أبو علي ،وحيدرالموسوي… عينُ القائدِ ورايةُ الحشدِ: شهداءُ طوفانِ الأقصى في عمليةِ الوعدِ الصادق

 بقلم _  عدنان عبدالله الجنيد
كاتبٌ وباحثٌ سياسيٌّ مناهضٌ للاستكبار العالمي

حينَ تترجّلُ القممُ، تُنكسفُ شمسُ المحور
ها قد ارتقى النورُ شهيدًا، وارتفعت قاماتُ المجدِ لتحملَ جسدينِ بحجمِ أمة، هما: أبو علي حسين خليل، رفيقُ القائدِ ودرعُهُ وروحُهُ الساهرة، وحيدر الموسوي، عقلُ الحشدِ وقلبُهُ النابض، ورايتُه التي لا تنكسر.
ارتقيا معًا في عملية الوعد الصادق، في قلب طوفان الأقصى، ليرسما بدمَيهما خطًّا جديدًا على خارطةِ المحور، ويفتحا بابًا للزمنِ القادم، حيثُ الرجالُ هم الحُجّة، والشهداءُ هم الرُسل، والقضيةُ تمضي بأرواحهم نحو النصرِ الكبير.

الشهيد أبو علي حسين خليل… ظلُّ السيّدِ ودرعُهُ وروحُهُ الساهرة
أبو علي… ذروةُ العلوِّ والثبات
الاسم وحدهُ سيرةُ مجد: “أبو علي”… ذاك الذي فاضت حروفُ اسمه بالهيبة، وتجمّلت بالعطاءِ السخي، والولاءِ الصلب.
هو العليُّ في فعله لا في اسمه فقط، العالي في الهمّة، الصلب في القرار، النقيّ في الولاء، والدرعُ الذي لا ينكسر.
في قاموسِ المجاهدين، “أبو علي” يعني الثقةَ المطلقة، والقلبَ الذي لا يعرف التراجع، والسندَ حين تنهار الأرض.
حسين… الوسيمُ الجميلُ في وجهٍ صقلته ميادينُ المقاومة
“حسين” كان أكثر من اسم… كان بهاءً يمشي، وجمالًا يسطع من قسماتِ وجهٍ طبعته الحروبُ بوقارِ الأنبياء.
كان محبوبًا لدى رفاقهِ، نقيًّا كالوعد، ضحوكًا كأملٍ في قلبِ العاصفة.
وكما أحبّ النبي الحسين في كربلاء، أحبّ القائدُ حسن نصر الله هذا الحسين، فجعله ظلّه، وصوتَه، ونبضَه.
خليل… الصاحبُ الوفيُّ، والرفيقُ الأبدي
“خليل” كان الصديقَ الأوفى، والرفيقَ الذي لا يتخلّى، هو الذي قال في سيرته القرآن:
﴿ وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا ﴾.
رافق السيد في السرّاء والضرّاء، في السكون والعاصفة، في الميدان والمنبر.
طاعته كانت انصهارًا عقائديًا في ولاية الفقيه، حين قال:
“لو أمرني السيد أن أقتل نفسي، لفعلت.
ولو أمرني الإمام الخامنئي أن أقتل السيد، لفعلت.”
طاعة لا من باب العمى، بل من باب البصيرة في فهم عمق الولاية.
المرافقُ الشخصيُّ للسيد… الجدارُ الأمنيُّ الذي لا ينام
لم يكن “مرافقًا” فقط… بل كان السورَ الأخير حول السيد، والعينَ التي لا تغفو، والصدرَ الذي يتلقى الصدمةَ عن القائد.
كان أمينًا على الأسرار، ذراعًا أمنيًّا لا تخطئ، وسرًّا من أسرار الهيبةِ في كلِّ ظهورٍ للسيد نصر الله.
تعلّق بالسيد حتى ذاب فيه، وصاهر عائلته، حتى صار روحه الثانية.
أبو علي… في قلبِ المحورِ المقاوم
كان حاضرًا في تفاصيلِ التنسيقِ بين لبنانَ والعراقَ وإيران، وكان جزءًا من معادلةِ الردع لا حارسًا لها فقط.
رحلته الأخيرة إلى الحدود بين العراق وإيران كانت آخر صفحةٍ كتبها في سفرِ الجهادِ الإقليمي، فكانت الشهادةُ جوابَ السماء.
بشارةُ الشهادة… ورفيقُ السيد في الآخرة كما في الدنيا
يا أبا علي… شهادتُك لم تكن نهاية، بل كانت بشارةً لصاحب الراية، الذي طالما أردت أن تلتحق به إن مضى شهيدًا.
فإذا بك تكون نذير الشهادة، ورفيق الطريق حتى في الآخرة…
﴿ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم ﴾.

حيدر الموسوي… الأسدُ الجميلُ في ساحاتِ الوغى، وعقلُ الحشدِ وقلبُه النابض
حيدر… اسمٌ من وهجِ الشجاعة
ما إن يُذكر “حيدر” حتى تهبّ صورةُ كربلاء في الأذهان.
شاعرٌ بالدم، لا بالكلمات. وسيمٌ، عنيد، شجاع، ذكي، نبيل.
جمعَ بين الفروسيةِ والحنكة، وبين العصبيةِ الثائرة والحكمةِ الهادئة، وبين الانفعالِ المشتعل والاتزانِ المدروس.
كان رجلًا متعدّدَ الطباع… قائدًا لا يحبّ الظهور، ومديرًا يحكم الموقفَ من خلف الستار.
الموسوي… الاسمُ الذي أيقظَ ذاكرةَ الحشد
“الموسوي” في قلب الحشد هو النداءُ الأزلي لكربلاء، صوتُ الحسين، ونَسَبُ الولاية.
لم يكن نسبًا يُفتخر به في النسب فقط، بل في الفكرِ والجهاد والعقيدة.
حين يُقال “الموسوي”، تستيقظُ القلوب، وتشتعلُ الجبهات.
مديرُ مكتبِ الأمين العام لكتائب سيد الشهداء… رجلُ الدولةِ والميدان
شغلَ موقعًا حساسًا، فكان مديرًا لمكتبِ القائد “أبو آلاء الولائي”، ومسؤولًا عن الملف السوري.
لكنه لم يكن موظفًا إداريًا، بل مقاتلًا في كل حرفٍ من مهمته.
من بغداد إلى دمشق، ومن التنسيق إلى المواجهة، كان اسم “حيدر” عنوانًا للثقة، وسندًا للمجاهدين.
كان صاحبَ القرار حين يضيع القرار، وصوتَ الميدان حين تصمت المكاتب.
صفاتُ حيدر… الفروسيةُ والرفاهيةُ حين تلتقيان
أنيقُ الهيئة، راقٍ في ذوقه، كريمٌ في عطائه…
لكنه حين يدعو الواجب، يخلع المظاهر، ويرتدي التراب، ويصير فارسًا من فرسان الهيجاء.
كان رجلًا إن رأيته في مؤتمر، ظننته دبلوماسيًّا. وإن رأيته في المعركة، ظننته قائدًا ميدانيًّا لا يعرف الخوف.
كلمة تُلخّص حياةَ حيدر: رجلٌ بأمّة
هو النموذجُ الذي أرادته المقاومة: عاطفةٌ وعقل، ولاءٌ وبصيرة، أناقةٌ وصلابة.
لم يكن اسمًا في قائمة الشهداء فقط، بل كان مدرسةً يتخرّج منها ألفُ “حيدر”.

الخاتمة: عهداً للأرواحِ التي لم تُغلب

يا أبا علي… يا حيدر… يا ظلّ القائد، ويا صوت الحشد…
نجدد العهد لكما…
كما فديتما القادة بأرواحكما، فنحن نفدي الراية، ونذود عن المقاومة، ونحمل الوعد.
عهدًا للإمام المهديّ عجل الله فرجه، وبأرواحنا فداءً لنائبه الإمام الخامنئي،
أن نبقى حيثُ تركتمونا… على خطّكم، وبنوركم، وعلى بصيرتكم،
حتى يأذنَ الله بفتحٍ قريب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى