غزة .. الشاهدة والشهيدة #اليوم_الدولي_لضحايا_العدوان من الأطفال الأبرياء
بقلم _ قاسم الغراوي
كاتب وصحفي
في الرابع من حزيران 2025، تحيي الأمم المتحدة اليوم الدولي لأطفال ضحايا العدوان، وهو مناسبة نؤكد فيها على البراءة المنتهكة للأطفال الأبرياء في ساحات الصراع. وفي هذه الذكرى، يلفت الانتباه حجم المعاناة التي يعانيها أطفال فلسطين، سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية، جراء العمليات العسكرية والإجراءات القمعية التي تنتهجها قوات الاحتلال الصهيوني .
⁃ إحصائيات كارثية في قطاع غزة
تشير تقارير منظمة اليونيسف إلى أن أكثر من 50,000 طفلٍ فلسطيني قد قُتلوا أو جُرحوا منذ بداية العدوان في تشرين الأول 2023 حتى نهاية أيار 2025، نتيجة الغارات والاشتباكات الأرضية والحصار المفروض على القطاع. فقط خلال شهرَي نيسان وأيار 2025، قُتل أكثر من 1,309 طفلٍ وأُصيب نحو 3,738 آخرين، أي بمعدل أكثر من مئة طفلٍ يوميًا منذ انتهاء الهدنة في 18 آذار الماضي، وفقًا لتصريح إدوارد بيجيدر، مدير اليونيسف الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا .
وفي حصيلة منفصلة، أفادت اليونيسف بأن نحو 322 طفلًا قُتلوا وأُصيب 609 آخرون خلال 10 أيام فقط من تجدد القصف في نهاية آذار 2025، بينهم أطفالٌ كانوا نازحين في مخيمات مؤقتة أو مأوى في مدارس وملاجئ بسيطة . هذه الأرقام تعكس حجم الجريمة المستمرة التي تستهدف أحياء مدنية مكتظة بالسكان، من قبل قوات الكيان الصهيوني ، حيث يصعب تمييز المدنيين عن المقاتلين مع تجاهل واضح لأدنى معايير الحماية الدولية.
⁃ قصص شخصية تجسّد فظاعة المشهد
في نهاية أيار 2025، وثّقت وسائل الإعلام عدة حوادث مأساوية أودت بحياة عشرات الأطفال دفعةً واحدة. فمثلاً، قُتل تسعة من أبناء الطبيبة الفلسطينية الدكتورة علاء النجار في غارة استهدفت منزل العائلة، فيما نجا طفلها الحادي عشر «آدم» (11 عامًا) مصابًا بجروح خطيرة وهو الآن على أجهزة التنفس الاصطناعي . كما شهد مخيمات النزوح وفاة الفتاة يَقِين حماد (11 عامًا) أثناء تهذيبها لزهور في المخيم، بينما أصيب ابن عمها عياد (16 عامًا) بجروح بالغة في الرأس، مما يوضح أن الأطفال ليسوا مجرد ضحايا بعرض الحائط، بل هم قصص إنسانية تتكرر على شكل حلقات متسارعة من القتل والتهديد .
⁃ وفي مثالٍ آخر، نجت الطفلة حنين (4 أعوام) من قصفٍ دمّر منزل عائلتها بالكامل، وأسفر عن مقتل جميع أفراد أسرتها، لكن جلداً الأطفال الفلسطينيين لم يستطع أن يحميها من الصدمة النفسية والجسدية التي تعيشها يوميًا وسط أمواج الانفجارات وقذائف الهاون التي لا تفرق بين طفلٍ وآخر عندما تغيب روح الحماية والقانون الدولي في سماء غزة .
⁃
⁃ تفاقم أزمة الغذاء والدواء والحصار الإنساني مع تشديد الحصار وتشويش عمل المنظمات الإنسانية، يواجه ملايين الأطفال في غزة خطر المجاعة وسوء التغذية الحاد. فقد حذّرت اليونيسف من أن نحو 71,000 طفلٍ في القطاع معرضون لخطر النُذور الخطيرة للنظام الغذائي، فيما نفدت مخزونات المواد الغذائية والعلاجية لعلاج حالات التقزم وسوء التغذية الحاد، مما يضاعف عدد الضحايا الصغار في كل يوم يمر بلا حل سياسي أو انساني عاجل .
كما أن توقف عمل الكثير من المستشفيات والمراكز الصحية بسبب نقص الأدوية والمعدات، إلى جانب استهداف المنشآت الطبية بشكل متكرر، جعل وصول الأطفال إلى العلاج شبه مستحيل. فقد وثق تقرير الأمم المتحدة أنّ أكثر من 160 صحفيًّا فلسطينيًّا قُتلوا منذ بداية النزاع، ما يزيد من صعوبة إيصال صور معاناة الأطفال للعالم ومتخذي القرار العالميين .
⁃ عدد الضحايا في الضفة الغربية يزداد بشكلٍ مريع
ليس قطاع غزة وحده ما يعاني؛ ففي الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، شهدت الأشهر التسعة المنصرمة (من تشرين الأول 2023 حتى تموز 2024) مقتل 143 طفلًا فلسطينيًا وإصابة أكثر من 440 آخرين بالرصاص الحي . وهذا يعني أن عدد الأطفال الذين سقطوا في الضفة ارتفع بنسبة 250% مقارنةً بالفترة السابقة (41 طفلًا في التسعة أشهر التي قبلها)، ما يبرز اتساع دائرة العنف والإفلات من العقاب.
-التزايد المعلن للمدارس والمرافق المدنية كأهداف
تكررت التقارير التي تؤكد أن العديد من المدارس والمباني المدنية في غزة تحوّلّت إلى أهداف مباشرة أو تعرضت لقذائف أدت إلى مقتل عشرات الأطفال داخل صفوفهم أو أثناء فرارهم. فقد وثّق تقرير نشرته اليونيسف في آذار 2025 مقتل 31 شخصًا، بينهم 18 طفلًا، عندما استهدف قصف صباحي مدرسة في مدينة غزة، بينما أضرمت النيران في مبانٍ تعليمية لرفضها الاستسلام لضغط الاحتلال والتعبئة لتعليم الأطفال في ظروف قاسية جداً .