إيران تنتصر على البغي الصهيوني وعلى الباغي تدور الدوائر
بقلم _ حسين بن محمد المهدي
( وَ مَنْ.. بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ)
البغي المذموم هو تجاوز الحق إلى الباطل فساداً وظلماً، ولهذا نهى الله عنه في القرآن الكريم: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ). وقد حرمه الله في شريعته، كما قال تعالى: (قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ).
والقانون الدولي لا يبيح ما تقوم به الصهيونية اليهودية من إعتداء على الشعب الإيراني المسلم. ومجلس الأمن الدولي لم يقم بواجبه.
فالإعتداء والعربدة والظلم الذي تمارسه الصهيونية اليهودية وأمريكا على الشعب الفلسطيني في غزة وعلى الشعب الإيراني المسلم تحت سمع وبصر العالم، تجاوز الحدود كلها. فقد ضرب هؤلاء الصهاينة بالقانون الدولي عرض الحائط، وصار الطغاة في بغيهم يمارسون الظلم، ويقتلون الأبرياء، ويهدمون الديار، وينتهكون الحقوق الإنسانية في فلسطين، وفي الجمهورية الإسلامية وفي اليمن ولبنان، وهذا البغي حتماً سيرتد على الباغي. وقديما قيل: ثلاث من كن فيه كن عليه: البغي، والمكر، والنكث. دليل ذلك من القرآن: (ياأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ). (فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ) (أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ).
وهاهي الجمهورية الإسلامية الإيرانية تعاقب الباغي بمثل ماجاء في بغيه، وترد على العدوان بمثله، ولكنه يستمر في عدوانه وبغيه، وقد جاء في كلام العزيز الحكيم في القرآن العظيم: (ذلِكَ وَمَنْ عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ). هذا وعد الله، والله لايخلف الميعاد: (وَعْدَ اللَّـهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ).
ان الشعب الإيراني المسلم وقواته المسلحة ينتصرون لمظلوميتهم ولمظلومية الشعب الفلسطيني. فها هي صواريخهم تدك معاقل الصهيونية في فلسطين، وبشائر النصر بفضل الله تلوح. فأولوا البأس الشديد في محور المقاومة ينتصرون للشعب الفلسطيني، ويردون على الباغي. ومالنصر إلا من عند
الله العزيز الحكيم. فلا تهنوا أيها الابطال، ولا تحزنوا، فإن ردكم على الباغي سيكتبه التاريخ باحرف من نور: (وَلاتَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّـهِ ما لا يَرْجُونَ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً).
إن تراخي بعض العرب وعزوفهم عن نصرة شعب فلسطين في غزة، وشعب إيران المسلم الذي ينتصر لقضية العرب والمسلمين أجمعين، أمر مثير للدهشة. وكأن رفع راية الإسلام من طهران غير متلائم مع ذوقهم، متجاهلين قول النبي الكريم: “والله لا يؤمن احدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به”.
أفلا يدرك الجميع اليوم أن من حرر القدس من يد الصليبية هو صلاح الدين الأيوبي، وهو غير عربي؟ وأن من هزم التتار المغول وحرر القدس من التتار المغول، وأعاد للمسلمين هيبتهم هو قطز وهو غير عربي؟ وأن صمت بعض الدول العربية والإسلامية عما يجري من عدوان على أهلنا في فلسطين وطهران المسلمة، وعن القيام بواجبهم تجاه محاربة الصهيونية المعتدية على فلسطين وعلى شعب ايران المسلم، يجعلهم في عداد التابعين للصهيونية الموالين لها؟ والله سبحانه وتعالى يقول: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَ النَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَ مَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).
فها هي وسائل إعلام بعض الدول العربية المقروأة والمسموعة والمرئية، ومن يتابعهم، كأنها تأبى أن تعلن أو تنشر إلا مايعبر عن الولاء للصهيونية. وهو عار سيلبسهم ثوب الذل إلى يوم الدين اذا لم يتراجعوا عن ذلك. فيا لله العجب! ولكأن العنصرية والحسد والكبر الذي مارسه إبليس قد علق بالبعض منهم.
مع أنهم يعلمون أنه قد جاء في السنة النبوية مايؤكد أن دور الشعب الإيراني المسلم في إعزاز الإسلام ونصر أهله قادم لا محالة، وأن هؤلاء الأبطال الذين يدافعون عن قضية العرب والمسلمين في فلسطين من أبناء الشعب الإيراني المسلم لا يقل شأنهم عن المهاجرين والأنصار، بل هم منهم بنص القرآن العظيم. فقد أخرج البخاري في كتاب التفسير من حديث أبي هريرة، قال: كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم فانزلت عليه سورة الجمعة: (وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ) قال: قلت: منهم يارسول الله؟ وفينا سلمان الفارسي، فوضع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يده على سلمان، ثم قال: لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال من هؤلاء. أخرجه البخاري في صحيحه حديث (٤٨٩٧) و(٤٨٩٨)، فالضمير في جملة (وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ) في (مِنْهُمْ)و(بِهِمْ) وان كان راجعا للاميين وهم الذين بعث فيهم الرسول الأمين، فالمراد من يأتي من بعدهم إلى يوم القيامة، ويسير على نهج رسول الله في الجهاد وتطبيق احكام الشريعة، بدليل قوله سبحانه: (لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ) أي في ذلك الوقت الذي نزلت فيه الآية. لأن المسلمين كلهم أمة واحدة، وإن اختلفت أجناسهم. وقد جاءت الإشارة في الحديث النبوي إلى قوم سلمان الفارسي
وقد رفع الشعب الإيراني المسلم راية الجهاد تحت قيادة الإمام علي الخامنئي استجابة لله، وانتصارا لمظلومية الشعب الفلسطيني العربي المسلم.
فيجب على المسلمين جميعاً أن يقفوا صفا واحداً في قتال العدو الصهيوني. وها هو وزير خارجية باكستان يدعو المسلمين إلى الاتحاد والوقوف مع الشعب الإيراني المسلم بحزم، ودعا منظمة المؤتمر الإسلامي إلى ذلك، وهو أمر يشكر عليه ويحمد. وقد أيد توجهه ذلك البرلمان الباكستاني. ولم نسمع البرلمانات والحكومات العربية أنها اتخذت موقفا مماثلا. ونأمل أن يتم ذلك في القريب العاجل، فالوحدة قوة، وهي من لازم عقيدة المسلم. فقد شبه الرسول عليه وآله الصلاة والسلام المسلمين بالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
فندعو كافة أبناء الأمة الإسلامية للقيام بواجبهم، ومؤازرة شعب إيران المسلم، ولا يهولنكم تعاضد الأمريكان وبعض دول الغرب الصهيوني مع المعتدين، فالباغي مهزوم مهما كانت قوته، وإنما هو الابتلاء والإختبار لهذه الأمة: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَ نَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ).
وأن من أنعم الله عليهم بالمال حري بهم أن يدركوا بأن المال إنما هو ابتلاء لهم، فاختبار الحق لهم به لينظر هل سيؤدون حق الله فيه ويجاهدون في سبيل الله شكرا له أم أنهم يجحدون فضله، فالذي يمتحن بالمنحة من المال هو الذي يمتحن بمكاره الجهاد ويأمر بإعداد القوة له: (وَ نَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَ الْخَيْرِ فِتْنَةً).
فلا يهولن الابطال المجاهدون في الجمهورية الإسلامية التجمع الصهيوني عليهم، فشهداؤهم محطة تكريم واعجاب،
وقد ابتلى الله أصحاب محمد يوم الأحزاب بلاء عظيما: (إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَ مِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَ إِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَ بَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ وَ تَظُنُّونَ بِاللَّـهِ الظُّنُونَا، هُنالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزالاً شَدِيداً). ومع ذلك الابتلاء والتجمع الكبير من قبل مشركي العرب واليهود كان النصر حليف المسلمين الصابرين.
فيا أيها الابطال المجاهدون في سبيل الله وانقاذ الشعب الفلسطيني إن بشائر النصر تلوح، وعلى الباغي تدور الدوائر، والله معكم وناصركم. و(سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) (وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً)
العزة لله ولرسوله وللمؤمنين.