صبر زينب متجدد
بقلم _ أمة الرحيم الديلمي
ذات ليلة ومع انسدال السواد على السماء وهبوب رياح جافة قوية بدأ الاعصار بداخل قلبي ليقوى شيئا فشيئا ويمر إلى ذاكرتي فيجدد مشهد عميق أمام عيني ويجليه أمام ناظري.
جلست حينها من عظيم ماشاهدته أرضًا مصدومة ومتسائلة لما المشهد يتكرر؟!
مشهد لطالما عملت ومن حولي على نسيانه هاهو اليوم يتجدد أمامي
إني أرى الآن الشمس الخافتة والرياح التي تحرك الأوراق المتساقطة وأسمع جيدًا صوت تلك الطائرة وهي تحلق سريعًا.
إني أرى أطفالي يبكون مفزوعون من صوتها البشع ويسرعون إليّ خائفين يضجون بالبكاء فذهبت مسرعةً لنجدتهم ولكن سبقني إليهم ذاك الصاروخ اللعين.
نعم رأيته وهو يخترق سقف منزلي ويسرع نحو أولادي ولاتفصلني عنهم إلا بضعة أقدام، رأيته وهو يمر من أمامي ليخترق أجسادهم ويمزق أحشاءهم ويهشم عظامهم. ولكن بدأت الصورة تتعتم أمامي وبدأ جسمي يثقل شيئًا فشيئا إلى أن فقدت وعيي.
صحيت بعد ذلك وليتني لم أصحو فقد صحيت و بجانبي أمي وكانت تذرف الدوع المتوالية، فسألتها أين أبنائي؟! أين أبنائي ؟!
ولكن صمتها وانقطاع بكاؤها بثّ الرعب في قلبي فكررت سؤالي وكررته ولكنها كانت تبكي بشدة ولم تقوى على إجابتي.
جاء الطبيب إلينا فسألته مابالها لاترد أين أبنائي ؟!
فقال الطبيب لاتخافي هم في المشفى الآن فقط اهدئي ولتتشافي.
قطع حديثي معه أحد المسعفين وهو يصرخ كلهم استشهدوا كلهم استشهدوا.
هنيئا لك اختي كلهم في الجنة!!!!
تلك اللحظة وذاك الخبر مامن كلمات تقوى على شرح ما أحسست به فقد كان بالنسبة لي هو الطامة.
تذكرت حينها كلمات زوجي.
زوجي المجاهد عندما يؤكد عليّ بقوله: “أنه لابد لنا أن نصبر على ما أصابنا وعلى مارضي به الله لنا ومادمنا جيمعنا سنموت فلنستشهد في سبيل الله ولندعوا الله بذلك”.
نعم تلك الكلمات ربطت من جأشي وشدت من عزيمتي وجعلتني أدعو الله بما دعته زينب عليها السلام اللهم إن كان هذا يرضيك فخذ منا حتى ترضى، الحمد لله رب العالمين ولاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم.
حينها شعرت وكأن الله مسح على قلبي وبرد لهيبه وخف ضجيجه وأصبح آمنا مطمئنًا.
خرجت من المشفى وفي اليوم التالي كان تشييع أبنائي، كان ذاك يوم الوداع يومي الأخير مع أبنائي وبعدها لا لقاء لنا إلا جنات النعيم، ودعتهم وأحسنت وداعهم، ودعّتهم إلى مثواهم الأخير إلى جوار سيد الشهداء.
كان أهلي وأصدقائي بجانبي وما أفرحني حينها هو رؤيتي لزوجي بعد وقت طويل من جهاده ومرابطته، وحين رؤيتي له وكأني بدأت أضعف واتهاوى بين يديه باكية، ولكنه كعادته شحذ همتي وربط جأشي وأشعرني بفوزنا العظيم إن صبرنا وجاهدنا.
بعد مرور شهر على استشهاد أبنائي وفي تلك اللية المظلمة جاءني خبر استشهاد زوجي بعد مواجهة مشرفة مع عدو الله ولكنها مواجهة ترضي الله عنه ورسوله.
أعاد ذاك الخبر شريط استشهاد أبنائي بكل تفاصيله فلم أكد أنسى استشهاد فلذات كبدي حتى جاءني خبر استشهاد زوجي
ولكن تتجلى حينها ثمار تربية حيدر ويثمر بصبر وصمود زينبي لامثيل له ويترافق مع هذا الصبر احتساب الأجر والاستمرار على النهج وإكمال مابدأوه في مسيرة الحق.
#الحملة_الدولية_لفك_حصار _مطار _صنعاء
#اتحاد_كاتبات_اليمن