كنوز ميديا / تقارير
“مفاجأة كبيرة” فجّرها السياسي العراقي محمد توفيق علاوي، الذي كان مرشحاً قوياً لتولي منصب رئيس الوزراء، بعد استقالة حكومة عادل عبد المهدي، ليفتح الباب أمام احتمالات عديدة تتعلّق بـ”تزوير” الانتخابات البرلمانية المبكّرة التي جرت في العاشر من تشرين الأول الحالي.
وكتب علاوي في تدوينة على صفحته الرسمية في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك “أحسست منذ فترة أن الواتساب في هاتفي قد (تهكر)، فعطلت اتصالاتي على البرنامج، ثم تبين أن جهة سيطرت على هاتفي بدرجة كبيرة، فاضطررت إلى الاستعانة بأشخاص متخصصين؛ وهنا كانت المفاجأة الكبرى فانكشف لدي أن الاختراق جرى عبر برنامج التجسس لشركة (PEGASUS) الإسرائيلية، وقد بدأ من تأريخ 12 كانون الأول 2020”.
وأضاف علاوي: “من الطبيعي أن تتجسس الكثير من الدول على الكثير من السياسيين في العالم، ولو تم التجسس على مكالماتي في فترة التكليف في شهر شباط 2020 لكان هذا أمرا طبيعيا، أما أن يبدأ التجسس عليّ من قبل دول بعد تركي لرئاسة الوزراء بحدود عشرة أشهر دون وجود منصب في الدولة فهذا أمر مستبعد بشكل كبير إن لم يكن مستحيلاً، بل له دلالات أخرى”، متسائلا “إذا لم تكن إسرائيل أو دولة أخرى فمن الذي يتجسس؟”.
وتابع أن “برنامج (PEGASUS) للشركة الإسرائيلية لا يمكن أن يستخدمه أحد إلّا دولة لها علاقة وطيدة مع إسرائيل، أو شخص له مركز مهم أو جهة مهمة تتعامل مع إسرائيل؛ فمن هي هذه الجهة؟ ومن هو هذا الشخص؟”.
وختم قائلاً: “لا أستبعد أن بعض الأشخاص المهمين في العراق يتم التجسس عليهم بهذه الطريقة ومن قبل نفس هذا الجهة، هذا ما ستكشفه الأيام القادمة”.
وكانت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، كشفت مؤخراً أن اسم الرئيس العراقي برهم صالح كان ضمن قائمة تضم 50 ألف رقم تم اختيارها لاحتمال استهدافها بالمراقبة. إلا أن الصحيفة الامريكية لم يتسنَّ لها تأكيد ما إذا كان هاتف الرئيس العراقي تم التجسس عليه بالفعل أم كانت هناك محاولة للقيام بذلك.
وبالإجمال، فإن اسم الرئيس العراقي كان من بين ثلاثة رؤساء، وعشرة رؤساء للوزراء وملك، وضعت هواتفهم على قائمة أهداف المراقبة المحتملة ضمن قائمة “بيغاسوس”.
وتعكس هذه “المفاجأة الكبرى” بحسب وصف محمد توفيق علاوي، حجم الاختراق الكبير الذي يتعرض له العراق لاسيما على صعيد الجانب التقني والإلكتروني، وهو ما يعزز موقف المشككين بنتائج الانتخابات البرلمانية، وتحذيراتهم من اختراق “السيرفرات الانتخابية” وظلوع دول كبرى في عملية “تزوير” النتائج.
وفق ذلك يقول المحلل السياسي هاشم الكندي “قبل فترة أشيع أن هناك برنامجاً إلكترونياً أنتجه الكيان الصهيوني وأشترته الإمارات للتجسس على زعامات في دول عدة من بينها العراق”، معتبراً أن “ذلك ليس جديداً بل يندرج ضمن السعي الصهيوني لاختراق دول المقاومة”.
ويضيف الكندي أن “الإمارات والسعودية تقومان بذات الدور الذي يعمل عليه الصهاينة، والاختراق أمر متوقع”، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن “المعلومات تشير إلى أن هذه الدول كانت تتجسس على هاتف الشهيد المهندس”.
وفيما يتعلّق بواقعة “تزوير” الانتخابات، يقول الكندي إن “الشكوك والمخاوف التي كانت تطلق من قبل الكثيرين حول الانتخابات الإلكترونية ووجود السيرفرات في الإمارات تحولت إلى يقين بأن هناك تلاعباً اشتركت فيه كل الأدوات وفي مقدمتها الصهيونية والأميركية والبريطانية والسعودية والإماراتية”.
ويُحذّر الكندي من “محاولات تغييب الحقائق وعدم كشف المتآمرين على العملية الديمقراطية”، منوهاً إلى أن “عملية التزوير يراد منها أن تقود العراق إلى الفتنة بين أبناء المكون الأكبر”.
ويرى أن “واحدة من أدوات منع الفتنة بين الأوساط الشيعية، هي كشف المؤامرة التي بدأت بتزوير الانتخابات ويجب أن تتظافر جميع الجهود لتحقيق ذلك”، مؤكداً إمكانية “كشف التلاعب الإلكتروني حتى وإن كان احترافياً”.
وبينما يتصاعد الغليان الشعبي في بلاد ما بين النهرين احتجاجاً على نتائج الانتخابات “المُزوَّرة”، اختارت الولايات المتحدة توقيتاً حساساً لتكشف عن خبايا مخططها “المعد مسبقاً”، حسبما يرى مراقبون للشأن السياسي.
وفي تصريح أدلى به يوم الثلاثاء الماضي، أماط السفير الأمريكي لدى بغداد ماثيو تولر، اللثام عن حجم “المؤامرة الأميركية” في الملف الانتخابي، حيث عبّر تولر عن رغبة بلاده الإسراع في تشكيل الحكومة الجديدة “وفق ما تمخضت عنها نتائج الانتخابات”، التي يرفضها معظم الشعب العراقي.
وقال تولر خلال جلسة حوارية على هامش مؤتمر الشرق الأوسط المنعقد في أربيل، إن “تشكيل الحكومة عملية مهمة وينبغي الأسراع بذلك، ووفق ما تمخضت عنه الانتخابات من نتائج”.
وزعم السفير الأميركي أن “هذه الانتخابات كانت ناجحة من الناحية الفنية والتحضير لها”، واصفا إياها بأنها “أهدأ وأفضل عملية انتخابية جرت في العراق”، على حد تعبيره.
وتعكس تصريحات تولر حجم التدخل الأميركي في الانتخابات، ورغبة واشنطن بإقصاء فئة سياسية طالما كانت نِدّاً قوياً لهذا التدخل. ويعود ذلك بحسب مراقبين، إلى مساعي الإدارة الأميركية الجديدة بتجريد الحشد الشعبي من حاضنته السياسية في البرلمان.