المرأة المحتشمة: وعيٌ لا جهل، وقوّة لا ضعف..!
بقلم _ كوثر العزاوي
المرأة المحتشمة ليست جاهلةً بالموضة، بل هي الأكثر وعيًا في مواجهة نفسها، والأقدر على انتقاء ما يليق بها ضمن حدود عفّتها وقيمها.
هي التي أدركت أن العباءة ليست مجرّد قطعة قماش، بل هي حصنُ العفّة، وعنوان الانتماء، فثبَّتَت قدمها على درب الإلتزام، وارتقت بالعفة والحياء.
فلا عجب إن وجَدتها تتصدّر الميادين الخدمية والثقافية في خدمة بلدها ومجتمعها، طالبة جامعية، أو موظفة ناجحة، أو معلمة مؤثّرة، أو طبيبة شفيقة.
إنها المرأة الإنسانة، التي تحمل على عاتقها مسؤولية الإصلاح والتطوير، وتتمثّل في مظهرها وقيَمها رسالة الإسلام المحمّدي في أبهى صورهِ.
فالحجاب طاعة وليس قناعة، وقد ورد في صريح آيات القرآن الكريم في سورتَي “النور والأحزاب”هو فريضة إلهية محكمة، أجمع على وجوبها علماء المسلمين قاطبةً، وهو ليس عُرفًا اجتماعيًّا أو خيارًا شخصيًا مجرّدًا، بل أمرٌ تعبّديٌّ تكليفيّ، نابع من التسليم والانقياد لله، لا مماشاةً لعُرفٍ أو رضىً للناس. أو مزاج كما يشتبهُ الكثير من نسائنا وفتياتنا المسلمات.
وعلى المرأة المسلمة اليوم، أن تتمسك بثوابت الإسلام، وأن لا تنجرف وراء المفاهيم المستحدَثة، التي تسعى إلى زعزعة الهوية وإفراغ القيم من محتواها، فشتّان بين من تتأسّى بالمثال الغربيّ المتحلّل، ومن تتأسّى بنساء الطهر والنبوة، في لباسها وحشمتها ورسالتها وِفقَ الشريعة الغرّاء.
إنك ِ وفي أصل تكوينك جوهرة مصونة، ولقد خصّكِ الله لتكوني مربّية الأجيال، وبكِ يستقيم المجتمع على شرع الله والنهج المحمّديّ، ليباهي الله بفضلكِ الأمم، معلّمة ملهِمة، تهذّبين وتنشئين، وتغرسين في القلوب حب الفضيلة، وترسمين طريق الخير والاستقامة.
أنتِ الأمّ، والزوجة، والأخت، والابنة.
والفرق الجوهريّ بينكِ وبين سواكِ هو الستر والعفاف، وهما سرُّ كرامتكِ، ومصدرُ قوّتكِ، وسلاحكِ في مقاومة الأعاصير الفكرية والأخلاقية التي تحاول جرّكِ إلى هاوية الإبتذال.
إنّ التيار الهادم اليوم لا يأتي بقوّة الحجّة، بل يُدسّ السمّ في العسل، يقدّم التعرّي على أنه حرية، ويصوّر الإنفلات على أنه تحضّر، ويروّج للمرأة الغربية على أنها النموذج الأسمى، وإن تجرَّدَت من الأخلاق والعفة!.
فلا تنخدعي بتلك الشعارات البرّاقة، فهي في حقيقتها ليست سوى وسائل تفريغ قيَمي، تهدف إلى ضياع وتفكيك الأسرة، وتشويه الفطرة، وقتل الحياء، وتسليع المرأة، واستبدال هويتك إن لم نقل طمسها
إنّ جاهلية الأمس كانت تئِد البنات في مهدهنّ خشية العار، وتصدّى لها الإسلام لينتشلَ المرأة فأعاد لها كرامتها وعزّتها، أما جاهلية اليوم، فإنها تئِد قيمهنّ وأخلاقهنّ، وتفتح لهنّ أبواب الفِتن، وتدعوهنّ إلى السير عاريات في دروب التشتّت والضلال تحت مسمى التحضّر!.
فلا تغفلي عن حقيقة جمالكِ المصون بالستر، ذلك الجمال الذي لا
تملكهُ إلّا مَن رفعها الله بطاعتهِ،
ولا يخلّده إلّا التاريخ الطاهر في صحائف النور، فكوني كما أرادكِ الله، لا كما يريدكِ تجّار الهوى وعارضات الجمال.
اعرفي قدركِ، ففي الإحتشام حريتك، وفي الحياء جمالك، فأنت العزيزة في دينكِ، فإن انشغلتِ عن هذه الغاية، أضعْتِ الرسالة، وخذلتِ الأمانة، وتركتِ ثغور الصالحين خاوية خالية.
١٣-ذوالحجة-١٤٤٦هــ
٩-حزيران-٢٠٢٥م