الشهيد سليمانيّ ودورُهُ بين ظهور القطبيَّة الشيعيّة ومنع سايكس بيكو (2)

بقلم // مُحمّد صادق الهاشميّ

هنا نظرةٌ سريعةٌ لموضوعٍ مطوَّلٍ وعميقٍ، لكنَّ الحاذق المتابع يمكنه الاستشراف و الاكتشاف ومعرفة التفاصيل بأدنى إشارة، والإشارة هنا إلى أمرين:

أولًا: الشهيد سليمانيّ وقدرته على منع تحقيق مؤامرة سايكس بيكو (2).

نتذكّر كلنا الخطاب الذي أعلنه مسعود البرزاني، والذي أعلن فيه دعوته الى انفصال إِقليم كردستان بعد (40) يوم من دخول داعش، وقال بالنصّ: ( إنّ الظروف الدوليّة والإقليميّة تغيَّرت، وتغيّرت معها الخريطة السياسية،وانتهت من الوجود سايكس بيكو، وأَدعو البرلمان الكرديّ الى الانعقاد لإقرار انفصال إقليم كردستان ) .

 خطاب السيد مسعود كاشفاً عن قراءته الواهمة الى الأحداث، وحركة داعش التي تتّصل وتنفّذ مخطّطات الدول الكبرى لتغيير الخريطة الجغرافية والسياسية والاقتصادية، وأراد ــ وفق تلك القراءة ومن خلال هذا الفهم ــ ركوب موجة المتغيّرات هو والكرد في سوريا وحتى إيران وتركيا .

هؤلاء كان تحرّكهم ناتجاً عن فهمهم بأنَّ المنطقة في طريقها الى سايكس – بيكو جديدة رقم (2) لتفكيك المنطقة، وتقسيم البلدان الإسلاميّة بما يمهِّد قيام إسرائيل الحامية للأجزاء المقسَّمة والمندكَّة فيها.

 تلك مخطّطاتٌ قديمةٌ أقرّتها المخابرات الأمريكية،ولأجل هذا تدفّقَ المال الخليجيّ، والتخطيط الصهيونيّ، والتسهيل والإسناد التركيّ والحماية الأمريكية،ولأجله قال أوباما: ( داعش لايمكن دحرها إلّا بعد عشرين عاماً )، طبعا يقصد تلك الفترة الكافية لطحن المنطقة بالصراعات والدماء تمهيداً لتفكيكها وإعادة رسمها وفق استيلاد دول صهيونية موالية لإسرائيل.

الشهيد سليمانيّ وأبو مهدي، ومعه الدم العراقيّ الشجاع، واللّبنانيّ الثابت، والسوري الوطنيّ كانوا رجال المقاومة والممانعة يقفون على السواتر بكلّ إدراكٍ، مدجّجين بسلاح العقيدة وفتوى المرجع السيستانيّ، وإسناد الإمام الخامنئيّ، وبوعي عزّ نظيره لمواجهة التقسيم، فكان الحسم وخرجت منطقتنا الإسلامية موحَّدة وبسلام وعِزّة بعد أن أُريد لها دماء، وتقسيم، وتطبيع،ونهب الثروات، و تهميش الشعوب الإسلامية، وسحق الشيعة وإلى الأبد . ا

ثانياً: الشهيد سليمانيّ وظهور القطبيّة الشيعيّة.

مما لاشكّ فيه أنّ الانتصار على داعش كانت مخرجاته ظهور الخطّ المقاوم، وتجلي الجغرافيا السياسية المقاومة الحامية لمصالحها وهويّتها وقيمها وجغرافيّتها وأرضها وشعوبها، ومن يدقّق في النتائج يجد أنّ المقاومة اليوم تمتدّ على جغرافيا واسعة تحتل قلب العالم؛ لأنّها تنبثق من قلب طهران الى البحر المتوسط، مروراً بالعراق وسوريا ولبنان؛ لتجاور المقاومة بسلاحها وعقيدتها الدول الكبرى والأقطاب المحورية في العالم ( وفق نظرية هالفورد ما كيندر- في نظريته المعروفة بقلب العالم )، وتمكّنت المقاومة أن تحاصر إسرائيل بقوّتها البشرية، وعقيدتها وسلاحها، وتغيّر معها موازين القوة في المنطقة عموماً والخليج بنحوٍ خاص، وبهذا بعد أن أراد الاستكبار سحق الشيعة، فإنّهم اليوم يشكّلون القطب الإسلامي الذي يُعدُّ نقطة مرور الاقتصاد العالميّ، وبيضة القُبّان في مستقبل الاقتصاد والمعادلات الدولية، وهم المحور في نمو قطب ومحور وضمور آخر، والكلّ لا يمكنهم تجاهل القطب الإسلامي الشيعيّ .

نحن الممهدون المنتظرون لدولة القائم (عج)، سلامٌ على دمِ الصدرَيْن، ودماء قادة النصر وشهداء المقاومة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى