الولايات المتحدة تفر من أفغانستان وتترك خلفها جيشاً من الجواسيس

كتب / فاطمة عواد الجبوري

“كالمستجير من الرمضاء بالنار”، هذا هو حال كل من حاول الفرار إلى مطار كابول كي يحظى بتذكرة طيران إلى خارج أفغانستان. فالولايات المتحدة وجيشها العتيد مارسوا مرة أخرى أبشع ما يمكن من عنصريتهم ووحشيتهم وتكبرهم وغطرستهم، باحتلالهم المطار بقوات عسكرية وعدم السماح سوى للجنود والدبلوماسيين الأمريكيين والأوربيين بالمغادرة.

هذه هي جيوش الاحتلال جميعها متشابهة، تضرم النار في بلداننا ثم ترحل. تجّمع الدبلوماسيون الغربيون في المطار كل منهم في انتظار طائرته، وبقي عملائهم حيرى أين يذهبون بأنفسهم وأين يفرون؟

يسأل الكثير منا لماذا تم هذا السقوط المدوي خلال أقل من 48 ساعة؟ هل تم الاستلام والتسليم؟

الإجابة على هذه الأسئلة معقدة للغاية، فالموضوع يعود في تعقيداته إلى أولاً الانتصار السابق لطالبان، ثم إلى موضوع “المتعاونين الأفغان”.

ليس إعلان الولايات المتحدة قرارها بالانسحاب من أفغانستان هو من ساهم بسقوط الدولة بهذه السرعة، لإن عملية السيطرة على المحافظات كانت مستمرة منذ إعادة تشكيل قوى طالبان العسكرية فخلال الأعوام 2015 إلى 2021 عاش تحت حكم طالبان أكثر من 15 مليون نسمة ولم تسيطر الحكومة الأفغانية العميلة إلا على أقل من 50 بالمائة من الأراضي الأفغانية. وهذا يعني بأنّ عملية طرد الأمريكيين من أفغانستان استمرت لسنوات.

أما على الجانب الأخر وهو موضوع المتعاونين والذي سلطت رأي اليوم الضوء عليه بجدية وناقشته بموضوعية، فيبدو بأنه موضوع ذو أهمية بالغة للغاية ساهم بتسريع سقوط كابول بيد طالبان.

جرى الحديث في البدايات عن 50 ألف مترجم ومتعاون أفغاني مع القوات الأمريكية. مصطلح “متعاون” هو مصطلح روجته الولايات المتحدة لمن عمل معها جاسوساً أو مرتزقاً ولذلك هي تطلق عليهم اسم المتعاونين أو المترجمين. أما في الحقيقة فإن الرقم يفوق هذا العدد بكثير، إذ تشير الاحصائيات الجديدة لوجود أكثر من 100 ألف جاسوس أمريكي (متعاون) متواجدون في أفغانستان. ومن التصريحات الجديدة للدول الأوربية اتضح بأن لكل دولة من هذه الدول جواسيسها الخاصون بها، فلبريطانيا وألمانيا وفرنسا والاتحاد الأوربي وغيرها جميعهم لهم جواسيسهم والذين تعالت أصواتهم بالمطالبة بالخروج من أفغانستان.

بعد رفض كل من الكويت والأردن والإمارات قبول هؤلاء على أراضيها، مارس الكونغرس ضغوطا على إدارة الرئيس بايدن لإيجاد حلول لهذه الأزمة. وللخروج من المأزق يبدو بأن بايدن اقنع غني بالفرار وبدأ بسحب قواته من أفغانستان بسرعة كبيرة للفرار من هناك بأقصر وقت ممكن. والنتيجة هي ترك الآلاف من الجواسيس لمصيرهم.

تسيطر طالبان اليوم على كافة المنافذ البرية والجوية كما أنها تسيطر كذلك على مطار كابول ، كما أنها أقامت حواجز أمنية في كل نقطة في كابول وغيرها. وهذا يعني بأن الجواسيس تركوا ليواجهوا مصيرهم لوحدهم وهذه هي نهاية من يتآمر على وطنه أو يثق بالولايات المتحدة.

فرار الولايات المتحدة من أفغانستان بهذه الطريقة يُذكرنا بفرارهم من فيتنام. لقد أذلهم الشعب الفيتنامي كما أذلهم الشعب الأفغاني وسيذلهم الشعب العراقي والسوري واليمني واللبناني والفلسطيني كذلك.

على الجميع أن يفهم حقيقة مفادها بأن الولايات المتحدة تهزمها الشعوب وتذلها، وهي لا تهتم بمصير عملائها أبداً، فمن يخون وطنه سوف يواجه مصيره لوحده إذ لا حماية أمريكية أبداً فالأمريكيين اليوم يحتاجون من يحميهم من ثورات الشعوب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى