كنوز ميديا / تقارير
تتعالى بين الحين والآخر أصوات توجه نقداً لاذعاً للحكومة في بغداد، بسبب ما يصفونه بـ”الأبرياء والمغيبين”، بل تعدى الأمر ليصل إلى المطالبة بالإفراج عن إرهابيين يقبعون في السجون، بينما يسود صمت مطبق إزاء ملف الاعتقالات التعسفية في إقليم كردستان.
وفي هذا السياق، كشفت صحيفة “مورننغ ستار” البريطانية، أن ما لا يقل عن 72 صحفيا وناشطا يقبعون في السجن داخل كردستان ويقومون بإضراب عن الطعام منذ اليوم السادس من أيلول الجاري احتجاجا على سوء المعاملة والتعذيب والاوضاع السيئة في المعتقل.
وذكرت الصحيفة أنه “وطبقا لعوائل المعتقلين فقد بدأ السجناء تحركهم احتجاجًا على التعذيب النفسي والجسدي على أيدي مسؤولي الأمن في الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم في سجن أربيل العام”.
وقال إيهان عمر المتحدث باسم أهالي المعتقلين إنهم ”حُرموا من حقوقهم الأساسية وأن حالة بعضهم سيئة للغاية”، داعيا الامم المتحدة ومجلس النواب العراقي وبرلمان كردستان ومنظمات حقوقية وممثلين أجانب لتلك المنظمات في أربيل وبغداد لزيارة المعتقلين والضغط على السلطات لمنحهم حقوقهم القانونية”.
وأضاف عمر أن ”الناشطين والصحفيين أبرياء وتم اعتقالهم بسبب وجهات نظرهم المختلفة، وهذا يشكل تهديدًا للعملية الديمقراطية ويلحق الضرر بسمعة المنطقة”.
ووفقاً للتقرير فإن ”المضربين تم اعتقالهم منذ العام الماضي مع احتجاجات مناهضة للحكومة اجتاحت المنطقة ، ما يعكس الغضب من تفشي الفساد وحجب رواتب العاملين في القطاع العام، كما انتقدت منظمات حقوق الإنسان وجماعات حرية الصحافة حملة القمع ضد المعارضة التي تصاعدت منذ وصول رئيس الوزراء مسرور بارزاني إلى السلطة عام 2019”.
وتعليقاً على ذلك يقول المحلل السياسي صباح العكيلي إنه “عندما يخرج الشعب بتظاهرات حقيقية ضد فساد حكومة إقليم كردستان ويتم اعتقال المتظاهرين وقمعهم بشتى الوسائل، نجد أن الناشطين وبعض السياسيين قد صمتوا”، معتبراً أن “هذا يثبت لنا شيئا واحدا وهو أن أغلب هؤلاء ينتمون إلى فريق السفارة الأميركية”.
ويضيف العكيلي أن “من يطلق على نفسه لقب ناشط مدني، وكان له دورإعلامي بارز في التظاهرات التي شهدتها بغداد والمحافظات الجنوبية، نجده اليوم بلا صوت”، مبينا أن “أولئك الناشطين صوروا التظاهرات بأنها تظاهرات شيعية ضد طبقة سياسية شيعية، في حين لا يحركون اليوم ساكناً إزاء ما يجري في الإقليم”.
وعلى وقع انتهاكات حقوق الإنسان وقمع الناشطين والمتظاهرين في كردستان، يسود صمت مطبق في صفحات التواصل الاجتماعي، التي كانت تعج فيما مضى بعشرات التدوينات التي تطلب من العراقيين “التحلي بالوطنية” والخروج إلى الشوارع للمشاركة في تظاهرات بغداد والمحافظات الجنوبية “حصراً”.
ومنذ اندلاع الشرارة الأولى للتظاهرات في 1 تشرين الأول 2019، تلقى العراقيون سيلاً جارفاً من المنشورات التحريضية الممولة على مواقع التواصل الاجتماعي، تضمن الكثير منها معلومات مغلوطة، وأخرى جرى تحريفها من قبل فريق متخصص من “الصحفيين” و”الناشطين” ووضعها أمام المتلقي على “طبق من ذهب”.
وارتفعت أعداد المتظاهرين تدريجياً، ورفع الأعم الأغلب منهم شعارات سلمية تطالب بإصلاح العملية السياسية برمتها ومكافحة الفساد، إلا أن ذلك لم يرق لـ”فريق السفارة الأميركية” الذي تلقى تعليماته على الفور لإظهار التظاهرات بصورة: “مواطنون شيعة يتظاهرون ضد سلطة شيعية”.
وبموازاة ذلك، شمّر الإعلام “الأصفر” عن ساعديه، لدفع المتظاهرين نحو منزلق العنف والتصادم مع القوات الأمنية المكلفة بحماية التظاهرات، وهو ما أسفر عن سقوط العديد من الضحايا، إلا أن “الفريق الممول” لم يكتفِ عند ذلك الحد.
وجنّدت الولايات المتحدة منذ أعوام، فريقاً يضم عدداً كبيراً من الأشخاص المغمورين، وأطلقت عليهم صفة “ناشط” أو “صحفي”، ليصبحوا الآن “نجوماً لامعة” على مواقع التواصل الاجتماعي، وتتم استضافتهم في تغطية إخبارية ليروجوا للخطاب الأميركي بـ”لسان عراقي”.
وفيما يتعلّق بالتظاهرات التي تشهدها محافظتا السليمانية وأربيل بين الحين والآخر، ضد السلطات المحلية وتفشي الفساد وضعف الخدمات الأساسية، لا ينبس هؤلاء “الناشطون” ببنت شفة، ولا يعبرون حتى عن أدنى دعم للمتظاهرين الأكراد الذين يرزحون تحت فساد وقمع مستمر.
وترفض سلطات الإقليم منح المواطنين الأكراد إجازة للتظاهر، إلا أنهم يتحدون في الغالب قمع السلطة ويخرجون بلافتات وشعارات تطالب بإصلاح الإدارة المركزية وتحسين الخدمات.