لدينا سلاح منفلت… نعم، ولكن!
بقلم _ ضياء ابو معارج الدراجي
نعم، الحقيقة التي لا يمكن إنكارها أن السلاح المنفلت موجود في العراق، ولكن ليس كما يصوّره البعض أو كما يُراد تسويقه من جهات داخلية وخارجية. فالسلاح المنفلت ليس حكرًا على طائفة دون أخرى، ولا على قومية دون سواها. كل المكونات، دون استثناء، تمتلك سلاحًا ينتظر الفرصة للانقضاض على المكون الأكبر، لا حبًا في العدالة، بل طمعًا بالسلطة، وبذرائع تتبدل بين المظلومية حينًا، والعلمانية والمدنية حينًا آخر.
العجيب – أو لنقل الفاضح – أن كل دعوات نزع السلاح تتوجه نحو جهة واحدة فقط: المكون الأكبر. وكأن البقية مجرد رعايا مسالمين، لا يحملون سلاحًا ولا يتآمرون. وكأن المشكلة في من يدافع لا من يهاجم، في من يحمي عرضه وأرضه لا من يتربص به.
منذ سقوط الصنم، لم نرَ هذا المكون يدخل حربًا للاعتداء على أحد، بل دخل كل معاركه دفاعًا عن نفسه، عن وجوده، عن شعبه، عن مشروعه الذي يُراد وأده كل مرة تحت مسميات ناعمة ظاهرها بناء الدولة، وباطنها تصفية وجوده.
وبسبب هذا السلاح الذي لا يُستخدم إلا عند الضرورة، استطاع هذا المكون أن يفرض معادلة ردع عسكري جعلت السيطرة الميدانية في الغالب له، لا لأنه متعطش للحكم أو يريد إذلال أحد، بل لأنه ببساطة لا يسمح لنفسه أن يُذل مرة أخرى.
ولو أراد أن يُسخّر هذا السلاح لفرض سلطته على أي بقعة في العراق لفعل، ولكنه لم يفعل ولن يفعل، لأن فطرته الراسخة ترفض الظلم، وترفض استباحة الآخرين. هو يحتفظ بسلاحه لأنه يعرف أن الغدر كثير، وأن التآمر لا يهدأ، وأن خصومه – بكل مشاربهم – لا ينتظرون إلا لحظة الضعف لينقضوا عليه.
فمن يتحدث عن نزع السلاح، عليه أن يبدأ بنزع سلاح المكونات الأخرى أولًا، وإلا فإن أي حديث عن “نزع السلاح” سيكون مجرد محاولة جديدة لتجريد المكون الأكبر من حقه المشروع في الدفاع عن نفسه، ليُساق بعدها إلى مذابح جديدة تحت شعارات براقة، كما سُبق لها في مراحل التاريخ.
السلاح المنفلت مشكلة نعم، لكن المشكلة الأكبر أن نغض الطرف عن سلاح المتربصين ونُسلِّط الأضواء فقط على سلاح الذين دافعوا عن العراق يوم تخلّى عنه الجميع.
ضياء ابو معارج الدراجي