كنوز ميديا / تقارير
جاء رد المحكمة الاتحادية لدعوى الإطار التنسيقي بشأن الانتخابات، ومصادقتها على نتائجها، إيذانا ببدء مرحلة سياسية “توافقية” بعيدا عن شعار “الأغلبية” الذي ينادي به زعيم التيار الصدري، بالنظر لطبيعة النظام السياسي في العراق، كما يرى محللون سياسيون.
ويقول المحلل السياسي خالد المعيني إن “طبيعة النظام السياسي بالعراق توافقية، وتشكيل الحكومة لن يخرج عن هذا الإطار، وسنشهد محاصصة توافقية والخلاف سيكون على المناصب والحصص”.
ويضيف المعيني، أن “الوضع الإقليمي لا يسمح بأي صراع داخل العراق، والآن نحن في حقبة التوافق والسباق سيكون حول الامتيازات، ولن يكون في رحم هذا النظام لا أغلبية ولا معارضة، والوضع سيبقى على ما هو عليه”، مؤكدا أنه “حتى بعد تغريدة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، فإن التوافقية ستكون حاضرة لأن طبيعة النظام توافقية ولا تتحمل الأغلبية”.
ويرجح “اتجاه الوضع نحو مرشح من التيار الصدري لرئاسة الحكومة، بمصادقة الإطار التنسيقي، فيما سيتم التوافق بشأن الوزارات ونزولا للمدراء العامين”.
وكانت المحكمة الاتحادية العليا، أصدرت يوم أمس الاثنين، قرارها بشأن دعوى الإطار التنسيقي لإلغاء نتائج الانتخابات، والذي نص على رد الدعوى ورفض طلب المدعي العام بإصدار أمر ولائي لإيقاف المصادقة على النتائج، وعقب صدور القرار، أعلنت المحكمة الاتحادية عن مصادقتها على النتائج.
وشهد يوم أمس، أحداثا عديدة، تمثل بخروج تظاهرات لجماهير الإطار التنسيقي قبيل عقد المحكمة الاتحادية لجلستها، وقد تجمعت حشود المتظاهرين أمام بوابات المنطقة الخضراء وأمام المحكمة الاتحادية، وقد أحرقوا الإطارات، وذلك وسط انتشار أمني مكثف.
فيما شهدت طرقات العاصمة بغداد، زخما مروريا كبيرا، وذلك بعد قطع أغلب الجسور والطرقات من قبل القوات الأمنية لتأمين لحظة إعلان قرار المحكمة وعدم حدوث خرق أمني كبير.
وكان الإطار التنسيقي قد رفع هذه الدعوى، عقب اعتراضه على نتائج الانتخابات واعتبرها “مزورة” بعد فقدأنه أغلب مقاعده البرلمانية السابقة، حيث أكد أن عددها الحقيقي هو ضعف ما حصل عليه.
وقال زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، عبر تغريدة له بموقع تويتر: أتقدم بالشكر لكل من ساهم في هذا العرس الديمقراطي الوطني لا سيما القضاء الاعلى واخص بالذكر فائق الزيدان والمحكمة الاتحادية ومفوضية الانتخابات والممثلة الخاصة للأمم المتحدة جنين بلاسخارت، داعيا الى الحفاظ على السلم والسلام عن طريق الاسراع بتشكيل حكومة أغلبية وطنية.
ردود الفعل
بعد إعلان المحكمة لقرارها، جاءت ردود قوى الإطار التنسيقي، لتعلن عن التزامها بالقرار، لكن وسط الإشارة الى الخروق في الانتخابات فضلا عن تأكيدات بعضها أن القضاء تعرض لـ”ضغوط خارجية” دفعته لإصدار هذا القرار.
إذ أعلن رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، اليوم الاثنين، أن قرار المحكمة الاتحادية كان متوقعا ولأسباب تتعلق بوضع البلد، أنه لا يمكن إلغاء الانتخابات وإعادتها، مع أن الخلل الواضح وبالوثائق والأدلة موجودة.
فيما علق الأمين العام لحركة عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، قائلا إن تقديسا منا للمصلحة العامة، وأهمية الحفاظ على مؤسسات الدولة وخصوصا القضائية، نعلن التزامنا بقرار المحكمة الاتحادية الأخير قناعتنا الكاملة أنه لم يكن مهنيّا، وفيه الكثير من الإشكالات والملاحظات، وأنه جاء بسبب ضغوط كبيرة مُورست على القضاء، لكن هذا لا يعني تنازلنا عن حقّنا الثابت في الاستمرار بالطرق السلمية السياسية والاجتماعية وغيرها من أجل تصحيح المسار.
من جانبه، أكد رئيس تحالف الفتح هادي العامري، أن من باب حرصنا الشديد على الالتزام بالدستور والقانون وخوفنا على استقرار العراق أمنياً وسياسياً، وإيماناً منا بالعملية السياسية ومسارها الديمقراطي من خلال التبادل السلمي للسلطة عبر صناديق الانتخابات نلتزم بقرار المحكمة الاتحادية، لكن لدينا إيمانا عميقا واعتقادا راسخا أن العملية الانتخابية شابها الكثير من التزوير والتلاعب وأن الطعون التي قدمناها الى المحكمة الاتحادية كانت محكمة ومنطقية ومقبولة.
الى ذلك، أشار رئيس تحالف تقدم محمد الحلبوسي، إلى أن الإجماع على الالتزام بقرارات المحكمة الاتحادية واحترام السياقات الدستورية والقانونية بخصوص المصادقة على نتائج الانتخابات، خطوة باتجاه تحقيق المسار الديمقراطي بعيدا عن خيارات الفوضى والانفلات ويحفظ هيبة وسيادة الدولة ويحمي مكتسباتها.
تركة ثقيلة
من جانبه، يبين المحلل السياسي علي البيدر ، أن “التوافق سيكون سيد المشهد، ولا يمكن المضي بحكومة الأغلبية، ولكن هذه الحكومة الجديدة سترث تركات ثقيلة على المستوى السياسي، حيث أن هناك معارضة مستعدة من الآن لمواجهتها”.
ويلفت البيدر، إلى أن “هناك تركات ثقيلة أيضا أمنية واقتصادية، بالإضافة الى الاجتماعية، وهي النقمة الشعبية على المنظومة الحكومية، لذا التحديات كبيرة ولكنها ليست مستحيلة، خاصة وأن الكتل السياسية شهدت درجة الوعي الذي يمتلكه الشارع، لذا يمكن أن تجد حلا”، متابعا أن “المعارضة اليوم نتجت عن وعي ونضج سياسي، ودورها سيكون أكثر تنظيما في التصحيح السياسي، خصوصا وأن الشارع العراقي يجد المعارضة أكثر قربا له من منظومة السلطة”.
ولغاية الآن، لم تنطلق الحوارات بين الكتل السياسية بشكل جاد أو حقيقي لتشكيل الحكومة، رغم أنها بدأت مطلع الشهر الماضي، لكنها كانت أولية ولم تفض الى نتائج، وفقا لما أكدته مختلف الكتل السياسية في تقرير سابق واتضح أن كل المفاوضات السابقة كانت محاولات تقودها كل كتلة لإقناع الكتلة الأخرى برؤيتها للمرحلة المقبلة.
وتعد مسألتا “التوافق” و”الأغلبية” أبرز معرقلات العملية السياسية، حيث يصر التيار الصدري على الأغلبية الوطنية التي يقصد بها حكومة تشكلها الكتلة الفائزة بالانتخابات، فيما تتجه قوى الإطار التنسيقي بالإضافة الى القوى السنية الى الدعوة للتوافق، وهو ما شكلت على أساسه كافة الحكومات السابقة، وخاصة حكومة العام 2018 التي ترأسها عادل عبد المهدي، ومضت دون الإعلان عن الكتلة الأكبر.