سلسلة مقالات غرب اسيا (اليمن)حلقة ٦٤

كنوز ميديا _ متابعة 

 

تصاعد النشاط الاستخباراتي الأميركي في اليمن.. رسائل تهديد أم استعداد لمواجهة؟

 

شهدت الأجواء المحيطة باليمن خلال الأيام الأخيرة نشاطًا استخباراتيًا أمريكيًا متزايدًا، في تحرك يعكس على الأرجح تغيرًا في المقاربة العسكرية لواشنطن تجاه المنطقة، وسط تصاعد التوترات في البحر الأحمر والسواحل الغربية.

وخلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، رُصدت طائرات استطلاع وتجسس أميركية متقدمة تنفذ طلعات مكثفة في أجواء اليمن ومحيطها الجغرافي، ما يعيد إلى الواجهة احتمالات استئناف العمليات العسكرية، هذه المرة ضد مواقع تابعة للقوات المسلحة اليمنية، بعد فترة من الهدوء النسبي الذي تخللتها تفاهمات غير معلنة وجهود وساطة إقليمية.

 

❖ عودة طائرات التجسس المتقدمة

 

رُصدت طائرات استطلاع أميركية من طراز RC-135V Rivet Joint، وهي من أكثر الطائرات تطورًا في مجال التنصت الإلكتروني واعتراض الاتصالات، إلى جانب الطائرة المسيّرة بعيدة المدى MQ-4C Triton، التي تُستخدم في مراقبة السواحل والمياه الإقليمية.

انطلقت هذه الطائرات من قواعد جوية في السعودية والإمارات، وهو ما يثير التساؤلات حول التنسيق العسكري القائم في الإقليم، والأهداف التي تسعى واشنطن إلى تحقيقها عبر هذا النشاط المكثف.

 

❖ تكتيك التخفي.. مؤشر خطر

 

اللافت أن هذه الطائرات، وعند اقترابها من الأجواء اليمنية، وخاصة فوق مناطق مثل صنعاء أو البحر الأحمر، تقوم بإغلاق أنظمة التتبع(ADS-B)، وهو سلوك شائع عند دخول مسرح عمليات أو التحضير لعمل عسكري.

هذا التكتيك يشير إلى أن الطلعات الجوية ليست مجرد عمليات مراقبة روتينية، بل قد تكون جزءًا من تحضيرات أولية لضربات جوية أو عمليات عسكرية محددة الأهداف، بما يشمل الاستطلاع التكتيكي، جمع الإحداثيات، ورصد الاتصالات.

 

❖ من الهدوء إلى التصعيد.. ما الذي تغيّر؟

 

يأتي هذا النشاط بعد فترة من الهدوء النسبي الذي ساد الأجواء الإقليمية خلال الشهور الماضية، ما يوحي بوجود تغير في الاستراتيجية الأميركية، أو على الأقل محاولة لإعادة التموضع والرد على التطورات الأخيرة.

ويُعتقد أن هذا التصعيد الاستخباراتي مرتبط بشكل مباشر برد فعل أمريكي على عمليات القوات المسلحة اليمنية في البحر الأحمر، والتي هدفت إلى حماية السيادة الوطنية ومنع التجاوزات البحرية ومنع السفن من الوصول إلى موانئ الكيان الصهيوني.

 

❖ تصعيد أميركي محتمل

 

التحركات الأميركية الأخيرة تفتح الباب أمام احتمالات تصعيد جديد قد يستهدف مواقع يمنية تحت مبررات واهية، خصوصًا في ظل غياب أي موقف واضح من واشنطن تجاه احترام سيادة اليمن، وتجاهلها المتكرر لحقيقة أن ما تقوم به القوات المسلحة اليمنية يأتي في سياق الردع المشروع والدفاع عن المصالح الوطنية.

إن تكثيف الاستطلاع الجوي وتفعيل الأدوات الاستخباراتية لا يمكن فصله عن سيناريوهات تصعيد محتملة، خاصة إذا فشلت الضغوط السياسية والإعلامية في كبح الزخم الميداني الذي أحرزته القوات اليمنية.

 

➢ ختاماً،عودة الطائرات الأمريكية المتقدمة إلى سماء المنطقة لا تبدو مجرد صدفة.

فكل المؤشرات تدل على تحول في نوايا واشنطن، إما عبر التلويح بعمل عسكري أو عبر الضغط الميداني في محاولة لإعادة رسم قواعد الاشتباك في البحر الأحمر.

لكن الواضح أيضًا أن القوات المسلحة اليمنية باتت تملك من الخبرة والجاهزية ما يجعلها قادرة على التعامل مع أي سيناريو، مهما كانت درجة التهديد، وهو ما قد يجعل أي مغامرة عسكرية غير محسوبة ذات كلفة عالية وغير مضمونة النتائج.

مركز بدر للدراسات الاستراتيجية

٢٠٢٥/٧/١٢

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى