كنوز ميديا – تقارير
مازالت مافيات الفساد تتربص لصيد ثمين أمام أية مبادرة تطلق لفائدة الشعب العراقي واستغلالها لصالح منفعتها الشخصية، دون مراعاة لمعاناة المواطنين، وكان آخرها استغلال مبادرة رئيس الوزراء الأخيرة بمنح مادة الكاز مجاناً للمولدات الأهلية من أجل تشغيل مستمر خلال فترة الصيف اللاهب وارتفاع درجات الحرارة، حيث استطاعت هذه المافيات إيجاد ثغرة من خلال شراء ذمم ضعاف النفوس داخل مجالس المحافظات المسؤولة عن هذا الملف وتسجيل عشرات المولدات الوهمية، من أجل بيع الكاز في السوق السوداء وتهريبه الى إقليم كردستان، وبدورها قيام الأخير بتهريبها لتركيا وسوريا وبالتنسيق مع جهات ومسؤولين محليين داخل العراق .
حيث يتم تخصص مئات أو آلاف اللترات شهرياً لهذه المولدات، بسعر مدعوم، ومن ثم تقوم هذه العصابات ببيع مادة الكاز بأربعة إلى خمسة أضعاف السعر الرسمي، ورغم تشكيل لجان تحقيق في هذا الملف، لكنها لم تحقق أية نتائج فعلية، بسبب حماية سياسيين متنفذين.
وتعددت وسائل التهريب في طرق مختلفة منها عن طريق المحطات النفطية نفسها أو عن عبر ثقب الأنابيب الناقلة الموجودة في الطرق الصحراوية ومن ثم يتم نقلها عن طريق صهاريج، وهذا ما تم رصده في بداية العام الماضي أثناء تشكيل حملات مشددة أدت الى القاء القبض على العديد من المجرمين بالتواطؤ مع قادة أمنيين، ولكن مع انخفاض وتيرة هذه الرقابة زادت المافيات من عمليات التهريب في الآونة الأخيرة.
وفي هذا الشأن، يقول الباحث السياسي والأمني سعد الزبيدي: ان “عمليات تهريب الوقود ليست وليدة اللحظة بل كانت موجودة منذ عقود، حيث كان النظام المقبور يقوم بعمليات التهريب ابان فترة الحصار ويبيع النفط بأسعار زهيدة الى الدول الجوار، مضيفاً: “أما اليوم فان هذه الجهات التي تقوم بعمليات التهريب هي أيضا جهات سياسية متنفذة، ولديها شبكة عنكبوتية متغلغلة داخل مؤسسات الدولة ومنها وزارة النفط”.
وأشار الزبيدي الى ان “المولدات الوهمية يتم تسجيلها من قبل موظفين يعملون داخل مؤسسات الدولة، مقابل مبالغ مالية، ومن ثم يتم تهريب الكاز الى كردستان الذي أصبح ممراً لتدمير الاقتصاد العراقي، حسب تعبيره”.
وشدد الزبيدي في حديثه على “ضرورة تطبيق اجراءات أمنية صارمة على حدود المحافظات المجاورة لكردستان وتفتيش جميع الشاحنات المارة مع تدقيق جميع المستمسكات والوثائق الرسمية، كما أكد ضرورة الملاحقة القضائية الفورية لكل من يثبت تورطه، وتكثيف الرقابة على قوائم التوزيع والمستفيدين، بالإضافة الى تفعيل نتائج اللجان وتعزيز الشفافية أمام الرأي العام”.
كما عزا مختصون ازدياد عمليات التهريب الى أمور عدة منها سياسية وتنظيمية من خلال عدم تكاملية العلاقة بين المركز والإقليم وكثرة الخلافات السياسية، بالإضافة الى كثرة المنافذ الحدودية غير المرخصة في الإقليم مع تركيا وعدم خضوعها لرقابة الحكومة الاتحادية.
وفي ظل الأوضاع الاقتصادية والسياسية المتشابكة بين حكومة بغداد وأربيل، أصبحت كردستان تشكل نقطة ضعف في جسد العراق من خلال عملية تهريب النفط، بالإضافة الى إيواء المتورطين بالجرائم المختلفة، على الرغم من صدور مذكرات قبض بحق هؤلاء المجرمين.س222