الــجـــزء الأول الأمام الحسين عليه السلام في رحلته. العاشورائية

بقلم _ إعداد شاعرة الصمود المجاهذة / وفية محمد العمري

بعد أن قتل عبدالرحمن بن ملجم عليه لعنة الله الإمام علي عليه السلام وهو في المسجد يصلي حيث ضربه بالسيف في رأسه وتم القبض عليه طبعا عبدالرحمن بن ملجم كان من الخوارج الذين غضب عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله ومن إنصاف الإمام علي عليه السلام قبل أن يلقى ربه قال لأهله إذا أنا قُتلت
فاضربوه بالسيف ضربة واحدة فقط لاغير مثلما ضربني سواء قتل او لا وإن كتب الله لي الحياة فالأمر راجع لي إن شئت عفوت عنه وإن شئت إقتصيت منه
إستشهد الإمام علي عليه السلام فنفذ أبناؤه وصيته في القصاص من الملعون إبن ملجم
كان معاوية يحكم دمشق لأنه تولاها منذ عهد عمر بن الخطاب فاستحكم معاوية في دمشق واستولى عليها وأصبح له مناصرين كثر فيها

بعد إستشهاد الإمام علي عليه السلام أراد معاوية أن تكون الخلافة له ولكن الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب رفض ذلك وأراد أن يستكمل إصلاح الفساد الذي كان موجود والذي كان قد بدأ بإصلاحه والده الإمام علي لكن معاوية
حشد الحشود لقتال الحسن عليه السلام

طبعا كان هناك الكثير من أهل الكوفة الذين عاهدوا الحسن بن علي بأن يقاتلوا معه ضد معاوية فنكثوا عهدهم وتخلوا عنه وانضموا لمعاوية لأنه كان قد اشترى قادة جيش الحسن بل إنهم حاولوا قتله

فلم يبق مع الحسن إلا قلة قليلة فعرض معاوية على الإمام الحسن إما التنازل أو القتال فوافق الإمام الحسن على الصلح وليس التنازل والصلح بشروط

كان من أسباب قبول الإمام الحسن لقبول الصلح مايلي /
1- حقناً لدماء القلة القليلة المؤمنة المتبقية معه ولأن الحسن عليه السلام وجد أن معاوية مصر على الحرب وسفك الدماء
2- أن لا يتولى إبنه يزيد السلطة بعده بمعنى يتولاها الحسن بن علي عليهما السلام

ولكن معاوية تظاهر بقبوله شروط الحسن بن علي بذلك ثم بعدها أرسل إلى زوجة الإمام الحسن التي كان قد وعدها إن هي قتلت الحسن سيزوجها على إبنه يزيد فدست للإمام الحسن عليه السلام السم فمات مسموماً

مرض معاوية مرضا شديدا ولكنه قبيل مرضه الذي مات فيه كان قد أخذ البيعة لإبنه يزيد على كره من الناس بحيلة مع جماعة ممن يتشيعون لبني أمية منهم المغيرة بن شعبه والضحاك بن قيس الفهري وعروا بن سعيد بن العاص ويزيد بن المقنع العذري

بينما إمتنع نفر من أهل المدينة

مات معاوية وقد تركت الإسلام كما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنهم عندما مرض معاوية أحضروا كل الأطباء له فلم يجدِ ذلك نفعا فأشار عليه أحدهم أنه لن يتشافى إلا علق شعار الصليب على رقبته ويترك الإسلام ففعل ذلك ومات عليه

فلما علم يزيد بموت والده معاوية حزم أمتعته أي حاجاته وتوجه من منطقة حوارين التي كان يجلس فيها إلى دمشق وبعد أن ذهب إلى قبر أبيه توجه إلى المسجد وخطب في الناس ليستميلهم قائلا /

(أيها الناس لقد كان معاوية عبدا من عبيد الله ثم قبضه إليه ولا أزكيه على الله عز وجل فإنه أعلم به إن عفا عنه فبرحمته وإن عاقبه فبذنبه وقد وليت الأمر من بعده ولست آسي على طلب ولا أعتذر من تفريط) إلى نهاية الخطبة وأجزل لهم العطاء وأخذ البيعة لنفسه منهم. وبعد أن إستتب الأمر بمعنى إطمئن بأن أمره قد هو سابر مع الناس إذا كان يمنيهم بالراحة والسلامة بينما قد طوى أي أسر في نفسه إعدادهم للمواجهة المرتقبة مع الإمام الحسين وكل من يخالفه
جاء ثلاثة رجال إلى الوليد بن عتبه بن أبي سفيان. وكان واليا على المدينة على المدينة ومعهم رسالتين الأولى نعي موت معاوية
والرسالة الثانية فيها /

( أما بعد فخذ حسينا وعبدالله بن عمر وابن الزبير بالبيعة أخذا شديدا ليس فيه رخصة فإن إمتنعوا فاضرب أعناقهم وأبعث إلي برؤوسهم وخذ الناس بالبيعة فمن إمتنع فنفذ فيه الحكم)

طلب من مروان بن الحكم المشورة فقال له /

أرى أن تدعوهم الآن لأخذ البيعة فإن فعلوا ما تأمرهم به كففت عنهم وقبلت منهم وإن هم رفضوا ضربت أعناقهم قبل أن يعلمو بموت معاوية يقصد بذلك الإمام الحسين عليه السلام وإبن الزبير وعبدالله بن عمر فبعث الوليد بن عتبه عبدالله بن عمروا بن عثمان بن عفان وكان غلاما حدثا يعني كان لا يزال صغيرا في العمر وكان الحسين وإبن الزبير في مسجد النبي محمد صلى الله عليه وآله فدخل وسلم عليهما وقال لهما /
أجيبا الأمير يعني تعالوا الأمير يريدكم

سار الحسين إليهما وفي يده قضيب رسول الله صلى الله عليه وآله بعد أن اخذ معه نفر من أهله وشيعته فدخل وسلم علهما فلم يردا السلام

طلبوا من الإمام الحسين مبايعة يزيد الفاسق فقال الحسين عليه السلام إذا دعوت الناس للبيعة دعوتنا فكان أمرا واحدا قال مروان بن الحكم للوليد بن عتبه ( والله لئن فارقك الآن ولم يبايع لا قدرت عليه أبدا حتى تسيل الدماء)

قام الإمام الحسين غاضبا وقال لمروان

هو يقتلني أو أنت كذبت والله وأثمت

ثم قال للوليد ( إنّا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة بنا فتح الله وبنا ختم)
ويزيد رجل فاسق شارب للخمر قاتل للنفس المحرمة معلن بالفسق ومثلي لا يبايع مثله)

فلما خرج الحسين عليه السلام من عندهما قال الوليد لمروان ( ويحك يامروان لقد أشرت علي بذهاب ديني ودنياي أأقتل حسينا والله ما أحب ما أحب أن لي ما طلعت عليه الشمس وغربت عنه من مال الدنيا بكلها ولا أقتل حسينا)

في تلك الليلة توجه الحسين إلى قبر جده رسول الله فلما وصل إليه رأى نورا يسطع له من القبر فقال ( السلام عليك يارسول الله أنا الحسين بن فاطمة فرحك إبن فرحتك وسبطك الذي خلفتني في أمتك فاشهد عليهم يا نبي الله فإنهم قد خذلوني ولم يحفظوني وهذه شكواي إليك حتى ألقاك)

طبعا قد كان هناك خبر مسبق بأن معاوية قد مات لأنه كان قد رأى في المنام أن النيران تشتعل في دار معاوية وأن منبره منكوس
فأيقن بهلاك معاوية

فجمع الإمام الحسين ثلاثون رجلا من أهل بيته وشيعته وقال لهم تجهزوا إحملوا السلاح وتجهزوا للخروج وأمرهم بالإنتظار في الخارج فإن هم سمعوا الأصوات ترتفع يدخلوا عليه وإن لم يحدث شيئ خرج إليهم هو

في الليلة الثانية ذهب الحسين إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وقام يصلى ثم دعا الله

( اللهم إن هذا قبر نبيك محمد صلى الله عليه وآله وأنا إبن بنت نبيك وقد حضرني من الأمر ماقد علمت (بمعنى قد حصل لي) اللهم إني أحب المعروف وأنكر المنكر فأسألك يا ذا الجلال والإكرام بحق القبر ومن فيه إلا إخترت لي مهو لك رضا ولرسولك رضا)

فوضع رأسه على القبر وهو يبكي من المسلمين الذين خذلوه ويتذكر كيف فعلو بأبيه وأمه وأخيه حتى غفا أي نام

فكان يرى نورا شديدا يسطع من قبر رسول الله فرأى رسول الله أقبل في كتيبة من الملائكة فضم الحسين عليه السلام إلى صدره وقبّل مابين عينيه وقال

( حبيبي ياحسين كأني أراك عن قريب مزملا بدمائك مذبوحا بأرض كربلاء بين عصابة من أمتي وأنت مع ذلك عطشان لاتسقى وظمآن لاتُروى وهم بعد ذلك يرجون شفاعتي يوم القيامة حبيبي يا حسين إن أباك وأمك وأخاك قدمو عليّ وهم مشتاقون إليك وإن لك في الجنة لدرجات لا تنالها إلا بالشهادة فبكى الحسين في الرؤيا ونظر إلى جده وقال ( لاحاجة بي إلى الدنيا فخذني إليك قال له رسول الله بل ترجع للدنيا فترزق الشهادة وما قد كتب الله لك فيها من الأجر والثواب فإنك وأباك وأخاك وعمك وعم أبيك تحشرون في زمرة واحدة يوم القيامة )

إنتبه الحسين من غفوته قرب الصباح فعاد إلى بيته وكلم أهله عن رؤياه فحزنوا وبكوا بكاء شديدا

أراد الحسين الخروج من المدينة فعلم بذلك الوليد بن عتبه فأستدعاه لأخذ البيعة فلما تيقن رفض الحسين البيعة ليزيد كف عنه وشغل نفسه بأمر ابن الزبير وابن عمر
فعزله يزيد وولى بدله عمرو بن العاص.

جاء محمد بن الحنفية إلى أخوه الحسين عليه السلام ينصحه فرد عليه قائلا /
( والله يا أخي لولم يكن هناك ملجأ ولا مأوى لما بايعت يزيد بن معاوية)

قال له فلماذا أنت مستعجل على الخروج فقال له

( أتاني جدي رسول الله فقال أخرج يا حسين فقد شاء الله أن يراك قتيلا)

فبكيا فقال له محمد بن الحنفية فلماذا تأخذ النساء معك
قال عليه السلام قال لي جدي رسول الله ( شاء الله أن يراهن سبايا)

فكتب الإمام الحسين وصيته لأخيه محمدبن الحنفية وفيها

( بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصى به الحسين بن علي بن أبي طالب إلى أخيه محمد المعروف بإبن الحنفية إن الحسين يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله جاء بالحق من عنده وأن الجنة حق وأن النار حق والساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور ( وإني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدي رسول الله وأبي علي بن أبي طالب فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق ومن رد عليّ هذا حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق وهو خير الحاكمين
وهذه وصيتي إليك أخي وماتوفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب)

وأعطى الوصية لأخيه محمد بن الحنفية

كانت أم المؤمنين أم سلمه رضي الله عنها في دارها بالمدينة فتذكرت عهد الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله عندما كان ينزل عليه جبريل بالوحي في هذه الدار وتذكرت حديث الكساء وآية التطهير قال تعالى ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) وتجسد أمامها الرسول والإمام علي وفاطمة والحسن والحسين. عليهم السلام وماحدث للسيدة فاطمة من صحابة رسول الله بعد رحيل أبيها رسول الله وماحدث لهم جميعا فسمعت الباب يطرق بمعنى يدقوا الباب فقامت وفتحت الباب وإذا هو شيخا كهلا تظهر على وجهه الهيبة والوقار والزهد

فصالت له من أنت فقال لها أنا ميثم التمار

فقالت له لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يذكرك في جوف الليل
فسألها : أين الحسين قالت هو في بستان له
فقال لها / فأقرئيه مني السلام وإنا ملتقون عند رب العالمين إن شاء الله
فأحضرت أم سلمه بطيب فخضبت لحيته أي طيبتها بالعطر

وقالت له أما إنها ستخضب بالدم
فقال لها في سبيل أهل بيت النبي إن شاء الله

ودعها وانصرف فبكت أم المؤمنين وذهبت إلى نساء عبدالمطلب فوجدتهن محيطات بالحسين عليه السلام وهن يبكين لخروجه من المدينة

فأخذ الحسين يصبرهن ويطيب خاطرهن ويقول ( لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم إنه أمر جاري وقضاء محتوم إقتربت أم سلمة من الحسين وقالت له ( يا بني لا تحزن بخروجك إلى العراق فإني سمعت جدك رسول الله يقول يُقتل الحسين بأرض يُقال لها كربلاء)

فقال لها الحسين عليه السلام يا أماه والله إني مقتول مذبوح ظلما وعدوانا وقد شاء الله تعالى أن يرى حرمي وأهلي مشردين وأطفالي مذبوحين مأسورين مقيدين وهم يستغيثون ولا من ناصر ينصرهم)

فقالت أم سلمة فلماذا تعجلت بالخروج وأنت تعلم أنك مقتول

فرد عليها / يا أماه إن لم أذهب اليوم فغدا أو بعد غدا وليس منه بد أي مهرب

فبكت أم المؤمنين أم سلمة وقالت له /

) الأمر لله لقد أعطاني جدك رسول الله من تربتك في قارورة وقال لي إذا رأيتيها تفور دماً فتيقني أن الحسين قد قتل)
فقال الحسين عليه السلام ( ليس من الموت بد وإني أعرف من يقتلني والبقعة التي أدفن فيها ومن يقتل من أهل بيتي وقرابتي وشيعتي وإن أحببت يا أماه أريك مكاني ومضجعي ومكان أصحابي)

فبكت أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها بكاء الثكلى وهذ تقول :

وااحسيناه – وولداه

فقبض الإمام الحسين قبضة من تربته وأعطاها أم سلمه وقال لها

يا أماه إخلطي هذه التربة بالتربة التي لديك فإذا رأيت القارورة تفور فتيقني قتلي بمعنى تأكدي من أني قتلت

سألته أم سلمه ومتى يكون ذلك ياولدي وهي تنتحب من البكاء قال لها الإمام الحسين عليه السلام

يكون ذلك في يوم عاشوراء وهو اليوم العاشر من محرم بعد صلاة الزوال

فعليك السلام ورضي الله عنك يا أماه برضانا عنك

إعــداد / وفــيــه الـعـمـري

إنتهت محاضرة اليوم ولنا لقاء المحاضرة القادمة

/////////////////////////////////////////////////

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى