الأميركيون يستذكرون أحداث 11 أيلول على وقع طبول الهزيمة

كنوز ميديا / تقارير

ما تزال التداعيات الخطيرة لواقعة 11 سبتمبر/ أيلول 2001، حاضرة لغاية اليوم في العالم لاسيما منطقة الشرق الأوسط. فحتى بعد مرور 20 عاماً على الهجوم الذي تعرض له برجا التجارة العالمي، ما تزال الولايات المتحدة تتستر على المتهمين الحقيقيين فيه.
وتمثّلت أحداث هجمات 11 أيلول/ سبتمبر بتعرّض 4 طائرات تابعة لـ”أميركان إيرلاينز” للاختطاف، واصطدام اثنتين منها ببرجي التجارة العالمي والثالثة بمبنى البنتاغون، وتحطّم الرابعة قبل وصولها إلى هدفها، أدّت إلى سقوط ضحايا قُدر عددهم بنحو 2977 شخصاً، بما فيهم ركاب الطائرات المستخدمة في الهجمات، والذين كانوا في برجي مركز التجارة العالمي وقت ضربهما.
وأدّت تلك الهجمات إلى اتّخاذ الولايات المتحدة على لسان رئيسها آنذاك، جورج دبليو بوش، قراراً بغزو أفغانستان، بذريعة القضاء على الإرهاب، وخصوصاً تنظيم “القاعدة” وحركة “طالبان”، وإحلال السلام في البلاد، على حد زعمه.
ويأتي وقع ذكرى أحداث 11 أيلول/سبتمبر لهذه السّنة مغايراً عن السنوات السابقة، إذ إنّه يتزامن مع خروج الولايات المتحدة من أفغانستان بعد 20 عاماً من احتلالها، فيما تستمر القوات الأميركية بـ”احتلال” الأراضي العراقية، متجاوزة بذلك الإرادة السياسية والشعبية الرافضة لتواجدها.
وفجّرت تصريحات السفير الأميركي السابق لدى العراق دوغلاس سيليمان، مفاجآت جديدة عن عمق التدخلات الأميركية في العراق، وتأثيرها السياسي على ملف الانتخابات خلال الأعوام الماضية، فضلاً عن ملامح السياسة التي تنوي واشنطن اتباعها خلال المرحلة الراهنة.
وأماطت تصريحات سيليمان اللثام عن القلق الأميركي والإسرائيلي المتنامي، جراء القدرة الهائلة التي باتت تتمتع بها فصائل المقاومة الإسلامية في العراق.
وفيما تواصل حكومة مصطفى الكاظمي، وإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، ادعاءات الانسحاب العسكري من الأراضي العراقية، جاءت تصريحات دوغلاس سيليمان لتفندها بشكل قاطع، وتفضح عمليات “الاحتيال” السياسي والدبلوماسي على الرأي العام، حسبما يرى مراقبون.
وقال سيليمان في تصريحاته التي تابعتها “المراقب العراقي”، إن “التواجد العسكري الأميركي سيستمر لتقوية الدولة الشرعية في العراق”، على حد زعمه.
من جانب آخر ذكر سيليمان: “أنا واثق أنه ستكون هناك رغبة في صنع نوع مختلف من الحكم في العراق”، زاعماً أن “الأصوات المنادية بحكومة شيعية قومية ستكون أقلية”.
جدير بالذكر أن المشهد في الأراضي الأفغانية، بات قاتماً بعد سيطرة مسلحي طالبان على أراضي البلاد، فيما مثّل الأمر صدمة للرأي العام الدولي، زعزعت الثقة بالولايات المتحدة التي اختارت أن تُسلّم بلداً احتلته 20 عاماً، لحركة مسلحة كانت تُسميها “إرهابية”.
بيد أن المشهد كان أكثر قتامة في بلاد ما بين النهرين، حيث بدت مشاهد انتشار مسلحي طالبان في الشوارع وسيطرتهم على المدن، مألوفة لدى العراقيين حيث أعادت إلى أذهانهم مشاهد اقتحام تنظيم “داعش” وسيطرته على مدن عدة من البلاد عام 2014، قبل أن تتمكن القوات الأمنية وفصائل المقاومة الإسلامية، من استعادة تلك المدن من قبضة الإرهابيين، وإعلان النصر على “داعش” بعد ثلاثة أعوام من القتال المتواصل.
ومما أثار ريبة العراقيين وقلقهم هو “رهان” حكومة مصطفى الكاظمي، وبعض المسؤولين التشريعيين والتنفيذيين، على أميركا وقواتها العسكرية المنتشرة في قواعد عسكرية محصّنة، حيث يتوقع مراقبون “سيناريو أسوأ” تُحضّره واشنطن للعراق خلال الأشهر المقبلة.
وشنّت الولايات المتحدة عملية عسكرية بمساعدة حلفائها، لغزو أفغانستان عام 2001 ومن ثم احتلال أراضيها، فيما أقدمت على غزو العراق في 2003، أي بعد عامين من دخولها إلى أفغانستان.
وفق ذلك يقول المحلل السياسي وائل الركابي إن “أحداث سبتمبر كانت مقدمة لوصول الأميركيين إلى أفغانستان والشرق الأوسط بما في ذلك العراق”، مبيناً أن “عملية الاستهداف في حينها كانت مدبرة”.
ويضيف الركابي أن “الولايات المتحدة خسرت 10 مليارات دولار جراء الهجوم لكنها استطاعت تعويض هذه المبالغ بعشرات الأضعاف نتيجة وجودها في الشرق الأوسط”.
ويرى الركابي أن “انسحاب الأميركيين من أفغانستان، يؤكد أن الولايات المتحدة غير قادرة على البقاء والصمود أمام إرادة الشعوب”، لافتاً إلى أن “المشروع الأميركي فشل في العراق وسوريا ولبنان والشرق الأوسط بالكامل”.
جدير بالذكر أنه بعد 20 عاماً من الغزو والاحتلال، اتّخذ الرئيس الأميركي جو بايدن قراراً بالخروج من أفغانستان، وإرجاع البلاد للشعب الأفغاني، برئاسة الرئيس السابق أشرف غني، وبوجود جيش مدرّب من قبل الجيش الأميركي، ومزوّد بأسلحة متطورة، والّذي يقدّر أنّ عدد جنوده، مع الشرطة، يبلغ نحو 300 ألف فرد، وذلك على أساس أنّ أفغانستان “أصبحت مستعدة لأن تصبح مستقلة عن الولايات المتحدة، وأنّها أصبحت آمنة”.
إلاّ أنّ الأمر كان مغايراً ومفاجئاً للولايات المتحدة الأميركية وحلف “الناتو”، والعالم على حدّ سواء، وذلك بعد أن سيطرت “طالبان” في غضون عشرة أيّام فقط، على أغلب ولايات أفغانستان، ووصلت إلى العاصمة كابول، لتسيطر بعد ذلك على أفغانستان بالكامل، من دون أن يحاربها الجيش الأفغاني الذي يملك عديداً أكبر بكثير من حركة “طالبان”، التي يقدّر أنّها تملك 70 ألف جندي. في حين أنّ رئيس البلاد أشرف غني تخلّى عن رئاسة البلاد، وهرب إلى الإمارات، تاركاً الشعب الأفغاني لمصير مجهول.
إذاً، انقلب السحر على الساحر، وتبيّن أنّ أميركا و”الناتو”، كانا على مدى 20 عاماً في أفغانستان لأهداف غير معلنة، ومغايرة تماماً عمّا زعما تحقيقه في البلاد. الأمر الّذي أكّده جو بايدن بعد أن قال عقب خروج أميركا من البلاد إنّ “مُهمتنا في أفغانستان لم تكن أبداً بناء الدولة، وإنما أن نركّز على مكافحة الإرهاب، ومنع الاعتداءات على الأراضي الأميركية”.
ولم تتحقق أيّ من أهداف الولايات المتحدة المزعومة، والّتي صرفت من أجل تحقيقها أكثر من تريليون دولار، وهذا ما ظهر للعالم أجمع. أميركا، تركت أفغانستان في وضع أمني واقتصادي سيئين، بعد إخلاء رعاياها، وحتّى كلابها، ولم تلتفت أبداً لمصير الشعب الأفغاني. ولتزيد الطين بلة، فإنّها تقف الآن عائقاً أمام وصول المساعدات إلى أفغانستان.
وشهد قرار الرئيس الأميركي حول الانسحاب من أفغانستان ردود أفعال عنيفة في الداخل الأميركي، وخصوصاً من قبل الجمهوريين الذين واصلوا هجومهم على قرار الانسحاب بوصفهم إياه بـ”الكارثة”، وبـ”الخطأ الذي سيخيم على أميركا لعقود”. حتّى أنّهم شككوا بأن يكون بايدن “قادراً على إنجاز مهامه”، وطالبوه بالاستقالة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى