِهِمْ مِنْ ثَقَافَاتِ البَعْضِ الآخَرِ. وَفِيهِ تَعْوِيدٌ لِلنَّفْسِ عَلَى مَكَارِمِ الأَخْلَاقِ وَالبُعْدِ عَنِ الرَّفَثِ وَالفُسُوقِ وَالشِّقَاقِ: ﴿فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الحَجِّ﴾.
فَفِي البَلَدِ الآمِنِ تَصْفُو النَّفْسُ البَشَرِيَّةُ، وَتُخْلِصُ لِلَّهِ فِي العِبَادَةِ، وَتَتَهَيَّأُ لِلتَّعَامُلِ مَعَ البَشَرِيَّةِ بِلُطْفٍ وَأَمْنٍ.
إِنَّ الحَاجَّ يَشْعُرُ بِالوَحْدَةِ الحَقِيقِيَّةِ بَيْنَ المُسْلِمِينَ بِلَا رَيْبٍ، وَيَحِسُّ بِالجَامِعَةِ الَّتِي تَجْمَعُ الأُمَّةَ عَلَى تَعْظِيمِ شَعَائِرِ اللَّهِ وَتَوْحِيدِهِ. وَقَدْ جَعَلَهُمُ اللَّهُ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِيَتَعَارَفُوا، وَيَدِينُونَ بِدِينِ التَّوْحِيدِ لِلَّهِ وَدِينِ الأُخُوَّةِ وَالرَّحْمَةِ. فَالِاجْتِمَاعُ فِيهِ قَائِمٌ عَلَى الوَحْدَةِ وَالأُخُوَّةِ العَامَّةِ وَالمَوَدَّةِ الرَّاحِمَةِ، الَّتِي حَثَّ عَلَيْهَا القُرْآنُ العَظِيمُ بِقَوْلِهِ: ﴿إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾، وَقَوْلِهِ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾.
إِنَّهُ اجْتِمَاعٌ عَلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ، وَتَعْظِيمِ مَشَاعِرِهِ، وَأَدَاءِ مَنَاسِكِ الحَجِّ فِي مَنْطِقَةِ الأَمَانِ، الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا.
إِنَّهُ الِاجْتِمَاعُ عَلَى مَحَبَّةِ اللَّهِ وَالحُبِّ فِي اللَّهِ، الَّذِي أَسَاسُهُ الِالْتِزَامُ بِمَنْهَجِ اللَّهِ، وَهُوَ مِقْيَاسُ الإِيمَانِ وَعُنْوَانُ التَّوْفِيقِ.
إِنَّ مَنْ يَعْرِفُ الإِسْلَامَ بِحَقٍّ يَعْرِفُ أَنَّهُ كَمَالَاتٌ مَحضة لَا يَشُوبُهَا شَيْءٌ مِنَ النَّقْصِ. إِنَّهُ دِينُ الرَّحْمَةِ وَالأَخْلَاقِ وَالمَحَبَّةِ وَالأُخُوَّةِ وَالأُلْفَةِ وَالِاجْتِمَاعِ عَلَى الهُدَى وَالرُّشْدِ.
إِنَّهُ دِينُ رَبِّنَا وَخَالِقِنَا الحَكِيمِ العَلِيمِ، الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ يُسُوسُ بِهِ عِبَادَهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ، وَفِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَعْضِهِمْ بَعْضًا.
وَهَلْ يَتَصَوَّرُ عَاقِلٌ أَنْ يَكُونَ مِنْ سِيَاسَةِ العَلِيمِ الحَكِيمِ الأَمْرُ بِمَا يُجْعِلُ النَّاسَ دَائِمًا فِي فَوْضَىٰ وَرَهْبَةٍ وَتَنَاحُرٍ؟ وَهُوَ القَائِلُ لِرَسُولِهِ: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾، وَالقَائِلُ: ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾، وَالقَائِلُ: ﴿إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾.
إِنَّهُ الدِّينُ الَّذِي دَعَا إِلَىٰ وَحْدَةِ البَشَرِيَّةِ، وَأَبَانَ وَحْدَةَ أَصْلِهَا: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ﴾. وَلَمْ يُكْتَبِ القِتَالُ عَلَىٰ أَهْلِ الإِيمَانِ إِلَّا لِرَدِّ عُدْوَانِ المُعْتَدِينَ الَّذِينَ يَجْحَدُونَ الإِيمَانَ بِاللَّهِ وَيُقَاتِلُونَ أَهْلَ الإِسْلَامِ: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾.
وَإِذَا كَانَ الحَجُّ يُذَكِّرُنَا بِوَحْدَةِ المُسْلِمِينَ، فَإِنَّ جَرَائِمَ الِاحْتِلَالِ الإِسْرَائِيلِيِّ لِفِلَسْطِينَ تُذَكِّرُنَا بِوَاجِبِ التَّحَرُّكِ العَاجِلِ لِنُصْرَةِ إِخْوَانِنَا فِي فِلَسْطِينَ. فَإِنَّ التَّزَاوُجَ بَيْنَ بَرِيطَانِيَا وَالصِّهْيَوْنِيَّةِ -الَّذِي حَصَلَ فِي ٢ تِشْرِينِ الثَّانِي/نُوفِمْبِرَ ١٩١٧م فِي «وَعْدِ بَلْفُورَ»- الَّذِي التَزَمَتْ بِمُوجِبِهِ بَرِيطَانِيَا مُسَاعَدَةَ اليَهُودِ عَلَى إِقَامَةِ وَطَنٍ قَوْمِيٍّ لَهُمْ فِي فِلَسْطِينَ، كَمُؤَامَرَةٍ عَلَى عُرُوبَةِ فِلَسْطِينَ وَاسْتِقْلَالِهَا وَوَحْدَتِهَا العَرَبِيَّةِ. عَلَى أَثَرِهِ حَاوَلَتْ بَرِيطَانِيَا فَرْضَ البَرْنَامَجِ الصِّهْيَوْنِيِّ بِالقُوَّةِ مِنْ خِلَالِ الاِنْتِدَابِ؛ إِلَّا أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَنْدَفِعْ بِزَخَمٍ إِلَّا بَعْدَ تَبَوُّءِ «هِتْلَرَ» وَالحِزْبِ النَّازِيِّ سُدَّةَ الحُكْمِ فِي أَلْمَانِيَا، وَتُوَاطُؤِ الصِّهْيَوْنِيَّةِ مَعَ الحُكْمِ النَّازِيِّ فِي تَهْجِيرِ يَهُودِ أَلْمَانِيَا إِلَى فِلَسْطِينَ بِأَعْدَادٍ كَبِيرَةٍ، وَإِعْلَانِ الدَّوْلَةِ الصِّهْيَوْنِيَّةِ عَامَ ١٩٤٨م، وَإِجْلَاءِ عَرَبِ فِلَسْطِينَ عَنْ بِلَادِهِمْ. وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يُفْلِحِ القَرَارُ الدَّوْلِيُّ رَقْمَ (٢٤٢) الَّذِي يَقْضِي بِعَوْدَةِ اللَّاجِئِينَ إِلَى دِيَارِهِمْ؛ نَظَرًا لِغِيَابِ القُوَّةِ الَّتِي تَدْفَعُ إِلَى تَطْبِيقِ ذَلِكَ القَرَارِ، فَتَعَاظَمَتْ مَظْلُومِيَّةُ الشَّعْبِ الفِلَسْطِينِيِّ، وَاشْتَدَّ البَلَاءُ عَلَى أَهْلِهِ.
وَمَنْ يَعْرِفُ أَحْوَالَ النَّاسِ وَمَا تَسِيغُهُ عَادَاتُهُمْ وَمَا لَا تَسِيغُهُ، وَيَعْرِفُ مَا يُحِبُّونَ وَمَا لَا يُحِبُّونَ، يَعْرِفُ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ عُقَلَاءِ النَّاسِ: إِنَّ مَنْ هَدَّدَ النَّاسَ وَخَافَهُمْ وَقَتَلَ نِسَاءَهُمْ وَأَطْفَالَهُمْ، وَاحْتَلَّ أَرْضَهُمْ، يَعِيشُ فِي مَأْمَنٍ مِنْهُمْ وَيَكُونُ مُحْتَرَمًا وَقُورًا فِي النَّاسِ!
وَهَذَا (نِتَنْيَاهُ) وَكِيَانُهُ المُحْتَلُّ لِفِلَسْطِينَ يَقْتُلُ عَشَرَاتِ الآلَافِ مِنَ الأَطْفَالِ وَالنِّسَاءِ فِي أَشْهُرٍ عِدَّةٍ فِي مَذَابِحَ يَنْدَىٰ لَهَا جَبِينُ الأَحْرَارِ، وَتُثِيرُ حَفِيظَةَ المُتَّقِينَ الأَبْرَارِ.
وَهَذِهِ (الْأُونْرُوَ) تَنْقُلُ خَبَرَ قَتْلِ خَمْسِينَ أَلْفَ طِفْلٍ فِي قِطَاعِ غَزَّةَ خِلَالَ عِشْرِينَ شَهْرًا، مِنْ غَيْرِ النِّسَاءِ وَالشُّيُوخِ. وَكَمْ فِي مَقَابِرِ غَزَّةَ وَأَرْضِ فِلَسْطِينَ مِنْ عَشَرَاتِ الآلَافِ، بَلْ رُبَّمَا مِئَاتِ الآلَافِ، قُتِلُوا وَهُمْ يُدَافِعُونَ عَنْ أَرْضِهِمْ وَبِلَادِهِمْ مُنْذُ 1948م!
أَفَلَا يُبْعِثُ ذَٰلِكَ فِي نُفُوسِ المُسْلِمِينَ وَحُجَّاجِ بَيْتِ اللَّهِ الحَرَامِ وَأَحْرَارِ العَالَمِ مَا يَدْفَعُهُمْ إِلَى الإِجْمَاعِ فِي مُقَارَعَةِ هَٰذَا الطُّغْيَانِ وَالفَسَادِ؟ فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ أَهَمِّ الوَاجِبَاتِ الَّتِي تَدْعُو المُجْتَمَعَ الإِنْسَانِيَّ وَالإِسْلَامِيَّ كُلَّهُ، وَأَصْحَابَ الضَّمَائِرِ الحَيَّةِ، إِلَى الدِّفَاعِ عَنْ أَبْنَاءِ فِلَسْطِينَ.
وَإِنَّ أَصْحَابَ الأَقْلَامِ الحُرَّةِ وَرِجَالَ الصِّحَافَةِ وَالمُهْتَمِّينَ بِحُقُوقِ الإِنْسَانِ، وَالَّذِينَ لَدَيْهِمُ القُدْرَةُ عَلَى التَّأْثِيرِ فِي تَغْيِيرِ الوَاقِعِ بِحُكْمِ طَبِيعَةِ أَعْمَالِهِمْ، مَدْعُوُّونَ إِلَىٰ أَنْ يَبْذُلُوا الجَهْدَ فِي تَوْضِيحِ مَظْلُومِيَّةِ الشَّعْبِ الفِلَسْطِينِيِّ. فَبِالمَعْلُومَاتِ الكَامِلَةِ وَالدَّقِيقَةِ حَوْلَ مَظْلُومِيَّتِهِمُ الَّتِي تُنْتَهَكُ فِيهَا حُقُوقُهُمْ، يَسْتَطِيعُ هَٰؤُلَاءِ أَنْ يُؤَثِّرُوا عَلَى الرَّأْيِ العَامِّ العَالَمِيِّ؛ حَتَّى يَصْحُو وَيَكُونَ قُوَّةً دَافِعَةً لِحُكُومَاتِ العَالَمِ وَالبُلْدَانِ العَرَبِيَّةِ وَالإِسْلَامِيَّةِ خُصُوصًا، لِمُحَاسَبَةِ الكِيَانِ اليَهُودِيِّ المُحْتَلِّ عَلَىٰ جَرَائِمِهِ. فَإِنَّ سَيْلًا مِنَ الدِّمَاءِ يَجْرِي فِي فِلَسْطِينَ، وَأَرْوَاحًا تَذْهَبُ هَدْرًا، وَرِجَالَ الفِكْرِ كَأَنَّهُمْ لَيْسُوا أَحْرَارًا فِي قَوْلِ الحَقِيقَةِ، عَلَى الرَّغْمِ مِنَ المَبَادِئِ الطَّنَّانَةِ الَّتِي تُكَرِّسُهَا القَوَانِينُ وَالدسَاتير فِي مُخْتَلِفِ بُلْدَانِ العَالَمِ. كَمَا أَنَّ حُجَّاجَ بَيْتِ اللَّهِ مَدْعُوُّونَ إِلَىٰ نُصْرَةِ القَضِيَّةِ الفِلَسْطِينِيَّةِ، وَتَدَارُسِ الأَوْضَاعِ، وَالخُرُوجِ بِرُؤْيَةٍ مُوَحَّدَةٍ وَبِمُسَاهَمَاتٍ فَاعِلَةٍ تُؤَدِّي إِلَىٰ رَفْعِ مَعَانَاةِ الشَّعْبِ الفِلَسْطِينِيِّ، وَتُحَقِّقُ مَا يَتَطَلَّبُهُ الحَالُ فِي أَسْرَعِ وَقْتٍ مُُمْكِنٍ.
إِنَّ البَشَرِيَّةَ كُلَّهَا تَتَحَمَّلُ مَسْؤُولِيَّةَ الِاعْتِدَاءِ عَلَى الشَّعْبِ الفِلَسْطِينِيِّ المَظْلُومِ مِنْ قِبَلِ الكِيَانِ المُحْتَلِّ. وَعَلَيْهِمُ المُسَارَعَةُ بِرَفْدِ هَٰذَا الشَّعْبِ بِالمَالِ وَالعُدَّةِ وَالعُتَّادِ وَالسِّلَاحِ؛ حَتَّى يَتَحَرَّرَ كُلُّ شِبْرٍ مِنْ أَرْضِ فِلَسْطِينَ، وَيَتَنَعَّمَ الجَمِيعُ بِالأَمْنِ وَالأَمَانِ وَالسَّلَامِ، وَإِنَّ رِجَالَ السِّلْكِ الدِّبْلُومَاسِيِّ يَقَعُ عَلَى عَاتِقِهِمْ تَحْرِيكُ دُوَلِهِمْ لِلضَّغْطِ عَلَى الكِيَانِ المُحْتَلِّ، وَتَفْعِيلُ دَوْرِ مَحْكَمَةِ الجَنَايَاتِ الدَّوْلِيَّةِ، وَسُرْعَةُ إِلْقَاءِ القَبْضِ عَلَى مُجْرِمِي الحَرْبِ وَتَقْدِيمِهِمْ لِلْعَدَالَةِ. أَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ المُحَارِبِينَ مِنَ اليَهُودِ -يُعَانِي بَعْضَ مَا يُعَانِيهِ الشَّعْبُ الفِلَسْطِينِيُّ- فَإِنَّ المَسْؤُولِيَّةَ الكَامِلَةَ تَقَعُ عَلَى عَاتِقِ الِاحْتِلَالِ؛ الَّذِي جَاءَ لِيُهْلِكَ الحَرْثَ وَالنَّسْلَ، وَلِيَزْرَعَ الفَسَادَ فِي أَرْضِ فِلَسْطِينَ، وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الفَسَادَ ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾.