كنوز ميديا / تقارير / محلي
التجاوزات أو العشوائيات، ملف دائما ما يرافقه لغط كبير وأحداث “دامية” كما جرى مؤخرا في كربلاء، لكن المعنيين في المحافظات ودوائر البلدية، اتفقوا على إزالة التجاوزات التجارية، كالمحال ومراكز التسوق، بـ”القوة” ودون تعويض، فيما طالبوا بمنح تعويضات ومأوى بديل عند التوجه لإزالة المنازل العشوائية، فيما بقيت فكرة تمليكها لشاغليها مرهونة بعدم وجود تخطيط عمراني.
ويقول معاون محافظ ذي قار عباس جابر في حديث صحفي إن “موضوع إزالة منازل التجاوز، بدأ من محافظة كربلاء وسيشمل جميع محافظات العراق، ولغرض حل ازمة السكن في مناطق العشوائيات (التجاوزات) تم اصدار قرارين من قبل البرلمان العراقي، الاول هو تمليك الناس للدور المتجاوزة ما لم تؤثر على التخطيط العمراني العام للمدينة على اعتبارهم انهم اصحاب حقوق ولا يمتلكون سكنا يلجأون اليه، والثاني ينص على إزالة كل التجاوزات على التخطيط العمراني، مقابل تعويضهم بقطعة أرض في منطقة أخرى او مبلغ من المال”.
ويضيف جابر “أما بالنسبة للمحال التجارية كالأسواق وغيرها، والتي تتجاوز على الأماكن العامة، فيجب أن تزال وبقوة، لانها تؤثر على التخطيط العمراني والاقتصاد بصورة عامة، وفي نفس الوقت فان اغلب اصحاب هذه المحال التجارية ليسوا من الطبقة الفقيرة جدا، وليسوا بحاجة ماسة إلى هذه المحال، فهي تجاوز على أراضي الدولة من اجل زيادة دخلهم، ومن ناحية أخرى فهي ليست منزلا للسكن حتى يكون من الممكن التغاضي عنها، حيث أن أماكن تجارية مردودها المادي يعود على كل المواطنين، وليس على شخص واحد او دائرة واحدة”.
ويبين “ليس هناك تعويض للمحال التجارية، فهي أماكن تجارية عامة، تم التجاوز عليها من قبل التجار واستغلالها لبناء مراكز تسوق ومحال وافران وغيرها، فلو كان كل من يأتي يتجاوز على هذه الاراضي لأصبحت الفوضى تعم البلد”.
ويوم الثلاثاء الماضي، شهدت محافظة كربلاء حدثا مدويا، تمثل بإطلاق النار على مدير بلدية مدينة كربلاء عبير الخفاجي، خلال قيادته حملة لرفع التجاوزات، حيث اعترض صاحب بناية تجارية متجاوزة على هدم البناية، ما دفعه الى إطلاق الرصاص على مدير البلدية الذي توفي لاحقا في المستشفى.
وأثار هذا الحدث ردودا كبيرة، إذ سرعان ما تم اعتقال المتهم بقتل الخفاجي، ومن ثم زار رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي المحافظة، وتحدث الى القاتل في موقع الجريمة”هل تعرف ماذا فعلت؟ جعلتنا نخسر ولدا بارا، خدم المحافظة وخدم سكان المحافظة”، وخلال حديثه اكد الكاظمي “مشروع عبير سينطلق من هذا المكان إلى كل العراق، وسنرفع كل التجاوزات (على أراضي الدولة)”.
وبعد هذه الحادثة، بدأت حملة كبيرة لرفع التجاوزات في العاصمة بغداد، وشهدت أيضا ممانعة من قبل اصحاب المحال المتجاوزة، وبحسب فيديو انتشر بمواقع التواصل الاجتماعي يوم امس الاول، فان اصحاب مطعم تم اعتقالهم لعرقلتهم رفع مطعمهم المشيد على ارض تابعة للدولة.
وكانت مديرية تخطيط محافظة المثنى، كشفت في اذار مارس الماضي، عن وجود 21 الف مسكن عشوائي في المحافظة مما يشكل 15 بالمائة من سكانها، وذلك وفقا لمؤشرات صدرت من الجهاز المركزي للإحصاء بعد مسوحات ميدانية استمرت لعدة أشهر.
من جانبه، يبين عضو المجلس البلدي في منطقة الأمين شرقي العاصمة بغداد محمد الدراجي، أن “العشوائيات منتشرة في بغداد بصورة عامة، كما انها اصبحت كثيرة وفي بعض المناطق تصل الى 50 بالمائة من أساس المنطقة، وبالتالي لابد من وجود بديل في حال أرادت الحكومة ان تزيلها”.
ويضيف الدراجي، أن “البديل يجب أن يكون بناء مجمعات سكنية لهؤلاء أو إيجاد مأوى آخر يتسع لهذه العوائل التي دفعتها الحاجة للجوء الى هذه العشوائيات، كما ان بعضا من ساكني العشوائيات في بغداد هم من محافظات اخرى”.
ويشير الى أن “قرار إزالة العشوائيات دون بدائل لا يمكن ان يطبق، فترك ساكنيها في مستقبل مجهول، أمر غير مقبول، وأما بالنسبة للاسواق والمحال التجارية فانها يمكن ان تعوض من قبل الحكومة وهي غير مكلفة، كما هو الحال في مساكن العشوائيات التي أصبحت مناطق كاملة، خصوصا في اطراف العاصمة بغداد، حيث باتت تعادل محافظة كاملة، فمنطقة المعامل تحتوي لوحدها أكثر من 250 الف منزل متجاوز”.
وينوه الى ان “قضية بيع العشوائيات الى ساكنيها ايضا غير ممكنة، كون بناء هذه العشوائيات غير منتظم، فبعضها متجاوز على الشارع والبعض الاخر بني للخلف، كما أن الأزقة غير رسمية وغير خاضعة للتخطيط العمراني”.
يشار الى أنه بعد العام 2003، توجه العديد من المواطنين الى استغلال اراضي الدولة لبناء منازل عليها، تعرف محليا باسم “الحواسم”، ما ادى الى تكوين مناطق عشوائية، وبدأت تتطور هذه الظاهرة حتى شهدت بناء منازل فخمة، كما شهدت عمليات بيع وشراء بأسعار مرتفعة، لكنها أقل بكثير من اسعار العقارات الرسمية.
وغالبا ما يطرح هذا الموضوع للنقاش في اغلب الحكومات المتعاقبة دون التوصل لحل جذري، وخاصة مسألة المنازل وليس المحال التجارية، فهي بقيت دون حلول نظرا لوجود عوائل وأطفال، ما يعيق إزالتها بالقوة مع عدم سعي الدولة لتوفير بدائل سريعة.
من جانبه، يلفت مستشار محافظ واسط للشؤون الادارية حسن علوي في حديث صحفي الى أن “مسألة العشوائيات موجودة بعموم البلاد، حيث ان بعض هذه العشوائيات موجودة في المناطق الخضراء، وهذه لابد من إزالتها، كما ان بعضها تحصل على أماكن تجارية يمكن للدولة الاستفادة منها مستقبلا، وهذه سيتم رفع التجاوز عنها”.
ويردف علوي “بالنسبة للتجاوزات على المناطق الزراعية او البعيدة عن الاماكن الخضراء، فان هناك توجها لتمليك هذه العشوائيات على ان لا تكون عائدة لاشخاص او مناطق خضراء وخلال الاسابيع المقبلة سيصدر قرار بهذا الخصوص، وبالنسبة للاسعار ستوضع من قبل لجان مختصة للتمييز بين موقع قطعة الارض، سواء كانت مميزة او بعيدة”.
ويلفت الى ان “المحال التجارية تقع ضمن مسؤولية البلدية فاما أن تبيعها بالمزاد العلني او تتخذ اجراءات اخرى بحقها”، مؤكدا “نحن مع تمليك هذه العشوائيات، لكننا نحتاج لمساعدة المواطن بهذا الموضوع، حيث ان المواطنين لم يتركوا مجالا لانشاء شارع او تقديم خدمة، وهو ما نعانيه الان حيث تعيق هذه التجاوزات القيام باي خدمة في بعض الاحياء بالمحافظة”.
يشار الى انه في مطلع تموز يوليو الماضي، اعلنت الحكومة عن عزمها توزيع أكثر من نصف مليون قطعة أرض سكنية على المواطنين، ومنحهم قروضا للحد من أزمة السكن، فيما أكد الكاظمي اكتمال إفراز تقسيم أراضي 17 مدينة سكنية جديدة في جميع المحافظات، عدا اقليم كردستان، خلال الأشهر الماضية، وأصبحت 8 مدن منها مكتملة فنيا، وجاهزة للتوزيع بواقع أكثر من 338 ألف قطعة.
وبحسب بيانات وزارة الاعمار والاسكان السابقة، فأن العراق يحتاج إلى 3 ملايين وحدة سكنية لمعالجة أزمة السكن.