ضوابط التواصل الشرعي بين الرجل والمرأة في بيئات العمل والدراسة والمنصات الاجتماعية
بقلم _ الشيخ حسن عطوان
السلام عليكم أحبتي جميعا ..
⏹ كان قد سألني كثير من الأخوة والأخوات عن الحدود المسموح بها شرعاً في التواصل بين الرجل والمرأة في مواقع العمل أو الدراسة أو برامج التواصل الاجتماعي ، وفي غير ذلك من مجالات التواصل .
وطُلِب منّي إعادة نشر الجواب .
⏹ والجواب بإيجاز :
1️⃣ حثت الشريعة المرأة على الإلتزام بسترها وعفافها وحجابها وحيائها وصيانة سمعتها من كل مايخدش ذلك في كل المواقع .
يقول عز من قائل في كتابه الكريم :
( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَ بَناتِكَ وَ نِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ ) [ الأحزاب : ٥٩ ] .
أي : يعرفن بالعفة والإحتشام فلا يطمع بهن مَن يطمع فيؤذيهن بسلوك أو كلمة ممّا لا يليق .
ويقول تعالى ايضاً :
( وَ قُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَ يَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَ لا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ ما ظَهَرَ مِنْها وَ لْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ وَ لا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ … ) [ النور : ٣١ ] .
2️⃣ ينبغي للمرأة ألّا تتواصل مع الرجل الأجنبي بأي نحو من أنحاء التواصل إلّا إذا أقتضت الضرورة أو الحاجة العرفية المعتد بها ذلك ، وأنْ يكون هذا التواصل في مثل هذه الحالات مقتصراً على موارد الحاجة مع الإحتشام والحجاب والوقار .
يقول تعالى :
( وَ إِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَ قُلُوبِهِنَّ … ) [ الأحزاب : ٥٣ ] ،
وعدم الميوعة في الصوت والسلوك .
يقول جل وعلا :
( فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ ) [ الأحزاب : ٣٢ ] .
فالآية الكريمة تنهى عن أنْ ترقّق المرأة صوتها أمام الرّجل الأجنبي وأنْ تلين له الكلام بالممازحة والمفاكهة والضّحك وما شابه ذلك ، فإنّه حرام بلاشك .
وقد دلَّت الروايات ايضاً على حرمة مفاكهة وممازحة المرأة للرجل الأجنبي .
فقد روي عن رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) أنه قال :
( مَن صافح امرأة حراماً جاء يوم القيامة مغلولاً ثُمَّ يُؤمَر به إلى النّار ، ومَن فاكه امرأة لا يملكها حبسه الله بكلّ كلمة كلّمها في الدّنيا ألف عام ) .
هذا فضلاً عن حرمة وضع بعض النساء في صفحاتهن صور غير محتشمة أو عبارات لاتناسب حشمة المرأة المؤمنة .
3️⃣ لو حصل مع كل هذا التحفظ إنجذاب ما ، فيحرم أنْ يتمظهر بأي سلوك ولو بكلمة ، أكثر مما هو مسموح به في تعامل المرأة مع الاجنبي عنها ، فإنْ رغبا بالزواج فليتقدم لها ، وبعد العقد عليها فهي زوجته ، وإلّا فأيّ تصرف أو كلمة خارج هذا الإطار فهي حرام شرعاً ، هذا اذا لم تكن متزوجة .
أمّا تواصل المتزوجة مع الاجنبي في غير الضرورات والحاجات العرفية المعتد بها – كما يُنقل لي أنّه حاصل هذه الايام – فتلك طامة كبرى وجريمة تُنْبيء عن تدهور اخلاقي مروع !
4️⃣ تصلني كثير من المشاكل والحالات المخجلة والتي قد تؤدي الى هتك سمعة المرأة وأهلها بسبب تهور المرأة ووثوقها بمن لا يستحق الثقة ، كعقد البنت بدون علم أهلها – دائماً او مؤقتاً – بحجة إضفاء الشرعية على التواصل ، ولكي يكون الكلام حلالاً ، وما الى ذلك من حجج تبريرية ، غالباً ماتؤدي الى الإنزلاق فيما هو أسوء .
وعقد البكر بدون إذن الولي باطل على ما هو المشهور عند الفقهاء ، وكل ما يترتب على ذلك هو محرم شرعاً .
فنصيحتي لبناتي ألّا يتورطن في مثل ذلك ، لاسيّما وأنَّ بعضهم يستغل هذا العقد فلا يطَلِّق ولا يهب المدة ، فيقف حجر عثرة أمام زواج مثل هذه البنت ، وتقف حائرة بماذا تجيب اهلها ، وقد فعلت ما فعلت بدون علمهم .
وفي الغالب – ولمجرد شهوة شيطانية عابرة – يضيع عليها مستقبلها في زواج دائم مستقر نتمناه لكل بناتنا .
5️⃣ وعلى ضوء ذلك يُعْرَف الجواب في الحدود المسموح بها من التواصل على صفحات التواصل الاجتماعي ، وكثير مما هو حاصل من التواصل لغير ضرورة أو حاجة عرفية معتد بها هو محرم شرعاً .
6️⃣ ونصيحتي لأخواتي وبناتي عدم فتح صفحات خاصة بهن وطلب صداقات من الرجال ، بل ومن النساء غير المأمونات إلّا في حدود الضرورة القصوى كباحثة في علم ومحتاجة جداً للتواصل مع المتخصصين في ذلك العلم ، ولا ينخدعن بتسويلات الشيطان ، فقد يستغل الشيطان حتى العناوين المقدسة كالعمل الدعوي والتواصل مع الاخرين لهدايتهم !
وقد نُقل عن أحد الحكماء أنّه قال :
” يخيفني الشيطان حينما يأتي ذاكراً اسم الله ” .
وإلّا فالتواصل حتى عندما يكون تحت غطاء هذه العناوين فغالباً ما يكون مقدمة لحرام إلّا من عصم الله سبحانه .
7️⃣ وأوجه كلامي للرجال ايضاً من اخواني وأبنائي أنْ يلتزموا بالحدود المذكورة أعلاه ،
وألّا ينساقوا وراء تبريرات واهية لا تعدو أنْ تكون عبارة عن تسويلات شيطانية .
لا تنسوني بدعائكم .