كنوز ميديا / تقارير
لم تمضِ سوى أيام قليلة على انعقاد مؤتمر أربيل الذي روّج للتطبيع مع الكيان الصهيوني، حتى هبَّ مثقفو العراق ونخبه للإعلان عن مؤتمر دائم لمناهضة التطبيع سياسياً واقتصادياً وثقافياً واجتماعياً، في خطوة لاقت دعماً واستحساناً فلسطينياً.
وأكد 92 مثقفا عراقيا بين كاتب وشاعر وصحافي في بيان صحفي أصدروه يوم الجمعة الماضي، إيمانهم “بأن القضية الفلسطينية هي القضية المحورية والمركزية في الوطن العربي وأن المثقفين العراقيين ماضون في دعمهم لنضال الشعب الفلسطيني من أجل حريته وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف”.
وأشاروا الى أنهم يعدون “لعقد مؤتمر دائم لمناهضة الغزو والتطبيع مع العدو الصهيوني بكل أشكاله سياسيا اقتصادياً وثقافياً واجتماعياً وانتخاب لجنة من مفكرين وأدباء وإعلاميين ومحامين لغرض وضع برنامج حول سبل مواجهة الداعين للتطبيع وذلك لمناقشة العديد من الأفكار والدراسات واقتراح القوانين لإقصاء الشركات المتورطة أو المدعومة من الكيان الصهيونى ومنع الشركات العالمية من العمل في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأوضحوا أن أعمال المؤتمر ستتخللها ورْشَة عمل هدفها “وضع استراتيجية وآليات عملية وفعالة لمناهضة الغزو والتطبيع مع العدو الصهيوني . وأشكال التطبيع ومعايير مناهضته ومخاطره واستراتيجيات المقاطعة ومدى تأثيرها”.
وأشاروا الى أن أعمال المؤتمر ستبقى مفتوحة للمشاركة فيه، لافتين الى أن بغداد ستحتضنه بعد إجراء الانتخابات العراقية في العاشر من الشهر الحالي وذلك من خلال تسجيل الاسم والمهنة ورقم الهاتف والعنوان.
واعتبر المثقفون العراقيون في بيانهم أن عقد مؤتمر التطبيع في أربيل جاء “مخالفاً للدستور العراقي أولاً وأنه خيانة للعروبة والعقيدة والضمير ثانياً”، مشددين على رفضهم القاطع للاجتماعات غير القانونية التي عقدتها طغمة من الشخصيات العشائرية المقيمة في أربيل من خلال رفع شعار التطبيع مع إسرائيل فهم لا يمثلون سوى أنفسهم .. وطالبوا القضاء العراقي بإدانتهم بتهمة الخيانة العظمى.
وعُقد مؤتمر أربيل للتطبيع في 24 من الشهر الماضي بمشاركة حوالي 300 شخصية عراقية تحت عنوان “مؤتمر السلام والاسترداد” برعاية مركز اتصالات السلام ومقره نيويورك. وأصدر القضاء العراقي مذكرات قبض بحق عدد من المشاركين في المؤتمر إلا أن بعضهم أصدر بيانات تنصّلوا فيها من معرفتهم المسبقة بالمؤتمر وأهدافه.
وتعليقاً على ذلك يقول المحلل السياسي صباح العكيلي إن “حناجر العراقيين لطالما صدحت بالحق رفضاً لأي شكل من أشكال التطبيع مع العدو الصهيوني، سواء على المستوى الشعبي أو السياسي”، لافتاً إلى أن “العراق كان وما يزال عصياً على المؤامرات الأميركية والإسرائيلية التي تحاول جره نحو حظيرة التطبيع”.
ويضيف العكيلي أن “هناك العديد من الشرفاء والوطنيين الذين سيقفون بوجه مساعي التطبيع مع الكيان المحتل، وقد برز ذلك عبر سلسلة من المواقف”، مؤكداً أن “المحتل لم ولن يجد له موطئ قدم في العراق مهما حاول جاهداً لتبييض صورته”.
ولاقت مساعي عقد المؤتمر المناهض للتطبيع دعماً فلسطينياً ، حيث أكد الاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين في برقية الى منظمي المؤتمر أنه يقدر عالياً موقف المشاركين فيه”.
وقال رئيس الاتحاد الشاعر الفلسطيني مراد السوداني الذي وقع البرقية: “نؤكد على أن التطبيع مع الكيان الصهيوني المحتل لأرضنا والمتسبب بمعاناة شعبنا جريمة لا تقل عن جريمة الاحتلال وغطرسته”.
وشدد على مساندة ودعم “المبادرة المبدعة” للمثقفين العراقيين “لمواجهة التطبيع وتجريم المطبعين داعيا جميع الكتّاب والأدباء في الوطن العربي والعالم الإنساني للمشاركة بها ودعمها وتفعيلها وتحويلها إلى حقيقة مؤثرة وضاغطة على المطبعين أصحاب الالتواءات المنحرفة في السلوك الأخلاقي العربي الجمعي وحملة سكين المحتل ومساحي دماء الأبرياء عنها لتزوير الرواية وطمس جريمة العصر”.
ولم تغفل “الأغلبية الصامتة” من الشعب العراقي يوماً، عن الأحداث المفصلية والأزمات التي تعصف بالبلاد من كل حدب وصوب، فقد أثبتت على مدى أعوام طويلة وقوفها مع قضايا الأمّة العادلة، متأسية بذلك بالإمام الحسين بن علي (عليه السلام) الذي حلّت قبل أيام ذكرى أربعينيته، بعد واقعة الطف الأليمة.
وغصّت شوارع العاصمة العراقية بغداد ومحافظات عراقية أخرى، بحشود مليونية سارت نحو “قبلة الأحرار” في كربلاء المقدّسة لإحياء الزيارة الأربعينية، وسط أجواء إيمانية قل نظيرها.
ولطالما تميزت الزيارة الأربعينية بمواقف اجتماعية وسياسية يعلنها الزائرون في المواقف الحاسمة، إلى جانب المسعى الديني والعقائدي، وقد ظهر ذلك عندما رفع الزائرون شعار “كلا للتطبيع” مع العدو الصهيوني، خلال المسير نحو كربلاء المقدسة.