معهد وايزمان WIS في قبضة الصواريخ البالستية
بقلم _ قاسم الغراوي
رئيس مركز انكيدو للدراسات
في ضربة موفقة استُهدِف “معهد وايزمان للعلوم” العسكرية والحربية بصواريخ إيرانية ألحقت أضراراً بالغة بعدة مبانٍ بحثية وحرمات تقنية حيوية. بعد تصاعد التوتر والمواجهات والعدوان على ايران من قبل الكيان الصهيوني ، ليضع علامة فارقة في مسار البحث العلمي لهذا الكيان ، ويفتح الباب أمام تساؤلات كبيرة حول مستقبل قدرات “الكيان” الحربية القائمة على الابتكار والدراسات المتقدمة في المجالات الحربية.
تأسس المعهد عام 1934 باسم “معهد دانيال سييف للبحوث” على يد السلطات البريطانية، وكان مديره الأول الدكتور حاييم وايزمان الذي انتقل لاحقاً ليصبح أول رئيس للدولة العبرية. ارتبط إنشاء المعهد منذ البداية بأهداف علمية وعسكرية في آن واحد، لا سيما اكتشاف طرق تخمير صناعي لإنتاج الأسيتون المستخدم في دفع القذائف الصاروخية. ومع تطور المركز، تحوّل إلى صرح أكاديمي عالمي يضم نحو ثلاثة آلاف باحث وموظف، متخصصين في مجالات الكيمياء الحيوية والفيزياء والمواد المتقدمة.
استهدفت الصواريخ أوّل ما استهدفته مختبرات الكيمياء العضوية التي تُعنى بتطوير سوائل الدفع والمحفزات الكيمائية. كما تضررت ورش أجهزة التحليل الطيفي والحواسيب العلمية المبنية لأجل محاكاة المواد الجديدة. أسفر الهجوم عن توقف جزئي لأكثر من 60% من مشاريع البحث الجارية وإجلاء طارئ للكوادر والخبراء، فضلاً عن تضرر بنية الاتصالات الداخلية بين أقسام المعهد المختلفة.
ستكون هناك تاثيرات طويلة المدى على أبحاث القدرات الحربية منها تباطؤ في تطوير سوائل الدفع وتكنولوجيا الوقود الصاروخي لكون مختبرات المعهد رائدة في تحسين نسب الكفاءة الحرارية للوقود الصلب والسائل؛ وقد يؤدي توقف العمل فيها لفترة طويلة إلى تأخير صفقات تجارية وعسكرية لإنتاج صواريخ مضادة للدروع وطائرات بدون طيار مسيرة. وسيكون هناك تراجع واضح في تقدم الأبحاث على المواد النانوية المقاومة للحرارة.
تعتمد صناعة رؤوس حربية متطورة على مواد نانوية تتحمل درجات حرارة مرتفعة جداً. التعطيل الحالي سيتطلب إعادة بناء منشآت مخصصة لذلك، ما يضيف شهوراً أو حتى سنوات على خطط التطوير .
وسيواجه الكيان الصهيوني تحديات في أمن المعلومات وتبادل البيانات الحساسة في ظل الحرب المفروضة على ايران .
الأضرار التي لحقت ببُنى الاتصالات الداخلية أجبرت على استئجار شبكات سحابية مؤقتة، ممّا يعرض بعض المعلومات البحثية ذات الطابع العسكري للخطر، ويستلزم مراجعات أمنية جديدة قبل استئناف العمل .
سيكون هناك ضغط على
مؤسسات وُلدت شراكاتها مع “وايزمان” في مشاريع دفاعية واعدة، مثل تطوير أنظمة الاستشعار الكيميائي والبيولوجي، قد تفكر في إعادة النظر بتمويلها الميداني، مادام موقعها البحثي عرضة للاستهداف الخارجي.
ستسعى قيادة المعهد للابحاث لايجاد بدائل منها التوسع في الفروع الميدانية المؤقتة لإكمال الأبحاث العاجلة. وربما تتعاون مع القطاع الخاص عبر تسريع عقود التوثيق التقني مع شركات الدفاع للكيان الصهيوني لتعويض التباطؤ.
وستلجا الى التركيز على جهود الأبحاث الرقمية عن بُعد، عبر الحوسبة الفائقة المستضافة في مواقع بعيدة، لضمان استمرار المحاكاة الحاسوبية للمشروعات الحساسة.
لقد كشف الهجوم الصاروخي الايراني على معهد وايزمان للعلوم عن هشاشة البنية التحتية البحثية التي يقوم عليها جزء كبير من الصناعات الحربية الإسرائيلية ، او ان حساباتها الاستراتيجية لم تضع بالحسبان يوما ان تتجرا دولة ما على تدميرها .
التعافي التقني والإداري سيأخذ وقتاً وجهداً، طويلا وتجربة هذا التدمير تمنح دروساً مهمة اولها في تعزيز التدابير الأمنية والمادية وهذا ماخسرته حكومة نتن ياهو في اشعالها الحروب وعدوانها على شعوب المنطقة ودفعت الثمن غاليا امام قوة الصد والهجوم الايراني .