الثبات على نهج الحسين عليه السلام: بين وهم التوبة وصدق النصرة

بقلم _ د. أحمد الخاقاني

الثابتون أنقياءُ أتقياء، لا يُغريهم مالٌ ولا يفتنهم جاه، ولا تستهويهم زينة الدنيا ومناصبها، أولئك الذين باعوا أنفسهم لله، فثبتوا على المبدأ، وصدقوا العهد.
وأما من تزلزلهم المصالح ويُطوّح بهم المال والجاه ورفعة زائلة ، فمشوّهون مذنبون، أينما ثقفوا كانوا سبب فتنة وفساد.
وفي هذا الزمان، تتكرّر صور الطف، وتنبعث أحداثه، وتُعيد للقلوب ذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام، فهو ومن معه مَثلُ الإيمان والثبات والوفاء، ويزيد ومن معه مَثَلُ الكفر والخيانة والتزلزل.
ولا يظنّ أحدٌ أن الأحداث التي تمرّ بنا لا صلة لها بكربلاء، بل هي صور تتجلّى من الطف العظيم، تُعرض علينا لنختبر فيها موقفنا وولاءنا.
وحين يوقن العبد أنه في اختبار دائم، وأن طفّ كربلاء ما زال قائما في صور متعددة، يكون أولى له محاسباته لنفسه: هل كنت من أنصار الحسين أم من الخاذلين؟
والنصرة الحقّة لا تكون بشعارٍ يُرفع، بل بنقاء السريرة، وتقوى الجوارح، والعمل الصادق، فهي خطّ سير العبد نحو الميزان المثقَل بالإحسان.
وأما من يتعمّد الذنب ويُمَنِّي نفسه بالتوبة بعد حين، فقَد يجيبه القدر بما جرى لابن سعد الذي باع آخرته بملك الري، فلم يُدركه، وخسر الحسين والدنيا والآخرة. ولو نال مُلك الري وتاب، فهل تُقبل توبة من تلوّثت يداه بدم الحسين؟ هيهات .
فلا يخدعنّ أحدٌ نفسه بأوهام التوبة المؤجّلة، مقابل معاص يستهين بها، فإن الحَكَمَ العدل، سبحانه، مطّلع على كل سرّ ونجوى، لا تخفى عليه خائنة الأعين، ولا تلتبس عليه النوايا، ولا يُخدع بشعارات، ولا ينسى من نصر الظالمين والخونة والسُراق ، وإن لبسوا عباءة الدين، وادّعوا نصرة المذهب والموالين.
صباحكم حُسينيٌّ، مبدئيٌّ، لا يَميل مع الريح، حتى نبلغ اللقاء بسيد الشهداء، عليه السلام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى