“جزيرةُ ميون… السرُّ الكامنُ في حفيدِ أبي الأسرار ـ الشيخِ سعيد ـ في زمنِ كشفِ الحقائق!” بين الجبل والبحر… ذاكرةُ الجهاد اليمني ضدَّ الاستعمار في باب المندب.

بقلم: عدنان عبدالله الجنيد أبو الحمزة .
(كاتب باحث سياسي مناهض للاستكبار العالمي)

تمهيد:
نحمد الله على نعمة الهداية والبصيرة التي أضاءت بها كلماتُ القائد المجاهد السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، يحفظه الله، دروبَنا، ففتحَ لنا بصرَ وبصيرةَ التاريخ، وأخرجَنا من زيف الروايات الرسمية التي حرّفها المستعمرون وأعوانهم.
وعندما انتشر المشروع القرآني في “اليمن الأوسط”، وتحديدًا في محافظة تعز المطلة على باب المندب، تلك المحافظة التي يعتلي قمتها جبل صبر الأشم، وعلى قمّته الشامخة “حصن العروس” المُطل والمراقب لمضيق باب المندب، أدركت قوى الاستكبار العالمي خطورة هذه الجغرافيا، فباشرت بتهجير الأسر المجاهدة منها، وارتكبت بحقها أبشع الجرائم.
ومن هذا المشهد الجغرافي–السياسي انطلقت أسئلتنا نحو التاريخ، مستنيرين بنظرة الشهيد القائد حسين بدرالدين الحوثي، رضوان الله عليه، القائلة:
“عينٌ على القرآن… وعينٌ على الأحداث.”
أوامر إمامية وسرٌّ مكتوم:
لقد كشف البحث أن وجود أعلام الهُدى وتمركزهم في هذه المناطق لم يكن محضَ مصادفة، بل كان بحسب الأوامر الصادرة من الدولة الرسولية والقاسمية والأمة الزيدية، تم توزيع أسرة الشيخ سعيد في كافة المناطق اليمنية المطلة على باب المندب والبحر الأحمر، لتعزيز الحماية البحرية وتأمين الممرات الاستراتيجية.
وقد لعبت الأسرة دورًا محوريًا في حفظ الأمن الوطني والدفاع عن الوطن وفق مبادئ الأمة الزيدية، متكاتفة مع الدولة والقيادة الثورية في مختلف المراحل لتحقيق صمود اليمن أمام أي غزو خارجي.
وبحسب الروايات” فقد صَدَرَ أمرٌ من الدولة آنذاك إلى الشيخ سعيد بن علي بن إبراهيم السروري بالانتقال من جبل صبر إلى جزيرة ميون، التي تقع في عمق مضيق باب المندب، للإشراف على الجهاد والدفاع عن سواحل اليمن”ولم يكن إصدارُ الأمرِ إلى الشيخ سعيد بن علي بن إبراهيم السروري قراراً عابراً، بل امتداداً طبيعياً لجهاد أبيه وجدّه في مواجهة الصليبيين والأيوبيين؛ فجاء اختيار الشيخ سعيد ـ بشخصيته الجهادية الفذة ـ اختياراً واعياً لمواجهة الغزو الخارجي القادم من البحر عبر مضيق باب المندب.”
وقد قام الشيخ المجاهد بهذه المهمة على أكمل وجه، حتى غدت قناة الشيخ سعيد وجبل الشيخ سعيد يُنسبان إليه لما له من أثرٍ بارزٍ في تثبيت السيادة اليمنية في وجه الغزاة.
موقع استراتيجي أربك الاستعمار:
يقع جبل الشيخ سعيد جنوب غرب تعز، مشرفًا على الساحل الغربي وباب المندب.
ويمتد لسان بحري طبيعي يُعرف بـ”قناة الشيخ سعيد”، حيث يُعد من أبرز الممرات الضيقة ذات الطبيعة الدفاعية العالية، ما جعله موقعًا محوريًا في نظر القوى الاستعمارية.
وقد تناوب على هذا الجبل والقناة الصراعُ بين الفرنسيين والعثمانيين والإنجليز، ثم البريطانيين لاحقًا، نظرًا لأهمية الموقع في السيطرة على البحر الأحمر ومراقبة الملاحة الدولية.
وبحسب الوثائق والروايات الشفوية، فقد سُجّلت عدة مواجهات بحرية وبريّة حول الجبل والقناة، ما جعلهما نقطة اشتباك استراتيجي دائم منذ القرن التاسع عشر” اليمن مقبرة الغزاة”.
بركان الجهاد اليمني:
لم يكن الشيخ سعيد مجرّد رجل دين، بل كان قائدًا عسكريًا وإداريًا ومفكّرًا استراتيجيًا، وقد ورّث أبناءه هذه الروح الجهادية.
وحسب الروايات الشعبية والمناطقية، فقد لُقِّب أحد أبنائه بـ”البركاني”، نسبةً إلى تفاخُرهم بسكنى الجزر البركانية اليمنية، ولسُكون البركة والفيض أينما نزل الشيخ وأبناؤه.
من جزيرة ميون إلى جبل حبشي المشرف على البحر الأحمر، إلى جبل صبر المُطل على المضيق، توارث أحفاد الشيخ المهام الجهادية نفسها، وتحوّلت مساكنهم إلى قلاع مقاومة صامتة ضد الاستعمار العثماني والبريطاني.
محاولة طمس وتهجير متعمّد:
بعد هذا الموقف الجبّار من الشيخ سعيد وأبنائه، الذي جمع بين الرباط البحري والجهادي والبصيرة الدينية، لم تحتمل قوى الاستكبار العالمي هذا الإشعاع الثوري.
فأقدمت على إحراق مراكزهم العلمية والجهادية، وتفجير أضرحة أوليائهم، ” اجداد وأحفاد “…ومحاولة طمس الحقيقة وتفريق الصفّ.
ولم يتوقف الأمر عند محاولات التهجير القسري بل وصل إلى نسبة بعض الأسر المجاهدة إلى أنساب أخرى، بذريعة التصوف وفق المشروع العثماني، في محاولة خبيثة لطمس الإرث الجهادي للشيخ وأبنائه، ومحو علاقتهم بالإمامة الزيدية والمشروع القرآني.
فلماذا لا تزال هذه الأسر وفية لقيادة الثورة؟ بل لأننا اليوم في زمن كشف الحقائق.
وببركةِ المسيرة القرآنية، دخلنا اليوم في زمن كشف الحقائق، واتضح أن هذا الولاء ليس طارئًا ولا مصلحيًّا، بل هو نعمة إلهية وإرث تاريخي متصل بالثائر الكبير الشيخ سعيد بن علي بن إبراهيم السروري، الذي مثّلَ واحدًا من أعمدة الدفاع عن اليمن في وجه الغزو الخارجي.
وقد انكشفت ألاعيب الاستكبار في محاولات نسب الأسر المجاهدة إلى أصول غير أصولها، وظهر جليًّا خبثُ مشروعهم الذي أراد إفراغَ اليمن من أهله المدافعين عن البحر والباب.
وبفضل الله، وقائد الثورة، ودماء الشهداء، انكشفت المؤامرة، وعاد الضوء يسطع من مضيق باب المندب، ومن قناة الشيخ سعيد، ومن جزر البركان.
النداء الأخير:
من هذا المقام، نتوجّه إلى كل الباحثين والمؤرّخين الشرفاء:
من امتلك معلومة عن الشيخ سعيد السروري وأبنائه المجاهدين، وعن منطقة جبل الشيخ سعيد وقناته، وعن لقب “البركاني” وأصله، فليُفصح، وليُخرج الحقيقة إلى العلن.
فأبو الأسرار لم يكن طيفًا في التاريخ، بل كان عينًا راصدة على البحر والمضيق، وها هو اليوم يعود من جديد عبر أبنائه المجاهدين الذين أغلقوا المضيق في وجه العدوان، تحت قيادة السيد عبدالملك الحوثي يحفظه الله.
خاتمة:
هذا هو الشيخ سعيد بن علي بن إبراهيم السروري، رُبانُ الجبل والبحر، رجلُ الأوامر الصارمة، وصاحب الإرث البركاني الذي لا يخمد.
وجبل الشيخ سعيد ما يزال قائمًا.
وقناة الشيخ سعيد ما زالت شاهدة.
وجبل حبشي ما زال مشرفًا على البحر الأحمر.
وجبل صبر يُطلّ بكل كبرياء على باب المندب.
“وها هي المعركةُ اليومَ دائرةٌ، برّيةً وبحريةً، ولأحفادِ الشيخِ سعيدٍ بصمةٌ فيها؛ رِبَّانيّون مجاهدون… ولنا موعدٌ معهم ـ ومع سائرِ الربّانيين ـ في ساحاتِ الفتحِ الموعودِ والجهادِ المقدَّسِ نصرةً لغزَّة؛ معركةٌ تتّقدُ تحتَ رايةِ العَلَمِ المجاهدِ، السيّدِ عبدِالملكِ بدرِالدينِ الحوثي ـ يحفظُهُ اللهُ ـ رايةٍ لا تنكسرُ، وعهدٍ لا يهونُ.”
(جزيرة ميون، الشيخ سعيد السروري، باب المندب، قناة الشيخ سعيد، جبل الشيخ سعيد، مقاومة الاستعمار، جبل حبشي، جبل صبر الجهادي، المسيرة القرآنية، الأئمة الزيدية)
لن يُدفن التاريخ ما دام فينا هذا النور، ولن تُطمس الحقيقة ما دام فينا هذا القلم.
وسلامٌ على القلم المجاهد،
وسلامٌ على “أبي الأسرار”… حيث بدأت الحقيقة،

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى