قراءة المواقف الإقليمية والدولية حول غزة

بقلم _ ام هاشم الجنيد

في ظل تصاعد ألسنة النار فوق غزة، وغرق الأرض بدماء الأبرياء، تتكشف التباينات السياسية الإقليمية والدولية، كاشفةً عن مواقف متباينة بين الدعم الصادق والتخاذل المريب. هذه الأزمة الإنسانية والسياسية تكشف عن هشاشة مواقف بعض الدول وضعف الالتزام بالقضية الفلسطينية، بينما تؤكد في المقابل على صلابة مواقف أخرى تدعم نضال الشعب الفلسطيني بكل الوسائل المتاحة، في مواجهة تحديات معقدة تفرضها التحولات الإقليمية والدولية.

تُعَدّ إيران من أبرز الداعمين للقضية الفلسطينية، حيث تقدم دعمًا سياسيًا وعسكريًا للفصائل المقاومة، مثل حماس والجهاد الإسلامي. هذا الدعم ينبع من التزام ديني وأخلاقي تجاه فلسطين، ويعزز من مكانة إيران كقوة إقليمية مؤثرة. في المقابل، تتخذ بعض الدول العربية مواقف متباينة، تتراوح بين الدعم اللفظي والتطبيع مع كيان العدو الإسرائيلي، مما يثير تساؤلات حول مدى التزامها الحقيقي بالقضية الفلسطينية.

الولايات المتحدة، من جانبها، تواصل تقديم دعم غير مشروط لكيان العدو الإسرائيلي، معتبرةً أن أمنها القومي مرتبط بأمن هذا الكيان. وقد استخدمت واشنطن حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن ضد قرارات تدعو لوقف إطلاق النار أو للاعتراف بدولة فلسطينية، مما أثار انتقادات واسعة من المجتمع الدولي، خاصة في ظل تصاعد أعداد الضحايا المدنيين في غزة.تشهد أوروبا انقسامًا في مواقفها تجاه الصراع، فبينما تتبنى بعض الدول مثل ألمانيا مواقف داعمة لكيان العدو الإسرائيلي، بدأت دول أخرى مثل فرنسا وإسبانيا في اتخاذ مواقف أكثر انتقادًا للسياسات الإسرائيلية، خاصة بعد تصاعد العمليات العسكرية في غزة. وقد دعا عدد من الدول الأوروبية إلى مراجعة الاتفاقيات التجارية مع كيان العدو الإسرائيلي وربطها باحترام حقوق الإنسان.

تباينت المواقف العربية تجاه الحرب في غزة، إذ جاءت في مجملها ضعيفة ومجزأة، مع تردد واضح في اتخاذ مواقف حاسمة. فبينما أصدرت بعض الدول مثل قطر والأردن بيانات رسمية تدعو إلى الوقف الفوري للعدوان على غزة، لم تترافق هذه التصريحات مع خطوات فعلية أو دعم ملموس، مما يعكس حالة التخبط والضعف السياسي التي تعاني منها الساحة العربية، ولا ترقى إلى حجم الكارثة الإنسانية التي تمر بها غزة. أما دول أخرى مثل الإمارات والبحرين، فقد اتخذت مواقف أكثر تحفظًا في ظل اتفاقيات التطبيع الأخيرة مع كيان العدو الإسرائيلي. أما السعودية، فرغم تصريحاتها المتكررة بربط التطبيع مع كيان العدو الإسرائيلي بقيام دولة فلسطينية على حدود 1967، فإن مواقفها العملية لم تتجاوز التصريحات، مما يجعلها غير مؤثرة في دعم القضية الفلسطينية في ظل العدوان المستمر على غزة.

على الجانب الآخر، كان لموقف اليمن صدى قوي في دعم غزة، حيث عبرت القيادة اليمنية والشعب عن تضامنهم الكامل مع الفلسطينيين، ورفضوا الاحتلال وممارساته، مؤكدين على أن القضية الفلسطينية هي قضية الأمة الأولى، وأن نصرة الأقصى ودعم المقاومة حقٌ وواجب. ولم يقتصر الدعم اليمني على الكلمات فحسب، بل تضمن دعمًا عمليًا من خلال عمليات نوعية بالصواريخ والطائرات المسيّرة استهدفت أهدافًا حساسة في كيان العدو الإسرائيلي، خاصة على طرق الملاحة والأجواء والموانئ الإسرائيلية، مما أزعج الاحتلال وأكد أن اليمن يقف إلى جانب فلسطين في مواجهة العدوان. وقد شهدت المدن اليمنية فعاليات تضامنية واسعة، تعكس عمق العلاقة بين اليمن وفلسطين، رغم ظروف الحرب والحصار التي يمر بها اليمن نفسه.

استغلت الصين وروسيا الصراع في غزة لتعزيز نفوذهما في الشرق الأوسط، من خلال تقديم مبادرات للوساطة بين الفصائل الفلسطينية، وانتقاد السياسات الغربية الداعمة لكيان العدو الإسرائيلي. وقد نظمت الصين لقاءات بين الفصائل الفلسطينية في بكين في محاولة لتوحيد الصف الفلسطيني وتعزيز دورها كوسيط دولي.

تكشف التباينات السياسية حول ما يحدث في غزة عن تحول كبير في موازين القوى الإقليمية والدولية، وتبرز الحاجة إلى إعادة تقييم السياسات القائمة، بما يضمن تحقيق العدالة والسلام في المنطقة. ففي ظل استمرار الصراع وتزايد الخسائر البشرية، يصبح من الضروري أن تتضافر الجهود الدولية والإقليمية لإيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، يضمن حقوق الشعب الفلسطيني ويحقق الأمن والاستقرار للجميع.

#اتحاد_كاتبات_اليمن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى