تجارة الادوية
بقلم _ الصحفي
وسام البديري
تعد تجارة الادوية الاولى على مستوى العالم باكمله من حيث حجم التجارة والتي يتم التحكم بها بواسطة شركات لا تتجاوز 20 شركة في احسن الاحوال بمعنى اخر هي G20 ولا تنافسه اي تجارة اخرى لا السلاح و لا الغذاء والمحاصيل الاستراتيجية ولا اي شيء اخر نهائيا حيث تشير الارقام التقريبية الى اكثر من 1،5 ترليون دولار حتى ان ارباح بعض هذه الشركات شهريا يصل الى 5 مليار دولار
والادهى ان هذه الشركات غير مستعدة لتقديم الدواء بسعر مخفض ولو تعرضت شعوب باكملها لوباء ما بل على العكس لطالما كانت بلدان وشعوب بعينها في افريقيا مثلا حقلا للتجارب لهذه الشركات
وباشراف وتنسيق مع القوى المسيطرة في تلك الدول كالحكومات الفاسدة !! و قواعد الدول الكبرى الموجودة في الدول الضعيفة
والكارثة ان كل شيء في النهاية يخضع للمساومات وتقسيم مناطق النفوذ حتى الدراسات الطبية المتخصصة حول الادوية واعراضها الجانبية وهذا ما تناولته يوما المجلة الطبية الشهيرة ( Lancet)، بتقرير مفاده أن شركات الأدوية تضلل الأطباء وتتحايل على الجهات الحكومية المنظمة لبيع العقاقير والأدوية، من خلال عدم نشرها للدراسات التي تظهر نتائج سلبية ضد العقاقير التي تصنعها. ففي عالم الدواء وبعد أن يكتشف الأطباء أن مادة كيميائية ما يمكنها علاج مرض ما أو التخفيف من أعراضه، يخضع العقار لسلسلة من الدراسات والتجارب على الحيوانات ثم على البشر، لإثبات مدى فاعليته وسلامته للاستخدام البشري. هذه الدراسات تتم في مراكز طبية عالمية، وتحت إشراف علماء وأطباء متخصصين في مجال المرض، ولكن غالبا ما تمول تلك الدراسات من قبل شركات الأدوية، لتغطية النفقات وتحقيق عائد مالي (ربح) للمركز الطبي ولباحثيه أيضا. هذا النظام خلق مشكلتين رئيسيتين، الأولى تتعلق بالفساد العلمي، والثانية تتعلق بملكية هذه الدراسات وسلطة اتخاذ القرار بنشر أو عدم نشر النتائج السلبية في المجلات العلمية المتخصصة.
في المشكلة الأولى أو مشكلة الفساد العلمي، يقوم بعض الباحثين أحيانا بتزوير النتائج، حتى لا يفقدوا ومعهم المركز الذي يعملون فيه، الدعم المالي الحالي أو المنح المستقبلية من شركة الأدوية. ومثل هذا السلوك يعتبر تصرفا غير قانوني ويقف عند حدود ارتكاب جريمة. إلا أنه نادر الحدوث في الواقع اليومي. ولكن بسبب هذه الشكوك في موثوقية وموضوعية نتائج بعض الدراسات العلمية في مجال الأدوية وغيرها من المجالات، قامت الجمعية الملكية البريطانية – أعلى جهة علمية في بريطانيا ويطلق عليها أحيانا أكاديمية العلوم البريطانية- ببدء تحقيق شامل في مصداقية نتائج البحوث والدراسات العلمية وفي الكيفية التي تصل بها نتائجها إلى عامة الناس. فعلى رغم أن الكثير من تلك النتائج قد نشر في المجلات العلمية المتخصصة، ومن بعدها في وسائل الإعلام الدولية والمحلية بأنواعها المختلفة، إلا أنه أحيانا ما يكتشف لاحقا أن تلك النتائج قد بنيت على ادعاءات كاذبة من قبل من قاموا بالدراسة، أو أنها قد استخلصت من دراسات لم تراعَ فيها الدقة العلمية المطلوبة ومعايير الجودة المتعارف عليها في الأوساط العلمية.
أما المشكلة الثانية والأكثر شيوعا في الممارسة، فهي امتناع شركات الأدوية (والمالكة للدراسة) عن نشر النتائج النهائية، إذا ما كانت تلك النتائج عكس ما ترغب فيه. هذا الوضع ينتج عنه في النهاية نشر البحوث التي تظهر فوائد العقار ومدى سلامة استخدامه فقط، وهي البحوث التي تستخدمها شركة الأدوية لتسويق الدواء بين الأطباء والمرضى، بينما تظل البحوث الأخرى التي أتت بنتائج عكسية حبيسة الأدراج. وغالبا ما يتم استخدام البحوث المنشورة المؤيدة لفاعلية الدواء والمقللة من مخاطره، لغرض تسويق الدواء للأطباء. حيث تعتمد استراتيجية الشركات في تسويق الدواء، على إقناع الأطباء بالفوائد العديدة والمخاطر القليلة للعقار الجديد. وكثيرا ما يتم ذلك من خلال حفلات عشاء فاخر في فنادق خمسة نجوم، تلقي فيها الشركات بكومة من البحوث والدراسات التي تثبت أن عقارها عقار معجزة. ولكن الغريب أنه بعد انقضاء سنوات الحماية الفكرية على الدواء، وانتهاء ملكية الشركة لحقوق الاختراع، تقوم الشركة نفسها بتجميع الأطباء أنفسهم، وربما في الفندق نفسه، لتلقي عليهم بكومة جديدة من البحوث التي تثبت أن عقارها الجديد الذي تم اكتشافه مؤخرا، يعتبر بديلا ممتازاً للعقار السابق. وتؤيد الشركة موقفها هذا بكومة أخرى من البحوث التي لم تنشر من قبل !! ويبقى السؤال وسط هذه الدوامة الكبيرة اذا كانت الدول التي تعتبر مقرات لشركات الادوية متعددة الجنسيات تعاني و تشخص الكذب و الخداع والتحايل لديهم اذن اين هو العراق من كل ما يجري ومن يوفر الحماية للمواطن ( المستهلك ) من جشع وسيطرة ونفوذ شركات الادوية و اذرعها المنتشرة في كل مكان في اكثر المجالات حساسية و تماسا بحياة المواطن العراقي الذي يبحث عن اجوبة لاسئلة كثيرة تبدا بلماذا يستغرق بناء مستشفى حكومي 17 عاما بينما المستثمر المدعوم حكوميا يبني مستشفى خمس نجوم في عامين باقصى تقدير ؟
ولماذا الوصفة في الحارثية و ساحة بيروت و ساحة الواثق الخ تسجل فارقا بنسبة تصل لخمسين بالمائة عن صيدلية بمنطقة شعبية ؟
ولماذا مستشفى حكومي يخدم منطقة سكنية مترامية الأطراف فيه جهاز واحد وعليه طابور وعدد محدد بينما في الاهلي تجد ما تشتهي الأنفس من الأجهزة ؟
و تستمر كلمة ( لماذا) تتردد على لسان المواطن ولا يسمع إلا الصدى