“كنّ زينبيات فَشهدن… نساء صدّعن بالتكليف في وجه الطغيان”
بقلم _ الأستاذة إيمان الشيباني
في ظلال العقيدة الشيعية، لا يُعدّ التكليف الشرعي عبئًا يُلقى على عاتق المرأة، بل هو نداء إلهي تسمعه الأرواح المؤمنة، فتجيبه بحب واستبسال. فالمرأة في هذا المذهب ليست كيانًا تابعًا، بل كائنة مجاهدة يُنتظر منها، كما يُنتظر من الرجل، أن تقف حيث يأمرها الله وتغيب حيث يرضى عنها.
ولعلنا نرى مثالًا ناصعًا في الشهيدة بنت الهدى (آمنة الصدر)، التي أدركت أن واجبها الشرعي لم يكن مجرد الحجاب أو الصلاة، بل الجهر بكلمة الحق، وتربية جيل مقاوم، والانخراط في حركة الإصلاح الاجتماعي النسوي داخل الحوزة العلمية. أدّت تكليفها ببصيرة، حتى قدمت روحها فداءً للإسلام.
وكذا الشهيدة نورية جابر الغزال، التي صدعت في وجه النظام الصدامي الطاغي بكلمة الحق وشجاعة الإيمان. كانت ناشطة سياسية من محافظة البصرة، قاومت قسوة القمع والتنكيل، حتى استشهدت في سجون النظام بعد اعتقالها بتهمة الدفاع عن حقوق شعبها والمطالبة بالعدالة. لم تكن نورية مجرد ضحية، بل رمزًا للمرأة العراقية التي لم تخضع للاستبداد، بل وقفت بوجه الطغيان صامدة ومتمسكة بقيمها الدينية والاجتماعية، محتفظة بشموخها حتى اللحظة الأخيرة.
هؤلاء الشهيدات لم يكنّ مجرد ضحايا، بل نماذج للمرأة المكلّفة شرعًا التي فهمت أن الدين ليس طقوسًا فردية، بل موقفًا اجتماعيًا، وتحمّلًا للمسؤولية أمام الله والناس.
إن التكليف الشرعي للمرأة الشيعية ليس مفصولًا عن قضايا الأمة، بل متجذر فيها، ممتد من فاطمة الزهراء، إلى زينب الكبرى، إلى شهيدات العصر اللواتي حملن رسالة الولاية على أكتافهن، وسرن بها حتى الموت.