كنوز ميديا / تقارير
تنعقد آمال العراقيين على حل للأزمة السياسية الخانقة، التي تشهدها البلاد منذ إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت في العاشر من تشرين الأول الماضي، وما تلاها من أحداث متسارعة تُنذر باحتدام المشهد، لاسيما بعد مجريات جلسة البرلمان الأولى.
بيد أن اللقاء الذي جمع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وزعيم تحالف الفتح هادي العامري، يوم السبت الماضي، بدا وكأنه انعطافة جديدة في مسار الأحداث، وبادرة أولى للملمة شتات القوى السياسية الممثلة عن المكون العراقي الأكبر.
وتتوالى التحذيرات على الصعيدين السياسي والأمني، من احتمالية نشوب “نزاع” تتآكل فيه المنجزات التي أُريقت لأجلها دماء كثيرة، في الوقت الذي يتطلع فيه العراقيون إلى احتواء الأزمة المتصاعدة، في بلادهم التي ترزح تحت وطأة الفساد والاحتلال والتدخل الخارجي، وأزمات أخرى أرهقت كاهل المواطن.
وما إن خرج العراقيون من نفق الأزمة التي أحدثتها نتائج الانتخابات الأخيرة، بعد أن رجّحت قوى الإطار التنسيقي خيار التهدئة، والركون إلى قرارات القضاء التي أكدت ضمنًا وجود تلاعب في النتائج، حتى دخلوا في معترك أزمة جديدة قد تتسبب بحسب مراقبين، بـ”انهيار” على مستويات عدّة.
ورفع الإطار التنسيقي دعوى قضائية وطعن لدى المحكمة الاتحادية بالإجراءات التي حصلت في الترشيح والتصويت لصالح رئيس مجلس النواب ونائبيه، في حين أعلن رئيس السن هو الآخر، عن عزمه رفع دعوى أخرى لأنه لم يخول أي شخص لترؤس الجلسة بدلًا منه كونه رفع الجلسة بشكل قانوني للمداولة الى حين مشاورة القانونيين حول الوثائق التي سلمت له.
وقررت المحكمة الاتحادية العليا مؤخرًا، إيقاف عمل هيأة رئاسة البرلمان، وجاء ذلك بعدما أعلن الإطار التنسيقي، عن رفضه انتخاب رئيس البرلمان ونائبيه، وأكد أن العملية أُجريت “دون أي سند قانوني”، في ظل غياب رئيس البرلمان المؤقت، الأكبر سناً، محمود المشهداني.
وفي خضم ذلك استقبل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، رئيس تحالف الفتح هادي العامري في منطقة الحنانة بمحافظة النجف”، بحسب بيان مقتضب نشره مكتب الصدر دون ذكر مزيد من التفاصيل.
ووفقًا لمصادر سياسية فإن “اجتماع الجانبين تناول ثلاث نقاط؛ أولها تشكيل الكتلة البرلمانية الأكبر التي ستكلف بتشكيل الحكومة المقبلة”.
كما تطرّق اللقاء إلى أهمية عدم المساس بهيأة الحشد الشعبي أو الاقتراب منها، إضافة الى فيتو الاطار التنسيقي على أي قرار أمني يخص صلاحيات القائد العام دون التشاور معهم، وإن القرارات الاستراتيجية الامنية التي من صلاحيات القائد العام لا يمكن اتخاذها دون الرجوع للتشاور معهم”، بحسب المصادر ذاتها.
وتنشطر الآراء حول شكل الحكومة المقبلة، فبينما يذهب البعض نحو حكومة أغلبية يُشارك فيها التيار الصدري والحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالفي عزم وتقدم، يرى البعض الآخر أن تشكيل حكومة بعيدة عن التوافق بين المكونات الثلاثة، سوف يجعلها آيلة للسقوط في غضون فترة لا تتجاوز الستة أشهر.
وفق ذلك يقول المحلل السياسي مؤيد العلي إن “العراق يواجه تحديات كبرى تتطلب التعامل بحنكة سياسية، لتجاوز النفق المظلم الذي وضعنا به جراء التلاعب في نتائج الانتخابات”، لافتًا إلى أن “الحوار بين الحلفاء والفرقاء هو السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار السياسي المنشود”.
ويضيف العلي أن “العراقيين يتطلعون إلى تشكيل حكومة قوية قادرة على تجاوز التحديات المرتقبة، وهذا مرهون بتوافق الأطراف السياسية كافة، بغية اختيار كابينة وزارية قوية ومدعومة سياسيًا”.
ويرى أن “وحدة البيت الشيعي هي الضامن الوحيد لاستقرار العراق، وبخلاف ذلك فإن الولايات المتحدة وبعض الدول الإقليمية، سوف تعمل خلال الأيام المقبلة على إضعاف القرار السياسي، وتمرير أجندات خطيرة تستهدف العراق برمّته”.
جدير بالذكر أن المحكمة الاتحادية العليا، حددت يوم الأربعاء المقبل موعداً للنظر في الدعويَينِ الخاصتين بعدم دستورية جلسة مجلس النواب الأولى.
ويأتي ذلك بعدما أصدرت المحكمة يوم الخميس الماضي، أمرًا ولائيًا بإيقاف عمل هيأة رئاسة البرلمان المنتخبة في الجلسة الأولى لحين حسم دعويَينِ مرفوعتين بشأن قانونية الجلسة تقدم بهما النائبان باسم خشان ومحمود المشهداني.