كنوز ميديا / تقارير
خمسة أشهر مضت على الانتخابات النيابية المبكرة التي أجريت في تشرين الأول 2021، ولا زال الوضع في العراق يراوح في مكانه، فلا رئيس للجمهورية، والحكومة تنتظر من يقودها لا من يسير أعمالها، لكن تأزم المشهد الحالي بسبب تعنت القوى السياسية والكتل البرلمانية حول تقاسم المناصب السيادية، يقف عائقاً أمام إتمام ملف تشكيل الحكومة.
يخرج من ازمة ويسقط في أخرى هذا الحال في العراق، فكلما اقترب موعد انتخاب الرئيس، ظهرت معرقلات تؤجل جلسة البرلمان المخصصة لهذا الشأن إلى موعد جديد، وها نحن لا زلنا ننتظر لحظة الحسم؛ لننتقل إلى مشكلة أكبر تتمثل في تشكيل الكتلة الأكبر داخل مجلس النواب ثم تقديمها إلى رئيس الجمهورية المنتخب، بعدها اختيار رئيس مجلس الوزراء.
تحالف “إنقاذ وطن” الذي يضم (الكتلة الصدرية، السيادة، والديمقراطي الكردستاني) يختلف في رؤياه بشكل تام عن رؤى الإطار التنسيقي (الفتح، دولة القانون، النصر، حقوق، الحكمة،..)، فلا أصحاب الصدر يقبلون بـ”التوافقية”، ولا الاطار التنسيقي يريدون “الأغلبية” ولكل منهم سبب يعتد به.
وسط استمرار الخلافات واشتدادها بين التيارات السياسية، يبقى سيناريو جلسة مجلس النواب المزمع عقدها يوم الأربعاء المقبل، لاختيار رئيس الجمهورية، محط استفهام، فلا توقعات ممكنة، فالتغييرات تحدث في لحظات، وكل شيء وارد في العملية السياسية داخل العراق.
وضع متصلب
يشبه المحلل السياسي، فاضل البدراني، الوضع السياسي في العراق بـ”قالب ثلج”، قائلاً: “الوضع السياسي في العراق متجمد ومتصلب وهو أشبه بقالب ثلج، إذ غابت عن أذهان القوى السياسية مسألة الحوارات والتفاوض والرؤى الوطنية وحل بديلاً عنها التصلب بالمواقف وسياسة كسر الإرادات وهذا خسارة لكل الأطراف”.
فشل ثالث
ويتوقع البدراني في تصريح له، إن “تكون جلسة يوم الأربعاء المقبل (وهي ثالث جلسة مخصصة لانتخاب رئيس الجمهورية) على غرار الجلسات الماضية التي فشلت الكتل السياسية فيها بتمرير رئيس الجمهورية”.
وفشل البرلمان العراقي، أمس السبت، و للمرة الثانية في انتخاب رئيس للجمهورية بعد إخفاقه بمحاولة أولى كانت في 7 شباط لعدم اكتمال نصاب الثلثين (أكثر من 220 نائبا من أصل 329).
ومن أصل 40 مرشحاً، تنحصر المنافسة على رئاسة الجمهورية بين مرشح حزب الاتحاد الوطني الكردستاني “برهم صالح”، و مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني “ريبر أحمد”.
ويصر “إنقاذ وطن” على تمرير مرشحه ريبر أحمد لرئاسة الجمهورية، في خطوة أولى للمضي نحو تشكيل “حكومة أغلبية وطنية”، بينما يعارض “الإطار التنسيقي” ذلك، ويشترط تشكيل حكومة توافقية يشارك فيها الجميع .
مسارات حل الأزمة
ويمضي المحلل السياسي، في حديثه قائلاً، أن حل الأزمة الراهنة يكون أما “من خلال تبني طرف سياسي مبدأ حل مجلس النواب وفق المادة 64 الفقرة واحد، أو عبر الضغط على رئيس الجمهورية لحل البرلمان، أو بتدخل أطراف خارجية”.
التدخل الإيراني – الأمريكي
ويؤشر البدراني، “تراجع التدخلات الأمريكية – الإيرانية في هذه المرحلة مقارنة في السابق”، ويعزو ذلك إلى “الأزمة العالمية المتمثلة بالحرب بين روسيا وأوكرانيا، ناهيك عن مفاوضات الملف النووي”، لكن “الانسداد السياسي الحاصل في العراق قد يلفت انتباه تلك الدولتين نحو التدخل لتمشية الأمور، لكن لا انفراجة في الأزمة قبل جلسة الأربعاء”.
مبادرة جديدة
تسعى قوى الإطار باعتبارها تملك “الثلث المعطل” إلى إيصال رسالة للأطراف الأخرى مفادها بأنها لا تسعى إلى “تعطيل البرلمان” بل تسعى “لتوازن العملية السياسية”.
وفي هذا الصدد، يشير النائب عن ائتلاف دولة القانون محمد الزيادي، إلى مبادرة سيتبناها الاطار التنسيقي للتقريب بين وجهات النظر داخل البيتين الشيعي والكردي لإنهاء حالة الانسداد السياسي.
ويقول الزيادي في تصريح له، إن “الإطار التنسيقي ومنذ اللحظة الاولى التي لحقت إعلان نتائج الانتخابات كان حريصاً على تقريب الفجوة بين الفرقاء السياسيين في جميع البيوتات ضمن رؤية وطنية لتشكيل حكومة توافقية قوية تخدم الشعب العراقي”، مبيناً أن “ما وصلت إليه الأمور و أفرزته نتائج جلسة السبت الماضي تجعلنا أمام موقف وطني وشرعي لردم الهوة داخل البيتين الشيعي والكردي وإنهاء حالة الانسداد السياسي”.
ويتم حديثه، بالقول إن “الاطار يسعى خلال هذين اليومين بكل ما لديه من جهود وقبل جلسة الاربعاء المقبل ان يعمل على طرح مبادرة للحوار والتفاهم على اعتبار ان القضية اصبحت لا تحتمل المزيد من التعقيد والتهديد والتمسك بالرأي لان الخاسر في النهاية سيكون الشعب العراقي كما انها مغامرة ستضر بالعملية السياسية التي لم يعد الشعب العراقي قادراً على تحمل اخفاقاتها في سيناريو مشابه لمغامرة الرئيس الأوكراني بحربه ضد روسيا”.
الرئيس سيمرر
من زاوية أخرى، يريد “إنقاذ وطن” الوصول إلى 220 عبر مضاعفة الحوارات مع النواب المستقلين والكتل الصغيرة لاسيما تلك التي انبثقت من ثورة تشرين، الأمر الذي يمكنه من تمرير رئيس الجمهورية والمضي نحو حكومة الأغلبية.
وفيما يشير النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، محما خليل، إلى استمرار تحركات التحالف الثلاثي نحو الكتل السياسية، فأنه يرجح تمرير رئيس الجمهورية خلال جلسة يوم الأربعاء.\
ويقول خليل في تصريح له ، إن “التحالف الثلاثي يتحرك بموجب الإطر الديمقراطية، ويؤمن بتشكيل حكومة وطنية خدمية توفر الامن والأمان للبلد”، معرباً عن أمله بان “تعقد الجلسة بنصاب مكتمل، مشيراً إلى أنه هناك رغبة حقيقية لتحقيق النصاب”.
ويختم النائب عن الديمقراطي، حديثه بالقول “نتوقع تمرير رئيس الجمهورية يوم الأربعاء، وهذا سيكون من مصلحة البلد”.
المستقلون بيضة القبان
يلعب النواب المستقلون دوراً مهماً في عملية تمرير الرئيس، بل لعل أمر الحسم يكمن بمشاركتهم في الجلسة المخصصة للتصويت على رئيس الجمهورية.
يبين النائب المستقل سجاد سالم، أن “إكمال نصاب جلسة يوم الأربعاء، يكمن في اتفاقات الكتل السياسية الكبيرة”.
ويلفت سالم في تصريح له إلى أنه “تجري تفاهمات بين كتلة مختلفة لتأمين النصاب الكامل للجلسة المزمعة في 30 آذار الحالي”.
أما موقف المستقلين، بحسب سجاد سالم، فهم “ما بين مقاطع وبين حاضر.. لا يوجد موقف محدد منهم”.
“كوبي بيست”
يرى المحلل السياسي علي البيدر، في تصريح له ، إن “سيناريو جلسة الأربعاء سيكون “كوبي بيست” لجلسة الأمس، إذ لا توجد بوادر لحل الأزمة وحالة الانسداد التي تشهدها العملية السياسية فيما يتعلق باختيار رئيس الجمهورية؛ بسبب تعنت جميع الأطراف بمواقفها ورغباتها في الحصول على المناصب والمغانم أو في تنفيذ برامج حكومية معينة”.