كنوز ميديا / تقارير
الناهبون للأموال من المفسدين والمرتشين، ولا سيما المدعومين حزبياً، يواجهون أحكاماً مخففة وإفلاتاً من العقاب تحت مصطلحات ما أنزل الله بها من سلطان، فتارة “رأفة بشبابه” وأخرى لـ”كبر سنه”، وهكذا، ليجري تمييع فساد بمليارات الدولارات وسط عجز قوانين العقوبات وتهالكها لقدمها وعمليات الالتفاف عليها من قبل المفسدين وداعميهم.
وقال رئيس لجنة عمداء القانون وعميد جامعة بابل، الدكتور ميري كاظم الخيكاني، إن “الأحكام القضائية ترتبط بقانون العقوبات أو أي قوانين عقابية أخرى، كقانون العقوبات 111 لسنة 69 كما أن هناك قرارات تصدر من قبل السلطات المختصة في جريمة معينة”.
وأضاف، أن “قرار مجلس قيادة الثورة المنحل 160 لسنة 83 قرار ذو صبغة عقابية بفقرتين، الأولى أشارت إلى انتحال الصفة والفقرة الثانية تتعلق بجريمة الرشاوى، وشدد المشرع في حينها بعقوبة الرشاوى في الفقرة الثانية بالسجن مدة لا تزيد على 10 سنوات وبغرامة مالية، وبالتالي فإن عقوبة القرار 160 لسنة 83 عقوبة شديدة”.
وأشار إلى “صدور قانون رقم 6 لسنة 2010 الذي عدل الغرامات الواردة في قانون العقوبات العراقي باعتبار أنه صدر منذ أمد بعيد في سنة 1969 حين كانت المبالغ الواردة فيه تعد غرامات عالية والعملة العراقية كانت مرتفعة جداً، فبقدر تعلق الأمر بالأحكام القضائية والقرار 160 لسنة 83 في الجناية الغرامية، فإنْ حكم القاضي بالسجن، فهو يحكم إلى جانب السجن بالغرامة بمبلغ لا يقل عن مليون دينار ولا يزيد على عشرة ملايين دينار”.
وبين الخيكاني أنه “لا يجب أن نخلط بين العقوبة التكميلية أي الغرامة والمبالغ التي تم اختلاسها، أو تسبب المجرم بهدر المال العام، فبعد أن يكتسب الحكم الدرجة القطعية تستطيع الجهة أو المؤسسة الحكومية المتضررة أن تراجع المحاكم المدنية للمطالبة بالمبالغ المترتبة بذمة المتهم، ويسمى مجرماً كون الحكم عليه اكتسب الدرجة القطعية، والغرامة التي حكم بها القاضي تذهب إلى الخزينة العامة للدولة”.
من جانبه، أشار المحلل السياسي واثق الجابري في تصريح إلى أن “قضية الفساد المستشري وعدم محاسبة الفاسدين يعودان إلى عاملين هما القانون والقيم التي تتعلق بالفرد وأحياناً بالأحزاب والجهات السياسية، فحتى إن كانت العقوبات القانونية صارمة وتكتسب الدرجة القطعية في الحكم إلا أن ضعف المنظومة القيمية لدى الجهات السياسية يؤدي إلى عدم تطبيق القانون أو استغلال النفوذ للتحايل عليه”.
وبين أن “هدر المال العام ليس مسؤولية شخصية ليتم التنازل عنه، لذا لابد للجهات الحكومية من أن تتعاون مع الادعاء العام لتطبيق العقوبة، لا سيما أن الانتهاكات أغلبها تطول مؤسسات الدولة، ولكن مع الأسف هناك تشريعات أتاحت لوجود الفساد كطبيعة الاستثمارات فضلاً عن ربط الهيئات المستقلة والرقابية بالحكومة، وبالتالي فإن الحكومة تراقب وتحاكم نفسها، لذا يجب أن يتم الفصل بين المؤسسات، فالتداخل بين السلطات استخدمته بعض القوى للتحايل على القانون والتمادي في الفساد”.