بقلم // حسين فلسطين

منذ أن سيطر عملاء الغرب على مقاليد الحكم في الدول العربية والإسلامية تمكن الاستعمار من تمييع القضية الفلسطينية ، بأساليب ماكرة تناغم الشعور العربي والإسلامي المنزعج جراء اغتصاب فلسطين واحتلال أراضيها و تدنيس مقدساتها من قبل الصهاينة وذلك من خلال الإسهاب في رفع شعارات فارغة تنادي بتحرير الفلسطينيين من قبضة الاحتلال الإسرائيلي.
كان الإصرار السلطوي العربي على تحويل القضية الفلسطينية من قضية إسلامية إلى مسألة عربية أولى عمليات اغتيال فلسطين المحتلة من خلال تحجيم الأمر وحصره في خانة القومية الزائفة التي طالما رددها زعماء عرب عرف عنهم التآمر والعمالة للكيان الصهيوني وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية والذي افضى إلى احتلال تام لجميع الأراضي الفلسطينية وتأسيس ما يعرف بالكيان الإسرائيلي وعاصمته “تل أبيب” !
ولأن الباب القومي كان النافذة الوحيدة لتعبير الشباب العربي عن مدى تعاطفهم مع الشعب الفلسطيني، انصهر أغلب العرب في صراعه مع الصهيونية في حركات قومية وشيوعية و رأسمالية لم تتمكن من تحقيق ايّ تقدم يذكر في مسألة الصراع مع الاحتلال ، إلى حين قيام الثورة الاسلامية في ايران عام (١٩٧٩) بقيادة الزعيم الشيعي الراحل الإمام روح الله الخميني والتي كانت أولى متبنياتها تحرير المقدسات في فلسطين وإنهاء الوجود الإسرائيلي في الأراضي المحتلة .
تعامل الإمام الخميني (قد) مع القضية الفلسطينية اختلف تماماُ عن طروحات الحركات القومية ، كونه وسع أطار التفاعل والتعامل والتعاطي معها فنقلها من الإطار العربي الضيق إلى الفضاء الإسلامي الواسع ، كما أنه سجل نجاحاً كبيراً في عملية استقطاب كافة حركات التحرر الغير إسلامية ليعلن أمام العالم ان القدس قضية إسلامية تتقبل أيّ توجه فكري ديني كالمسيحية او قومية عروبي مادام الهدف واحد ، ليعلن سماحته عن إطلاق أكبر وأوسع فعالية عالمية تناصر فلسطين تحت مسمى “يوم القدس العالمي” والبدأ فعلياً بتأسيس فصائل المقاومة وتسليحها ودعمها بكافة أشكال الدعم.
في العراق الخاضع للحكم البعثي أبرز عملاء الكيان الإسرائيلي الغاصب منعت ايّ فعالية إسلامية تتضامن مع قضية القدس بعد أن كان صدام قد قدم خدمات كبرى للصهاينة وذلك من خلال ضرب الثورة الاسلامية في ايران سعياً منه لأيقاف مدّها المؤيد لتحرير الأرض الفلسطينية ، اذ استمر الأمر طويلاً بعد حملة الإعدامات التي طالت مراجع الشيعة الذين طالما تصدوا و تعهدوا بالدفاع عن “الاقصى” كونه يدخل ضمن عقيدتهم القائمة على أساس الانتظار المتمثلة بالقضية “المهدوية” كذلك كون العقيدة الشيعية قائمة على اساس رفض الظلم والاضطهاد بجميع أشكاله .
وعلى ما يبدو أن الظروف في العراق ابان حكم الطاغية المقبور كانت شبيهة بما عاشته الشعوب العربية قبل ثورة الإمام الخميني، فالطريق الوحيد للتعبير عن نصرة القدس كان “بعثياً” من خلال الانتماء لأجهزة أمنية ومليشيات شكلها صدام ترفع شعار تحرير الأقصى لكنها في الحقيقة لم تكن الاّ أداة قتل وارهاب لكل من يحارب المدّ الصهيوني ، لذلك فإن الشهيد محمد صادق الصدر كان العنوان الإسلامي الأبرز في فترة التسعينيات الذي نادى بضرورة دعم الفلسطينيين والتعامل معها كقضية إسلامية ، كما أن الصدر دعى صراحةً لدعم الثورة الفلسطينية بالفكر والمال والسلاح والرجال كما تضمنت دعوته إلى دفع الشباب العراقي الراغب في الدفاع عن فلسطين ومواجهة الكيان الصهيوني الغاصب وشحذ هممهم ونصحهم كون القضية ثابته في ذمم المسلمين “افضلهم و ادناهم” حسب تعبير سماحته في خطبته الثانية والثلاثون التي ألقاها في مسجد الكوفة المعظم .
من هنا فإن الشهيد السيد محمد صادق الصدر قد تطابقت رؤيته مع رؤية الإمام الخميني في التعامل مع فلسطين ليحيي مضامينها في أرواح وعقول العراقيين بدعم نهج الثورة الاسلامية في تعميم مسألة القدس والاستجابة لدعوته المتضمنة جعل القدس حدثاً عالمياً يجب على جميع المسلمين التفاعل معه و دعمه وعدم التقليل من اهميته.

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here