كنوز ميديا / تقارير

في خطوة قد لا تختلف عن سابقاتها، غير زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر مواقفه حيال منصب رئاسة الحكومة المقبلة، بعد أن كان تياره من أشد المطالبين به، الأمر الذي اعتبره محللون سياسيون “مراوغة سياسية” جديدة، مرجحين أن تنطوي على اتفاق خفي للابقاء على مصطفى الكاظمي لولاية ثانية، أو اتفاق مع مرشح معين للمنصب، فضلا عن كونها رسالة للقوى السياسية بأن التيار غير متمسك بالمنصب، لكنه قد يجري تفاهمات مشتركة معها.

ويقول المحلل السياسي عقيل الطائي في حديث له إن “زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، أعلن تخليه عن رئاسة الوزراء تقريبا، سواء أن تكون للكتلة الصدرية أو لجهة أخرى مرتبطة به”.

ويضيف الطائي، أن “منصب رئيس الوزراء بصورة عامة هو منصب سياسي بعيد عن الطائفة أو الدين أو عن أي عرق، هذا ما ينص عليه الدستور، بالتالي فان رئيس الوزراء هو المسؤول عن رسم سياسات البلد، ويمكن أن يخطئ ويصيب، هذا ما لا يريد الصدر أن يمسه، خاصة بالنسبة للاخطاء التي ترتكب”.

ويوضح أن “ما جرى هو نوع من أنواع الانسحاب التكتيكي، فالصدر طالب بالمنصب على أساس حصوله على الكتلة الأكبر، لكن التكتيك الآن يتمثل بوجود احتمال لاتفاق خفي مع إحدى الشخصيات التنفيذية لترشيحها للمنصب، أي أن الانسحاب هو مراوغة سياسية”، مبينا أن “هناك احتمالا لأن يكون الاتفاق مع رئيس الحكومة الحالي مصطفى الكاظمي، خاصة وان هذا الترشيح من متبنيات التيار الصدري”.

وحول تغيير المواقف السريع للصدر، يبين الطائي، أن “لكل كتلة سياسية متبنى سياسيا، وقد تحصل تغييرات في المواقف، لكن الصدر ومع شديد الاحترام له يعتمد المتغيرات السياسية بسرعة الضوء، كما حصل بالتخلي عن رئاسة الحكومة الان”.

وكان صالح محمد العراقي، الشخصية الافتراضية المقربة من زعيم التيار الصدري، والملقب بـ”وزير القائد” نشر يوم أمس، حوارا مع زعيم التيار مقتدى الصدر، وفيه رد الصدر على سؤال “لو وفقنا الله تعالى الى استلام هرم السلطة في العراق، هـل سيكون أتباعنا آل الصدر علـى قـدر المسؤولية.. أم سيكونون كسابقيهم ممـن اسـتلموا الحكومات؟”، وهنا اجاب الصدر “إنني أخشى من الدنيا عليهم، فإنها إن فتحت أبوابها لأي أحد لم يروض نفسه.. فالزلل سيكون الأكثر احتمالا، ثم إنني لا أريد التضحية بسمعة آبائي وأجدادي واسم العائلة، ولا أريـد من ذلك إلا رفع الفسـاد وإعانة المظلومين وإعانة الفقراء وإزالة البلاء.. فما طلبتها إلا للإصلاح في بلد الآباء والأجداد ولم أطلبها أشرا ولا بطرا “.

وتابع الصدر في إجابته “لعل أكثر المعصومين قـد تجنبوا الحكم مـع القول بتمكنهم مـن الوصول اليه لخوفهم على زلل أتباعهم.. فلا نريد أن نكـون كأتباع بني إسرائيل بـل كأتباع نبي الله يوسف عليه السلام، الذي أعز المستضعفين وأذل المتكبرين الفاسدين، أو نكون كأمير المؤمنين إذ ساوى بين الجميع في الواجبات والحقوق”.

وكان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، أعلن في 15 تموز يوليو الماضي، عن انسحابه من المشاركة في الانتخابات، ما أثار لغطا كبيرا وحديثا عن تأجيل إجراء الانتخابات، لكن في آب أغسطس الماضي، أعلن عن عودته لها، بعد تسلمه ورقة إصلاحية، من قبل سياسيين، مؤكدا أنها جاءت وفقاً لتطلّعاته الإصلاحية، وأن من شأنها إبعاد مشاركة الفاسدين وذوي المصالح الخارجية، على حد تعبيره.

وبعد إعلان الصدر العودة للمشاركة في الانتخابات، تجدد حديث قياديين في التيار الصدري وجماهير التيار، عن رئاسة الوزراء وان الانتخابات ستؤدي إلى حصول التيار على أعلى عدد أصوات يمكنه من تشكيل الكتلة الأكبر، بل ذهب الحديث باتجاه الحصول على 100 مقعد أو أكثر، في حين يبلغ عدد مرشحي التيار الصدري للانتخابات اقل من 100 مرشح حسب القوائم التي نشرتها مفوضية الانتخابات.

وكان القيادي في التيار الصدري حاكم الزاملي، اشار في حديث متلفز الشهر الماضي، الى ان “توجهنا ان يكون رئيس الوزراء المقبل صدري قح”، وذلك امتدادا للتصريحات التي تصدر منذ مطلع العام الحالي، من نواب تحالف سائرون المرتبط بالتيار الصدري، حول أن رئيس الوزراء المقبل سيكون “سائق بطة”، وذلك في إشارة الى أن نوع عجلة تويوتا تسمى محليا بـ”البطة” برزت خلال السنوات الأولى بعد عام 2003، وألصقت بها تهمة “القتل والتصفية”، لكن نواب سائرون استشهدوا بها للتأكيد على أن المهمة المقبلة هي “محاربة وتصفية الفاسدين”.

من جانبه، يبين المحلل السياسي مؤيد العلي في حديث له، أن “من حق أي كتلة أو جهة أن تشارك في العملية السياسية، واغلبها لديها طموح وهو أن تكون رئاسة الوزراء بيدها وتدير البلد وفق ما تراه من مشروع سياسي”.

ويتابع العلي، أن “التصريحات الاخيرة للصدر من هذا الجانب، تبين أنه قد يكون هناك تخوف أو قلق من قبل رئاسة الكتلة على أن يتم استغلال هذا المنصب من قبل شخصيات تابعة للكتلة الصدرية أو غيرها، وأن تكون محسوبة على الصدر، وبالتالي تشوه سمعة هذا الخط الكبير الذي له جمهور شعبي كبير جدا في العراق”، مبينا أن “هذه التصريحات هي رسالة مزدوجة، أولا هي رسالة إلى الكتل السياسية بأن الصدر لا يتمسك مطلقا بهذا المنصب، وقد تكون هناك تفاهمات بين كتلته السياسية والكتل الأخرى مستقبلا، والثانية هي رسالة إلى الهيئة السياسية في التيار، وإلى وكل المنتمين للخط الصدري، بأنهم لو تواجدوا في المواقع الحكومية سواء كانت على المستوى التشريعي أو التنفيذي فيجب أن يحافظوا على سمعة جيدة”.

ويؤكد أنه “ستكون في المستقبل هناك تفاهمات بين الكتلة الصدرية والكتل السياسية الشيعية الأخرى حول منصب رئاسة الوزراء، لأن الوضع السياسي في العراق وضع خطير ويمر بمنعطف حاد، وفي نهاية المطاف وبعد الانتخابات سوف تتضافر الجهود السياسية الشيعية من اجل حسم منصب رئاسة الوزراء”.

وكان انسحاب الصدر، قد تزامن مع توجيه اتهامات لتياره بالفساد، بسبب شغله مواقع مفصلية في بعض الوزارات الخدمية كالكهرباء والصحة وغيرها، وذلك على خلفية أحداث وخروق كبيرة شهدها البلد، من قبيل الحرائق في المستشفيات وكثرة انطفاء الكهرباء.

وتعد هذه الانتخابات المبكرة، إحدى مطالب التظاهرات التي انطلقت في تشرين الأول أكتوبر 2019، وأجبرت رئيس الحكومة عادل عبد المهدي على تقديم استقالته، ومن ثم المجيء بحكومة مصطفى الكاظمي التي كان هدفها الأول هو الإعداد لانتخابات مبكرة، وتكون “حرة ونزيهة”.

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here