كنوز ميديا / تقارير
لا تزال السفيرة الامريكية تثير الجدل بين الأوساط الشعبية والسياسية العراقية بسبب تحركاتها وتصريحاتها، خارج القوانين والأعراف والأطر الدبلوماسية المتعلقة بعمل السفراء في بلدان العالم، اذ اصبح واضحاً للعيان أن عمل السفيرة في بغداد الينا رومانسكي يتعدى كونه تمثيلا سياسيا ودبلوماسيا للولايات المتحدة الامريكية في البلاد، من خلال جولاتها ولقاءتها المكثفة مع مسؤولين ورؤساء أحزاب وشيوخ عشائر، وتدخلها بجميع شؤون البلاد السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وهو ما يفسره مراقبون ان مهمتها تعدت المهام الرسمية لتمنح نفسها مرونة في التحرك وايصال رسائل لجميع الأطراف السياسية بما يخدم المصالح الامريكية في العراق.
ولم تتوقف رومانسكي عند حدود التدخل الاقتصادي والسياسي بل اخذت موقع المتحدث الرسمي باسم القوات الامريكية في البلاد، وباتت توضح العمليات العسكرية التي يقوم بها جيشها في البلاد، وتبرر الجرائم التي تُرتكب ضد قوات الحشد الشعبي، وهو خارج سياقات العمل الدبلوماسي وبالتالي يجب على الحكومة العراقية اتخاذ موقف رسمي من تلك التدخلات السافرة والتعدي على سيادة البلاد.
وكانت السفيرة الامريكية في بغداد قد نشرت تغريدة لها على منصة “أكس” بعد العملية الإرهابية ضد قوات الحشد الشعبي في محافظة كركوك، مؤكدة ان القصف يعتبر دفاعاً عن النفس وان قواتها مستمرة بتلك العمليات لحماية القواعد العسكرية وقوات التحالف الدولي، وان العملية تمت بعد ابلاغ القوات العراقية.
تغريدة السفيرة ولدت حالة من الغضب بين الأوساط السياسية والشعبية على حد سواء والتي طالبت بطردها من البلاد واغلاق مقر السفارة، مؤكدين انها تستفز العراقيين وتستخف بدماء الشهداء الذين سقطوا ضحية العمليات الاجرامية التي ارتكبتها القوات الامريكية، مؤكدين ان استمرار القصف يعني فتح جبهة حرب مباشرة مع المقاومة الإسلامية العراقية.
المحلل السياسي حسين الكرعاوي أكد أن “هناك جهات سياسية تقف من الخندق الأمريكي، وتدعم وجود قواته في العراق، وبالتالي سمحوا للسفيرة ان تتحرك بأريحية تامة وان تتجاوز حدودها القانونية”.
وقال الكرعاوي في تصريح لـه إن “السفيرة الامريكية الينا رومانسكي تدير مشروعا تخريبيا في البلاد، وعلى الحكومة التحرك قانونياً من اجل إيقاف تحركاتها المشبوهة، التي باتت تهدد الامن والاستقرار”.
واتهم الكرعاوي “القوات الامريكية بالبحث عن مصلحتها وهي لا تهتم لمصلحة الشعب العراقي، محذراً من عمليات إجرامية جديدة تستهدف قوات الحشد الشعبي”.
وأوضح أنه “لا يوجد حل للخلاص من الاحتلال الأمريكي الا بالمواجهة العسكرية والسياسية، وان الطرق الدبلوماسية والقانونية لم تعد تجدي نفعاً وخير دليل هو قرار البرلمان عام 2020 الذي يقضي بخروج القوات الامريكية ولم تلتزم به نهائياً”.
مراقبون أكدوا ان تمادي السفيرة الامريكية سببه ضعف سياسة العراق الخارجية، وهناك حاجة ضرورية الى إعادة النظر بهذه المنظومة، خاصة ان وزارة الخارجية لم يكن لها موقف واضح من التحركات والتجاوزات الامريكية، الامر الذي شرع الأبواب امام بقية الدول في التمادي على العراق.
وفي وقت سابق حذرت المقاومة الإسلامية العراقية من الدور الخبيث للسفارة الامريكية في بغداد وانها تمارس التجسس والتآمر على العراق والمنطقة، وان السفيرة الينا رومانسكي تريد نشر العادات والتقاليد الدخيلة على المجتمع العراقي، وبالتالي يجب اتخاذ خطوات تصعيدية ضد تلك التحركات.
من جهته يرى المحلل السياسي اثير الشرع ان “هناك دوافع ومبررات جعلت السفيرة الامريكية تتدخل بشؤون العراق وتخالف القواعد والسياقات، مؤكداً ان مهام رومانيسكي تمددت في البلاد ودول المنطقة”.
وقال الشرع في تصريح لـه أن “الولايات المتحدة تحاول ان تمنح نفسها الشرعية في قصف قوات الحشد الشعبي، بالإضافة الى أنها تعطي مبررات للوجود الأمريكي في العراق”.
وأضاف أن “التصريحات الامريكية الأخيرة سيكون خلفها بعض العمليات ضد قوات الحشد الشعبي، لذلك فأن حديث رومانسيكي هو لإضفاء الشرعية على تلك العمليات الاجرامية”.
وأشار الى ان “من حق الشعب العراقي ان يدافع عن تواجده ونفسه من الاحتلال، مؤكداً ان القوات الامريكية باتت تهدد السلم الأهلي، ويجب اخذ خطوات تصعيدية ضد الوجود الأجنبي في البلاد”.
وبين أن “هناك أطرافا داخلية تدعم العمليات الامريكية لأن وجود الحشد الشعبي خرب مخططاتها، مشيراً الى ان الولايات المتحدة تريد ان توقف ضربات المقاومة عبر قصف الحشد الشعبي، لكن هذا لن يتحقق نهائياً”.
ويبدو ان الفشل الأمريكي بإيقاف ضربات المقاومة العراقية تجاه قواعدها ومؤسساتها في العراق وسوريا، جعلها تبحث عن وسائل جديدة للتخلص من الاستهداف الذي بات يهدد وجودها ومصالحها، وبالتالي فأنها وبحسب مراقبين تريد خلق فجوة بين الحكومة والمقاومة عبر تصريحات تضليلية تستطيع من خلالها خلط الأوراق وفتح جبهة مواجهة عراقية ـ عراقية.
يذكر ان البنتاغون صرح على خلفية استهداف قوات الحشد الشعبي في كركوك أن العملية تمت بالتنسيق مع القوات الأمنية العراقية، بالإضافة الى تغريدة السفيرة في بغداد والتي اكدت الشيء ذاته، وبالتالي فأن السيناريو الأمريكي الجديد هو اشغال المقاومة العراقية بصراع داخلي من شأنه إيقاف عمليات القصف ضد القواعد الامريكية.