كنوز ميديا / تقارير

تبدو العلاقة بين نتائج الانتخابات و”مسرحية” استهداف رئيس حكومة تصريف الأعمال مصطفى الكاظمي طرديّة، فكلّما قدمت الأطراف المعترضة “أدلة” على “التزوير”، يتعرض الرأي العام العراقي إلى عصف ذهني بشأن واقعة الاغتيال “المفبركة” حسبما يرى مراقبون.
وأجرى العراق في العاشر من تشرين الماضي، انتخابات برلمانية “مبكرة”، كانت نتائجها صادمة للجميع، بسبب “التزوير وسرقة أصوات المرشحين الذين ينتمون إلى طيف سياسي محدد”.
وضجَّ الشارع العراقي وانتفض بتظاهرات غاضبة طالب المشاركون فيها بإعادة العد والفرز اليدوي لجميع المحطات، بيد أن مفوضية الانتخابات تجاهلت المطالب وأصرت على موقفها، وهو أمر بطبيعة الحال أدى لتحول التظاهرات إلى اعتصام مفتوح أمام بوابة المنطقة الخضراء.
وعلى حين غرّة فوجئت جموع المتظاهرين الذين مضى على اعتصامهم المفتوح ما يقارب الثلاثة أسابيع، بتصعيد خطير تمثّل بحرق خيمهم وضربهم واستخدام العيارات النارية الحية في مواجهة العزل، الأمر الذي خلّف شهداء وجرحى.
وبعد مضي ساعات على استهداف المعتصمين العزّل وتصفيتهم بـ”رصاصات غادرة”، أعلن مكتب رئيس الوزراء عن تعرض الكاظمي إلى “محاولة اغتيال” بواسطة طائرة مسيرة استهدفت منزله في المنطقة الخضراء.
اختلاف الروايات بشأن هذه الحادثة جعلها موضع تشكيك منذ البداية، لاسيما أنها جاءت بعد ساعات من استهداف المعتصمين على بوابة المنطقة الخضراء، حيث يرى مراقبون أنها كانت تهدف إلى التغطية على عملية القتل الجماعي التي استهدفت المعتصمين في قلب العاصمة بغداد.
وما يعزز هذه الرواية هو الإعلان المفاجئ عن عزم الحكومة تقديم “عرض جزئي” للتحقيقات في الحادثة الغامضة، وذلك بالتزامن مع إعلان القوى المعترضة على نتائج الانتخابات نيتها تقديم أدلة حاسمة ونهائية تتعلّق بـ”التزوير” الذي رافق عملية الاقتراع.
وقدم مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي مساء الاثنين، عرضًا عن “استهداف” منزل الكاظمي، وقال إنه “تم إرسال فريقين من مكافحة المتفجرات والأدلة الجنائية إلى مسرح الجريمة وتم أخذ المبارز الجرمية”، مستدركًا بالقول: “فوجئنا بقيام مفرزتين تابعتين لمكافحة المتفجرات والأدلة الجنائية بتفجير المقذوف دون رفع البصمات”.
وذكر الأعرجي كذلك: “ثبت لدى لجنة التحقيق أن الهجوم على منزل رئيس الوزراء تم بطائرتين مسيرتين”، وهو ما يخالف الرواية الرسمية السابقة بوجود ثلاث طائرات نفذت الهجوم.
وجوبه حديث لجنة التحقيق بتشكيك من قبل المراقبين للشأن السياسي، الذين عبّروا بدورهم عن قلقهم من محاولات “طمس الحقائق”.
وعن ذلك يقول المحلل السياسي مؤيد العلي إن “إعلان الحقائق يجب أن يكون بشفافية تامة، لأن الروايات الرسمية بدأت تتضارب”، لافتًا إلى أن “اختيار التوقيتات فيما يتعلق بتنفيذ الهجوم المزعوم، وإعلان نتائج التحقيقات على مراحل، يوحيان بوجود نوايا لحرف الرأي العام عن الحقيقة الوحيدة المتمثلة بتزوير نتائج الانتخابات”،
ويضيف العلي أن “العراق مقبل على مرحلة خطيرة، لم يشهد لها مثيلًا منذ عام 2003، ما يتطلب توحيد جهود جميع العراقيين من أجل استرداد الحقوق المسلوبة، وعودة الأمور إلى نصابها”، ملمحًا إلى “إمكانية تدويل ملف التزوير عبر دول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي”.
وفي خضم “الانسداد السياسي” الذي يشهده العراق منذ إعلان نتائج الانتخابات، جراء الشد والجذب بين الفرقاء احتجاجاً على “التزوير” الذي رافق عملية الاقتراع، تنعقد الآمال الآن على حل سياسي قد يفضي إلى انتهاء الأزمة الراهنة، والذهاب نحو تشكيل حكومة جديدة.
وتنشطر الآراء والتحليلات حول شكل الحكومة المقبلة، بين من يرى أن القوى السياسية متجهة نحو “الأغلبية”، وآخرين يعتبرون هذا الخيار “حلماً بعيد المنال” في خضم الواقع السياسي الحالي، ولذلك فإن خيار “الحكومة التوافقية” بات يقترب رويداً رويداً.

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here