كنوز ميديا / تقارير
خطاب حاسم تضمن ركائز مهمة وضعتها المرجعية الدينية، أمام العراقيين للمشاركة في الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في العاشر من تشرين الأول المقبل.
ولطالما كانت الكلمة الفصل للمرجعية الدينية في مختلف الأحداث التي عصفت بالعراق، وكان لها أثر مهم في ردع مؤامرات خارجية كادت أن تطيح بالبلاد، وترمي بالعراقيين إلى هاوية الفوضى.
وبينما يترقب العراقيون الانتخابات التشريعية المبكّرة التي أعلن عنها بعد مخاض عسير، واحتجاجات أدخلت البلاد في دوامة خطيرة، لم يكن أمام المرجعية خلالها إلا أن تتخذ مواقف “أبوية” حسبما يرى مراقبون.
واليوم لم تتردد مرجعية النجف عن تحديد أولويات اختيار المرشحين في الانتخابات، حيث أصدر مكتب المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني بياناً قال فيه، إن “المرجعية الدينية العليا تشجّع الجميع على المشاركة الواعية والمسؤولة في الانتخابات القادمة، فإنها وإن كانت لا تخلو من بعض النواقص، ولكنها تبقى هي الطريق الأسلم للعبور بالبلد الى مستقبل يرجى أن يكون أفضل مما مضى، وبها يتفادى خطر الوقوع في مهاوي الفوضى والانسداد السياسي”.
وأضاف البيان أن “على الناخبين الكرام أن يأخذوا العِبَر والدروس من التجارب الماضية ويعوا قيمة أصواتهم ودورها المهم في رسم مستقبل البلد، فيستغلوا هذه الفرصة المهمة لإحداث تغيير حقيقي في إدارة الدولة وإبعاد الأيادي الفاسدة وغير الكفوءة عن مفاصلها الرئيسة، وهو أمر ممكن إن تكاتف الواعون وشاركوا في التصويت بصورة فاعلة وأحسنوا الاختيار، وبخلاف ذلك فسوف تتكرر إخفاقات المجالس النيابية السابقة والحكومات المنبثقة عنها، ولات حين مندم”.
وأشار البيان إلى أن “المرجعية الدينية العليا تؤكد اليوم ما صرّحت بمثله قبيل الانتخابات الماضية من أنها لا تساند أيّ مرشح أو قائمة انتخابية على الإطلاق، وأن الأمر كله متروك لقناعة الناخبين وما تستقر عليه آراؤهم”.
واستدرك بالقول: “ولكنها تؤكد عليهم بأن يدقّقوا في سِيَر المرشحين في دوائرهم الانتخابية ولا ينتخبوا منهم إلا الصالح النزيه، الحريص على سيادة العراق وأمنه وازدهاره، المؤتمن على قيمه الأصيلة ومصالحه العليا، وحذارِ أن يمكّنوا أشخاصاً غير أكفاء أو متورطين بالفساد أو أطرافاً لا تؤمن بثوابت الشعب العراقي الكريم أو تعمل خارج إطار الدستور من شغل مقاعد مجلس النواب، لما في ذلك من مخاطر كبيرة على مستقبل البلد”.
وتابع: “كما تؤكد المرجعية على القائمين بأمر الانتخابات أن يعملوا على إجرائها في أجواء مطمئنة بعيدة عن التأثيرات الجانبية للمال أو السلاح غير القانوني أو التدخلات الخارجية، وأن يراعوا نزاهتها ويحافظوا على أصوات الناخبين فإنها أمانة في أعناقهم”.
نصائح المرجعية وتحذيراتها حظيت باهتمام بالغ على الصعيدين المحلي والدولي، حيث تلقّفتها المنصات الإعلامية وأخذت تنتشر بشكل واسع، وهو ما انعكس على الرأي العام الذي “بات يشعر بارتياح بعد تحديد بوصلته”، وفقاً لمراقبين.
ويقول المحلل السياسي وائل الركابي إن “مواقف المرجعية الدينية لطالما مثّلت حدثاً فاصلاً في القضايا المحورية التي شهدها العراق”، لافتاً إلى أن “السيد السيستاني صمام أمان للعراقيين وتوجيهاته وفتواه بالجهاد الكفائي خلّصت العالم من هجمة إرهابية كبيرة وخطيرة”.
ويرى الركابي أن “بيان المرجعية الدينية المتعلّق بالانتخابات البرلمانية المقبلة، جاء في توقيت مهم يتطلّع فيه العراقيون للخلاص من التحديات التي يمر بها البلد، عبر المشاركة الانتخابية في يوم الاقتراع واختيار المرشح الأصلح”.
ويتعكّز العراقيون على قوى سياسية جديدة برزت بعد تظاهرات تشرين، لقيادة دفّة البلاد نحو بر الأمان، ولعلَّ من أبرز تلك القوى هي حركة “حقوق” التي ترفع شعاراً طالما حلم به العراقيون على مدى سنوات طويلة، إذ إنها وُلدت من رحم الإرادة الشعبية وجمعت في صفوفها المناضلين المقاومين والكفاءات الأكاديمية والوجهاء والموظفين والعمّال لتشكل صورةً عن النسيج الشعبي العراقي، تطرح الحركة برنامجاً سياسياً كاملاً يستند على عنصرين رئيسيين هما (الحق، والقوة).
ولأن الحق هو قوة دستورية وأخلاقية وإيمانية بحد ذاته، ولأن القوة شرطٌ ضروريّ لتحصيل الحقوق ترفع الحركة شعارها الرسمي أن الحقوق “تُؤخَذُ ولا تُعْطى”.
وبحسب البرنامج المعلن لدى الحركة، فإن مهمتها الأساسية هي “طرح خريطة طريق لتحصيل هذه الحقوق، حق الانسان العراقي في الحياة الكريمة في بلده في الشغل والصحة والتعليم والسكن والخدمة العامة والبنية التحتية والشفافية الإدارية، وحق الوطن العراقي في حماية أرضه ومائه وثرواته الطبيعية والبشرية، بكل وسيلة”.
ويمكن تلخيص سلسة أهداف حركة حقوق بـ”تحصين مؤسسات البلاد الدستورية بسلطاتها القضائية والتشريعية والتنفيذية من أي خلل يتركها عُرضةً للفساد أو الاستبداد، والدفاع عن وحدة المؤسسة العسكرية والأمنية بأذرعها كافة، والتمسك بمؤسسة الحشد الشعبي كجدار صدٍ لأي اعتداءٍ إرهابي أو احتلالي، وتقديم نموذج عمل سياسي جديد يختلف عن مسارات المحاصصة والفساد في إدارة الدولة العراقية”.
كما أن من بين أهدافها “استكمال معركة استئصال البؤر الإرهابية والبعثية وإنهاء التواجد الأجنبي، والعمل ضمن الأطر الدستورية ومؤسسات الدولة، على تحصيل الحقوق التي تطالب بها مختلف الفئات الشعبية، هذه الحقوق المستحقة التي نضع برنامجنا السياسي في خدمتها”.