كنوز ميديا / تقارير
لم تخلُ برامج الكتل المترشحة الى الانتخابات التشريعية الجديدة التي ستُجرى في الاحد المقبل، من الإرادات الخارجية وفرض القرار من قبل الجانب الامريكي على وجه الخصوص، وهذا الامر بينته الحملات الانتخابية والبرامج العملية المعلنة من تلك الكتل، بعد أن خلت من التركيز على موضوعة إخراج القوات الاجنبية من الارضي العراقية، في حين وجد أن هناك كتلا سياسية شرعت لأول مرة بالدخول الى حلبة السباق الانتخابي وضعت ملف “السيادة” و “الوجود الامريكي” في صدارة أعمال مهمتها التشريعية التي ستقوم بها تحت قبة البرلمان بعد ظهور نتائج الانتخابات وما ستؤول اليه التحالفات السياسية.
متابعون للشأن السياسي رأوا أن “ملف الوجود الامريكي” سيكون كفيلا بتغيير مسار العمل السياسي المتبع طيلة السنوات السابقة، وأن هناك تحالفات ستعقد بالشكل الذي يعزل كفة الكتل الداعمة لاستمرار الاحتلال في العراق.
وقد لوحظ حسب متابعين، بأن حركة “حقوق” التي تشارك لأول مرة في الانتخابات قد وضعت الانسحاب الامريكي في صدارة برنامجها الانتخابي حتى وصل الحال الى أن تضعه شرطا أساسيا للانفتاح على باقي الكتل والمكونات السياسية الاخرى، وأيضا هناك كتل شيعية أخرى معروفة طرحت هذا الموضوع بشكل علني كما هو مشهود لها في تبني هذا الملف الحساس.
لكن في الوقت ذاته، تبين أن هناك كتلاً سياسية، مرت على ملف الوجود الامريكي “مرور الكرام” على الرغم مما يشكله من خطر على سيادة البلد وأمنه واستقراره، ولعل في صدارة تلك الكتل هما الكتلتان السنية والكردية، اللتان لم تضعا في حساباتهما حجم الخطر المحدق على المدن والمحافظات الذي خلفه وسيخلفه الوجود الامريكي وكما حصل في 2014 عندما مهدت واشنطن الطريق الى جماعات “داعش” الاجرامية للدخول الى الاراضي العراقية.
ولم يقتصر هذا التخاذل بحق السيادة الوطنية على الكتل السنية والكردية، فحسب فهناك كتل شيعية تطرقت الى هذا الملف بشكل “دبلوماسي” ولا يمت لحجم الخطر الذي خلفه الوجود الامريكي وتحت جميع العناوين التي جاء بها سواء “التحالف الدولي” أو “قوات التحالف” وما شابه.
وللحديث حول هذا الملف، اعتبر المحلل السياسي حيدر البرزنجي، أن “الكتل السياسية التي لم تصوت على إخراج القوات الامريكية والاجنبية من الاراضي العراقية في مطلع 2020 هي ذاتها التي لم تتبنَ موضوع هذا الملف في برامجها الانتخابية”، مشيرا الى أن “هذه الكتل ساعدت المحتل الامريكي على تمزيق النسيج السياسي وتماديه بشكل أكثر وأكثر”.
وقال البرزنجي، في تصريح لـ “المراقب العراقي” إن “التفاوت في البرامج الانتخابية وبالأخص في تبني مسألة الوجود الامريكي داخل العراق، هو عامل مساعد على بلورة شكل العمل السياسي في الفترة المقبلة، خصوصا أن هناك كتلا مُجْمِعَةً على ذلك كحركة حقوق ودولة القانون والفتح، وهذا الامر سيجعل من تلك الكتل تحالفا يتبنى ذات الموقف إزاء ملف الامريكان”.
وأضاف، أن “واشنطن تدرك تماما سيناريوهات المرحلة المقبلة وما ستؤول اليه الانتخابات وما تفرزه من كتل متصدية لوجودها على الاراضي العراقية”.
وأشار، الى أن “حراكا جديدا سيظهر في المرحلة المقبلة وكتلا سيكون لها ثقل سياسي كبير يكون كفيلا بعزل كفة الكتل الداعمة للأمريكان”، لافتا الى أن “التفاوضات والانفتاح على باقي المكونات سيكون ليس بالأمر السهل لو قورن بالدورات السابقة”.