كنوز ميديا / تقارير
بين أروقة مجلس النواب، ثمّة محاولات سياسية ارتقت لتتحوّل إلى قانون، تراه بعض القوى بأنه محاولة لـ”الالتفاف” على قرار المحكمة الاتحادية الذي ألغتْ بموجبه قانون النفط والغاز المعمول به في إقليم كردستان.
ويستعد التحالف الثلاثي لإقرار قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي، وسط تحذيرات سياسية قد تصل إلى مستوى الطعن به لدى المحكمة الاتحادية، على خلفية “أبواب” في القانون قيل إنها ستكون نافذة لـ”شرعنة سرقة قوت الشعب”.
وبينما يواصل التحالف الثلاثي مساعيه لتمرير القانون المثير للجدل، أصدر الإطار التنسيقي بيانًا جددَّ فيه “وقوفه مع أصحاب الدخل المحدود والطبقات المحرومة”، داعيًا مجلس النواب إلى “مناقشات وإيجاد حلول جادة للإسراع بتشريع القوانين اللازمة بما يجيز له على وفق الآليات التي بينتها المحكمة الاتحادية خلال مدة حكومة تصريف الأمور اليومية”.
ووجّه الإطار التنسيقي، دعوة إلى وزارة المالية، طلب فيها “بإرسال مسوّدة الموازنة الاتحادية من أجل الاطلاع عليها والبحث في معالجة جميع المشاكل واستكمال التخصيصات للجميع وليس لفئة دون أخرى”.
وحذّر الإطار في بيانه، من محاولات الالتفاف على قرار المحكمة الاتحادية بخصوص نفط كردستان والمجاملة السياسية على حساب قوت الشعب.
وقررت المحكمة الاتحادية بجلستها المنعقدة يوم 15 أيار الماضي، إلغاء مشروع قانون الأمن الغذائي، الذي أثار جدلًا سياسيًا وشعبيًا واسعًا، وذلك بعد الدعوى القضائية التي قدّمها النائب باسم خشان.
وبموجب قرار المحكمة، فإنّها قد توّصلت إلى أنّ “حكومة تصريف الأمور اليومية تعني بأنّها تلك الحكومة المتحوّلة من حكومة طبيعية بكامل الصلاحيات إلى حكومة محدودة الصلاحيات، وبهذا يُعد مجلس الوزراء مستقيلاً ويُواصل تصريف الأمور اليومية التي تتضمّن اتخاذ القرارات والإجراءات التي من شأنها استمرار عمل سير المرافق العامة بانتظام وديمومة واستمرار تقديم الخدمات للشعب، ولا يدخل ضمنها القرارات التي تنطوي عن أسباب ودوافع سياسية ذات تأثير كبير على مستقبل العراق السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ولا يدخل ضمنها اقتراح مشاريع القوانين وعقد القروض أو التعيين في المناصب العليا للدولة والإعفاء منها أو إعادة هيكلة الوزارات والدوائر”.
وما هي إلا ساعات على إعلان المحكمة الاتحادية قرارها “الحاسم”، بإلغاء تشريع قانون الأمن الغذائي، حتى انهالت أطراف سياسية “مستفيدة” من المشروع، على القضاء والقوى التي حالت دون تمريره.
ويعود ذلك بحسب مراقبين للشأن السياسي، إلى شقّين، أولهما إيقاف “الهدر المالي” الذي كان يُراد منه “إتخام جيوب” قوى ضالعة بالأزمة السياسية الراهنة، و”مستفيدة” من حكومة تصريف الأعمال.
أما الشق الآخر، فهو “تحجيم” حكومة مصطفى الكاظمي، التي لم يعد بمقدورها الاستمرار في ظل التداعيات الحالية، كما كان مخططًا لها من قبل التحالف الثلاثي، الذي عوّل كثيرًا على استمرار هذه الحكومة، للمناورة سياسيًا في حال فشله بتشكيل حكومة “إقصائية”.
بيد أن التحالف الثلاثي لم يلتزم على ما يبدو بقرار المحكمة، حيث عمل على إعداد مسودة أخرى داخل قبّة البرلمان، لتمرير قانون الأمن الغذائي بغطاء تشريعي.
وعن ذلك، يقول الخبير القانوني علي التميمي إن “تشريع قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية، وبعد أن تمت موافقة ممثل الحكومة في البرلمان على التشريع وعدم الطعن فيه عند تشريعه سيُمرر ويُحصن عند الطعن به لاحقًا”.
ويضيف التميمي: أن “مشروع القانون يحتاج إلى التركيز على أهداف محددة، منها دعم البطاقة التموينية والفقراء والزراعة ومواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية”.
ويرى أن “هذا القانون يحتاج أيضًا الى أن يُبين تفاصيل أكثر عن الحسابات المالية التي أوجدها وأن يحدد مواردها بدقة، ومواطن صرفها والابتعاد عن الاقتراض الخارجي والاعتماد على واردات النفط والزيادة فيها”.
ويردف قائلًا: “هذا القانون بحاجة إلى توسعة أكثر وتفاصيل أشمل بدلًا من هذا الاقتضاب الذي لا يليق باسم القانون، كما أن اسم القانون ينبغي استبداله لكي يكون مختصراً حتى يسهل تطبيقه على أرض الواقع”.
ووفقًا لمصادر سياسية، فإن التحالف الثلاثي يعوّل على خطتين (A – B)، تقضي الأولى باستمرار “العناد السياسي” والتمسّك بمحاولة تشكيل حكومة تقصي الأطراف السياسية الأخرى، وهو ما لم يفلح به التحالف حتى الآن، فيما تقضي الخطة الأخرى بأن يستمر الثلاثي بالعمل البرلماني، في ظل استمرار حكومة تصريف الأعمال، لكن ذلك كان مرهونًا بتمرير “موازنة مصغّرة” على شكل مشروع قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي.