بقلم // محمد جعفر الحسن

نادرا ما يتصف الزعماء بصفة الحكمة، فصفة الزعيم بحد ذاتها ليست منقبة ولا مأثرة كما هي باقي الصفات عندما تكون مجردة من الضابطة التي تجعلها تسير بنسق إنساني، كالقوة مثلا، إن لم يضبطها العقل تصبح مدمّرة. والزعامة اذا غابت الحكمة والبصيرة عن صاحبها تتحول إلى احد اسباب ضياع الشعوب وخراب البلدان. ويالمثل فأنها، اي البلدان او شعوبها، عليها ان تسعى لإكتشاف الحكماء من زعمائها، وإن فعلت سوف تنجو من المهالك وتتخلص من الأزمات.

السيد عبد العزيز الحكيم، قامة علمية وجهادية وسياسية لا يوجد لها نظير في الساحة السياسية العراقية، زعيم أمتاز بحكمة القادة الذين يضعون الحلول قبل حصول المشكلة او الازمة، وهذه الخاصية، استشراف المستقبل وفق معطيات الماضي والحاضر، لم يتميز بها سوى عزيز العراق. ولعل بدايات العملية السياسية والأزمات التي رافقتها، ما زالت آثارها حاضرة في الواقع العراقي، غير أن الجانب الآخر منها لم يعد يتذكره الشعب بشكل عام، فذاكرة الشعوب كما يقال ضعيفة. ذلك الجانب هو الحلول التي استبرق بها السيد عبد العزيز الحكيم جميع الأزمات العراقية، بداية من الانفلات الأمني والذي وضع السيد الحكيم له حل “اللجان الشعبية” وهذه الفكرة نفذت بعد عشرة سنوات من طرحها، عندما تأسس الحشد الشعبي. فاللجان الشعبية، كانت حلا طرحه الراحل الحكيم لمواجهة التحديات الامنية الناتجة التي واجهت التجربة العراقية الجديدة.

تلك التحديات الامنية كان جزءا منها نابع عن تفكير طائفي او طائفية سياسية سار عليها النظام البائد وأسس لها من خلال حملته “الايمانية” في منتصف تسعينات القرن الماضي، واستطاع استقطاب كم هائل من المتطرفين والتكفيريين الذين تحولوا فيما بعد الى تنظيمات تكفيرية مسلحة استطاعت اختراق الجسد العراقي والقيام بمئات التفجيرات الانتحارية والمفخخات في المناطق والأسواق العامة ودور العبادة، لا سيما في المناطق الشيعية.

ولمعالجة هذه الظاهرة التكفيرية تمهيدا لحل وطني شامل، طرح عزيز العراق فيدرالية الوسط والجنوب والتي واجهها الجميع بالتسقيط والتخوين عندما كانت حلا للأزمة، ليعودا بعد سنوات قليلة للمطالبة بها بعد أن غاب مفعولها!

هذه الأمثلة القليلة، نماذج لحكمة زعيم فقده العراق، يطرح الحل قبل وقوع المشكلة، يرفضوه، وعندما ينتهي مفعول ذلك الحل يتبنوا ما رفضوه سابقا، وما زالوا مصرين على نفس العناد، والشواهد كثيرة.

الازمة التي نعيشها اليوم جعلت الجميع يستذكرون الراحل الحكيم، وعلى الرغم من انه حلوله ما زالت تطرح وما زال من رفضها سابقا يرفضها اليوم، ولكنهم يشعرون بفقد زعيم له من الحكمة والهيبة ما يجعلهم يلوذون به وقت الملمات، وفي عينه تصغر عظائم الأمور.

رحم الله المجاهد العظيم والزعيم الحكيم السيد عبد العزيز الحكيم (رض) بذكراه السنوية.

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here