أسلحة للعدو نستخدمها ضد أنفسنا وجبهتنا

بقلم _ د.محمد العبادي

تنوعت الحروب التي تستخدمها الدول ضد بعضها البعض؛ فهناك الحروب العسكرية والأمنية، وهناك الحروب الاقتصادية إلى الحروب الإعلامية والنفسية وغيرها.
بعض هذه الحروب خشنة مثل العسكرية والأمنية والاقتصادية، وبعضها ناعمة مثل الحروب الإعلامية والنفسية والثقافية …
هناك من يتقن إدارة الحروب الخشنة والناعمة في آن معاً، وهناك من يتقن بعضها. ويختلف ضحايا هذه الحروب باختلاف الأزمنة والأمكنة والشعوب وثقافتها ووعيها.
لو استنجدنا بالتاريخ؛ لوجدناه حافلاً بالقصص والعِبر، ففي غزوة أحد وفي ذروة احمرار البأس واشتداد الوطيس؛ انطلقت شائعة مغرضة، حيث صاح أحد المشركين( قتل محمد) وكان وقع تلك الشائعة كالصاعقة على المسلمين .
إنّ تلك الكلمات كانت سلاحاً فتاكاً نال من النفوس وأقعدها عن القتال، ولم يبقٓ مع الرسول صلى الله عليه وآله سوى علي عليه السلام …
لقد وجهت تلك الشائعة ضربة نفسية هشمت إرادة القتال عند المسلمين وثبطت عزيمتهم ..
وفي عصر الحروب الاستعمارية استخدموا الدعاية والحروب النفسية حيث نجد أن نابليون قائد الاستعمار الفرنسي ضد مصر أشاع أنه مسلم وأنه حامي مصر وحامي المسلمين!!! وصدقه السفهاء..
وكثيرة هي القصص التي شغلت العرب والمسلمين واستغفلتهم، وزعزعت أيمانهم واضعفت جبهتهم.
أما في زماننا هذا – الذي نتلقى فيه يومياً عشرات الأخبار والحكايات المحبوكة-؛ فقد أخذنا نردد الأخبار والقصص التي صنعها الأعداء وألقاها في ساحتنا( وفيكم سماعون لهم) .
آلاف الأخبار والقصص والفيديوهات التي تصل إلينا لا أساس لها من الصحة؛ مثل قصة الجاسوسة الفرنسية ( كاثرين بيريز شكدام) والتي اخترقت قلب إيران ووصلت إلى المسؤولين الكبار إنّها قصة مختلقة صنعتها مراكز الدعاية التابعة للأجهزة الاستخبارية ثم بثتها في مواقع المسلمين ..إنّ الاختراق الأمني في إيران حصل من أولي القربى مثل( إسماعيل فكري) وأمثاله وقد قبضت عليهم الأجهزة الأمنية ونالوا جزائهم العادل.
أو ذلك الخبر الذي يقول بأنّ سلاح الجو الإسرائيلي قد قام بتصفية شادماني القائد الأعلى في إيران في حين أن شادماني يمارس مهامه ولم يكن ( القائد الأعلى..)وغيرها من الأكاذيب التي نرددها.
إنّ ترديد ما يقوله الأعداء ( قال ترامب …وقال نتن ياهو ..وقال وزير الدفاع الصهيوني، وقالت القناة العبرية وغيره، أو نشر الفيديوهات والصور والتغريدات) ونشرها من دون تعليق او تحليل صحيح لذلك؛ كل ذلك يصب في خدمة الأعداء.
إنّ أعداء العرب والمسلمين كانوا ولا زالوا يعظمون قوتهم، ويحتقرون قدرات غيرهم، ولو امتلكت إيران أو واحدة من بلدان المنطقة سلاحاً كبيراً يحاولون التقليل من أهميته؛ بل وينسبون ذلك إلى بلد آخر ، وبالعكس لو امتلكت اسرائيل أو أمريكا سلاحاً؛ لعمل الإعلام على تضخيمه ومنحه ميزات استثنائية خيالية، وهو في الحقيقة لا يعدو أن يكون سلاحاً تقليديا يخترقه صاروخ أو طائرة مسيرة يمنية أو إيرانية …
إنها حرب الأفكار وحرب الإرادات التي يعمل عليها أعداء داخل صفوف هذه الأمة، وعلينا أن نتثبت ونتبين الأخبار والروايات والأفلام المرسلة إلينا. ليس صحيحاً أن نكون في موقع المتلقي والمتأثر من دون أن نكون في موقع المتسائل والناقد البصير والمؤثر .
إننا في زمن تغيير الاتجاهات والاعتقادات والآراء، والكلمات و الدعايات تجري وتسري في النفوس بانسيابية، واظن أن علينا جميعاً أن نتسلح بالوعي في قبول أو رفض الكلمة المكتوبة أو المنطوقة، والمقاطع والأفلام المرسلة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى