خور عبد الله سيادة وطنية تصارع الضغوط الدولية

كنوز ميديا – تقارير

بعد تزايد المطالب الشعبية بضرورة الغاء اتفاقية خور عبد الله الموقعة مع الجانب الكويتي، رضخت أخيراً الرئاسات الثلاث الى ضغوط الشارع العراقي وسحبت طعنها المقدم لدى المحكمة الاتحادية.

وأجمعت الرئاسات خلال اجتماعها على ضرورة قيام مجلس النواب بحسم الإجراء التشريعي المطلوب وحسب قرار المحكمة الاتحادية الذي أوجب إعادة تشريع قانون التصديق على الاتفاقية أصولياً، كما تم سحب طلب العدول المقدم من كل منهما إلى المحكمة، وذلك لانتفاء الحاجة بعد المضي بالمسار التشريعي، والتأكيد على التزام العراق بالاتفاقيات الدولية والمواثيق الأممية وقرارات مجلس الأمن.

ويعد خور عبد الله ليس مجرد ممر مائي ضيق يفصل العراق عن الكويت، بل أصبح رمزًا لملف معقّد تتداخل فيه السيادة الوطنية، والتنازلات السياسية، والتوازنات الإقليمية، فمنذ عام 1993، حين صدرت قرارات مجلس الأمن التي أعادت ترسيم الحدود بين العراق والكويت بعد غزو 1990، بقيت هذه المنطقة بؤرة للجدل، والغضب الشعبي، والإحساس العميق بالغبن.

في وقتٍ تتزايد فيه الشكوك الشعبية والرسمية حول أبعاد اتفاقية خور عبد الله، واتضح فيما بعد أن الأمر يتجاوز بانه مجرد تفاهم حدودي إلى ملف أكثر خطورة يتعلق بالتنازل عن السيادة الوطنية لصالح الكويت، الاتفاقية التي وقعت في ظروف غامضة وبمخالفة واضحة للإجراءات القانونية والدستورية، أصبحت اليوم رمزاً للانبطاح السياسي والانتهاك الخارجي لحقوق العراق البحرية.

وبينما تواصل الكويت، تمددها على حساب الحدود والمياه العراقية، يجد البرلمان نفسه، مضطراً للرد على هذه الإهانات بسياسات استجواب ومحاسبة، أملاً في إعادة الأمور إلى نصابها الوطني الصحيح.

وكان للجانب القانوني دور في كشف خفايا هذا الملف، حيث أكد القاضي وائل عبد اللطيف، ان “خور عبد الله عراقي صرف، ولا علاقة للكويت به مطلقاً”، مشيراً إلى أن “جلسة البرلمان التي شهدت التصويت على الاتفاقية لم تكن قانونية، إذ لم يكن هناك نصاب قانوني كافٍ، حيث بلغ عدد النواب الحاضرين ما بين 75 إلى 80 نائباً فقط”.

كما أشار إلى وجود تعمد في قضية ترسيم الحدود البحرية بين العراق والكويت، رغم أن الاتفاقية مدعومة باتفاقية فيينا وتم التوقيع عليها من قبل الجانبين.

ولفت الى ان ملف خور عبد الله لم يعد شأناً قانونياً فحسب، بل تحول إلى معركة سيادة وهوية وطنية، وعلى الجميع أن يدرك أن التهاون فيه هو خيانة موصوفة لدماء الشهداء ولحقوق الأجيال القادمة، حسب تعبيره.

ويبقى ملف خور عبد الله خطاً أحمر فيما يتعلق بالسيادة الوطنية، وان أي تخاذل من قبل الجهات السياسية أو التشريعية يعد خيانة عظمى لهذا البلد والتفريط بسيادته أمام الضغوط الخارجية التي تمارسها الكويت وسعيها في اغتصاب الأراضي العراقية بدعم أمريكي، حيث يحاول الأخير تقسيم الدول واضعافها أمام الرغبة الصهيونية والأموال الخليجية.

وفي هذا الخصوص، حذّر النائب جواد اليساري من التداعيات الخطيرة لاتفاقية خور عبد الله على السيادة والاقتصاد العراقي، مؤكداً أن بعض الجهات تحاول إنهاء العراق اقتصادياً من خلال التضييق عليه في منافذه البحرية.

وقال اليساري: إن “اتفاقية خور عبد الله لا تخدم مصلحة العراق بأي شكل، بل تمثل تهديداً مباشراً لسيادته الوطنية، خاصة في ظل محاولات خنق البلاد اقتصادياً من خلال تقليص منافذه البحرية الحيوية”، موضحا: أن “السيطرة على الممرات البحرية تمثل جزءاً أساسياً من أية سياسة تهدف لإضعاف العراق اقتصادياً”.

وأشار إلى أن “بعض الأطراف الداخلية والخارجية تعمل بصمت لإنهاء قدرة البلاد على تأمين حركة التبادل التجاري والاستراتيجي من خلال البحر”.

وأضاف: أن “المضي في الاتفاقية من دون مراجعة دقيقة يفتح الباب أمام تنازلات مستقبلية أخطر”، محذراً من أن “التهاون في هذا الملف سيؤثر بشكل مباشر على واردات الدولة، ويهدد الأمن الاقتصادي والاجتماعي في آنٍ واحد”.

ويبقى ملف خور عبد الله متعلقاً بالسيادة الوطنية، وليس موضع مساومة، والكرة الآن في ملعب البرلمان، للوقوف بالمرصاد ضد أي تحرك بهدف لتكريس هذه الاتفاقية على أرض الواقع دون توافق وطني ودستوري واضح.س222

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى