ازدواجية المعايير الأمريكية.. صفقة مع الإرهاب ومطالبة بنزع سلاح المقاومة
بقلم _ مبارك حزام العسالي
في مشهدٍ سياسي عالمي يزداد تعقيدًا وتناقضًا، تطل علينا الولايات المتحدة الأمريكية بمشهدٍ يثير الغضب والسخرية معًا، ليكشف زيف ادعاءاتها ومبادئها المزعومة. ففي الوقت الذي ترفع فيه واشنطن “جبهة النصرة” (هيئة تحرير الشام حاليًا)، التابعة لتنظيم الإخوان الإرهابي، من قائمة الإرهاب بشكل رسمي، نراها في ذات التوقيت تطالب بوقاحة بنزع سلاح المقاومة الوطنية في لبنان والعراق. هذا التناقض الصارخ ليس مجرد خطأ تكتيكي، بل هو تجسيد لسياسة أمريكية تعتمد على ازدواجية المعايير، وتكشف عن وجه قبيح لم تُعد تخفيه واشنطن.
صفقة مع الشيطان باسم المصالح!!
كيف يمكن لدولة تدّعي قيادة “الحرب على الإرهاب” أن تبرم صفقةً ضمنية أو علنية مع جماعة كانت حتى الأمس القريب مصنفة لديها ككيان إرهابي؟
إن رفع جبهة النصرة من قائمة الإرهاب ليس إلا دليلًا دامغًا على أن تصنيف “الإرهاب” في القاموس الأمريكي لا يعتمد على معايير أخلاقية أو قانونية دولية ثابتة، بل هو ورقة ضغط تُستخدم وتُلوّح بها وتُرمى جانبًا وفقًا للمصالح الجيوسياسية المتغيرة.
الهدف واضح: استخدام هذه الجماعات كأداة لتحقيق أهداف استراتيجية خبيثة في المنطقة. ربما ترى واشنطن في جبهة النصرة قوةً يمكن توظيفها لإضعاف أنظمة معينة لا تتوافق مع أجندتها، أو لخلط الأوراق في مناطق الصراع الساخنة. هذا التكتيك ليس جديدًا، فقد رأينا كيف دعمت واشنطن جماعات متطرفة في الماضي ثم انقلبت عليها عندما انتهى دورها أو خرجت عن السيطرة. هذه السياسة لا تؤسس إلا لمزيد من الفوضى والتطرف، وتغذي البيئة الخصبة لنمو جماعات إرهابية جديدة في المستقبل.
المقاومة.. تهديد أم حق مشروع؟
في المقابل، يتجه البوصلة الأمريكية نحو المقاومة اللبنانية والعراقية، مطالبةً بنزع سلاحها. هذه المطالبة ليست بريئة، بل هي جزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى إضعاف كل قوة قادرة على الوقوف في وجه الهيمنة الأمريكية والمشروع الصهيوني في المنطقة.
المقاومة في لبنان والعراق ليست جماعات إرهابية، بل هي قوى وطنية نشأت للدفاع عن أوطانها وسيادتها في وجه الاحتلال والعدوان.
إن حزب الله، على سبيل المثال، خاض معارك شرسة ضد الاحتلال الإسرائيلي وحقق انتصارات اعترف بها العالم؛ وفصائل المقاومة العراقية كان لها دور محوري في دحر تنظيم داعش الإرهابي الذي دعمته بعض الأطراف الإقليمية والدولية بشكل مباشر أو غير مباشر. هل الدفاع عن الأرض والعرض، ومواجهة الاحتلال والإرهاب، أصبح إرهابًا في المنظور الأمريكي؟
خاتمة: كفى ازدواجية!
إن هذه السياسة الأمريكية المتناقضة لا تخدم إلا أجندات الفوضى والتخريب.
إنها تفضح الوجه الحقيقي لواشنطن، التي تستخدم الإرهاب كورقة تفاوض وتضغط على المقاومة المشروعة. على العالم أن يرى بوضوح هذه الازدواجية الخطيرة، وعلى شعوب المنطقة أن تدرك أن حماية سيادتها ومستقبلها لن تأتي إلا من خلال تماسكها وصمودها، ورفض إملاءات القوى التي تسعى لزعزعة استقرارها لمصلحة أجنداتها الخاصة.
كفى ازدواجية يا واشنطن! فالتاريخ لا يرحم، والشعوب لن تنسى من دعم الإرهاب وناصب العداء للمقاومة.