مشهد المقدسة
بقلم _ د.أمل الأسدي
تلك المدينة التي تُشعرك أنها ترحب بك، وتفتح ذراعيها لاستقبالك، في مشهد المقدسة ومع الشعب الإيراني الطيب المتحضر، تُمضي أيامَ زيارتك وتستمتع بالطبيعة والجو الجميل وتتبضع من أسواقهم كل ماهو جميل ومصنوع بمحبة، وعن نفسي أقف منبهرةً بجمال أعمالهم اليدوية، تلك الأواني المنقوشة والاكسسوارات والمصوغات والأحجار الرائعة، والأماكن التراثية التي تشعرك بسكينةٍ ولحظاتٍ من الجمال النادر! ولاسيما تلك الأماكن التي تمزج بين التراث والحاضر!
في مشهد المقدسة، نصل بأثقالنا وهمومنا ومشكلاتنا، فنقصد ضريح الرضا(عليه السلام) نجلس أمام شباكه، نشكو ونبكي ونخاطبه ونلح في الطلب والسؤال، نرفع عيوننا صوب السماء سائلين وشاكرين في آن واحد!
نعم، نشكر الله علی نعمة الجمهورية الإسلامية، نشكره علی وجود هذا الضريح المقدس الذي يغسل همومنا ويؤنس نفوسنا، ويشحننا بطاقة عجيبة، فتشعر بقوة البداية وحماسها وإقبالها علی الحياة!
تُری ماذا أقول عن مشهد؟ وماذا أعدد؟
فكل شيء فيها مختلف ونادر!
وفي أغلب الزيارات أسكن في شارع بهجت، وأذهب مشيا الی ضريح الرضا، تارة أسلك طريقا مختصرا يمر بين البيوت والمحلات والمخابز، ثم السوق الشعبي حتی أصل الضريح!
وتارةً أسلك الطريق الرئيس علی الشارع العام، المليء بالمحلات التجارية والمطاعم والفنادق والزوار!
وفي الحالين أكون مستمتعة جدا، وهادئة، ومُقبلة علی الحياة، يقودني الأمل!
وفي بعض الأحيان نركب الحافلات الحكومية رقم(12) لنتجول في المدينة حتی نصل الی ” وكيل آباد” ومتنزهاتها العائلية وحديقة الحيوانات الكبيرة، والبساتين، وهناك نجلس دقائق لأكل الذرة التي يعدونها بطريقة مختلفة جدا، فتشوی في أفرانٍ خاصة، علی الحطب!
أما مطعم” بابا قدرت” فهذا الذي أزوره مرات عديدة في كل رحلة، فلم أجلس في مكانٍ جميل مثله، ذلك الخان الأثري الرائع الجمال، وطابوقه المميز، واستراحاته وجلساته العربية الرائعة! وطعامه المميز وخبزه الحار، فالجلوس فيه رحلة الی الماضي العريق!
ولابد لي أن أتبضع من محلاته المحيطة به من الجهتين، ثم أجلس في الخيمة العربية لشرب الشاي!
وفي نهاية كل رحلة أعيش حالين متعاكستين، وتتجاذبني قوتان، واحدة تشدني للبقاء في مشهد، وأخری تحثني علی العودة السريعة إلی بغداد الحبيبة، فالشوق إليها لايقاوَم!
وحين تحلِّق الطائرة، ننظر إلی المدينة ونشكر الإمام الرضا(عليه السلام) ونقول له: شكرا يامولاي ، شكرا لحسن الضيافة، لقد استمتعنا في مدينتك، جعلها الله عامرة دوما، ونصر الجمهورية الإسلامية وحفظها، فتنهمر الدموع سائلين الإمام الرضا العودة القريبة إلی مدينته المقدسة.