كنوز ميديا / تقارير
ليلة مرعبة مرت على الجنود الأمريكيين الرابضين داخل قاعدة عين الأسد في محافظة الأنبار، بعد استهدافها بستّة صواريخ غراد، في أحدث هجوم على القوات الأمريكية تبناه “فصيل المقاومة الدولية”.
ووفقًا لمصادر أمنية، فإن الصواريخ انطلقت من الصحراء الغربية بمحافظة الأنبار، وسقطت على القاعدة العسكرية الواقعة في ناحية البغدادي.
وفي خضم ذلك نشر فصيل يُطلق على نفسه اسم “المقاومة الإسلامية فصيل المقاومة الدولية”، بيانًا مقتضبًا أعلن فيه نتائج الهجمات الصاروخية التي طالت “الاحتلال”.
وقال الفصيل في بيانه إنه تمكن من “استهداف قاعدة عين الأسد التي تتواجد فيها قوات الاحتلال الأمريكي بـ 6 صواريخ نوع غراد 122 ملم بتأريخ ٣٠ / ٥ / ٢٠٢٢ في تمام الساعة 2225 وتمت إصابة الهدف بدقة تمامًا”.
ومؤخرا، تزايدت وتيرة الهجمات التي تستهدف القوات الأمريكية، بالتزامن مع المواقف الحادة التي أعلنتها فصائل المقاومة الإسلامية وإعلان نيتها استهداف القوات الأجنبية بالبلاد، بعدما شككت في إعلان انسحابها وتحويل مهامها إلى استشارية.
وفي كانون الأول الماضي، أعلنت حكومة مصطفى الكاظمي وإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، عن انتهاء المهام القتالية لقوات التحالف الدولي “رسميًا” في البلاد، مع بقاء عدد من المستشارين، بيد أن مصادر أمنية مختلفة فنّدت تلك الادعاءات، وسط تأكيدات على أن الانسحاب المعلن “صوري”.
وعن ذلك يقول المحلل السياسي صباح العكيلي إن “وجود القوات الأمريكية في العراق يمثّل خطرًا جسيمًا على الأمن القومي للبلاد، كما أنه يعد عامل توتر نتيجة الرفض الشعبي الكبير لممارسات قوات الاحتلال طيلة الأعوام الماضية”.
ويضيف العكيلي أن “هناك تشكيكًا شعبيًا كبيرًا بصدق نوايا الحكومتين في بغداد وواشنطن، بشأن انسحاب القوات الأمريكية من الأراضي العراقية”، لافتًا إلى أن “ذلك يعود لسبب تصريحات المسؤولين الأمريكيين الذين غالبًا ما يؤكدون أن تواجدهم العسكري في العراق مازال مستمرًا”.
وكثيرًا ما تتعرّض قاعدة عين الأسد لقصف صاروخي وبطائرات مسيّرة، وتعود آخر حادثة من هذا النوع إلى 30 نيسان الماضي عندما سقط صاروخان قرب القاعدة.
واستُهدِفَتْ في الأشهر الأخيرة القوات والمصالح الأمريكية في العراق بهجمات صاروخية وبطائرات مسيّرة مفخّخة.
وما يزال 2500 عسكري أمريكي وألف عسكري من التحالف منتشرين في ثلاث قواعد عسكرية عراقية، من بينها عين الأسد بحسب الإعلان الرسمي، إلا أن مصادر مطلعة تشير إلى وجود أعداد هائلة من الجنود الذين أبقت عليهم واشنطن في سبيل تحقيق أغراضها في المنطقة انطلاقًا من الأراضي العراقية.
وما يزال ملف التواجد العسكري الأجنبي، يُمثّل مصدر قلق وتهديد للعراقيين الحالمين بوطن “كامل السيادة”، ففي الوقت الذي تواصل فيه الحكومة غض الطرف عن الحراك العسكري الأميركي، يزداد توغل واشنطن داخل الأراضي العراقية لتحقيق أهداف عسكرية طويلة الأمد.
وبينما يتواصل الحديث في الأروقة الحكومية، عن انسحاب القوات الأجنبية من العراق وفقًا لاتفاق استراتيجي مزعوم، تؤكد وزارة الدفاع الأمريكية أنها “ستبقى في العراق وسوريا” بزعم محاربة تنظيم “داعش” الإرهابي.
وفي هذا السياق تقول نائب مساعد وزير الدفاع لشؤون الشرق الأوسط دانا سترول في بيان صادر عن الوزارة، إن داعش “لا يزال يشكل تهديدا للمنطقة، على الرغم من أن التنظيم لم يعد يسيطر على أراضٍ في العراق وسوريا”.
وتشير سترول إلى أن “وزير الدفاع لويد أوستن أعاد تأكيد الولايات المتحدة الالتزام بالحفاظ على قوات في العراق وسوريا”، لافتة إلى أن “مراجعة الموقف العالمي لوزارة الدفاع تؤكد بشكل خاص أن الولايات المتحدة ستحافظ على وجودها في العراق وسوريا لدعم جهود شركائها لضمان الهزيمة الدائمة لداعش”.
وتواصل وزارة الدفاع الأميركية “العمل كجزء من التحالف العالمي لهزيمة داعش، والذي يجمع 79 دولة و5 منظمات دولية لتوفير مجموعة من القدرات العسكرية والتمويل والدعم السياسي للحملة ضد داعش”، على حد تعبير البنتاغون.
وسبق أن أكدت الولايات المتحدة في تصريحات رسمية، أن قواتها المتواجدة داخل الأراضي العراقية بصفة “مستشارين”، هي في الحقيقة عبارة عن مقاتلين مدربين على تنفيذ مهام عسكرية، ولا علاقة لهم بالدور الاستشاري المزعوم.
حيث أصدرت وزارة الدفاع الامريكية، رسالة غاضبة فضحت فيها خبايا الأمور، بعد قصف استهدف قاعدة فيكتوريا في بغداد مؤخرًا. وبحسب تقرير نشرته الوزارة قال السكرتير الصحفي للبنتاغون جون أف كيربي، إنه “على الرغم من تغيير مهمة القوات الأمريكية في العراق، إلا أن القوات لا تزال في بيئة خطرة وتحتفظ بالقدرة على الدفاع عن نفسها”.
وأفاد كيربي بأن “مهمة القوات الأميركية تحولت من القتال إلى تقديم المشورة والمساعدة قبل أسبوعين، بموجب اتفاق بين الولايات المتحدة والعراق. ومع ذلك فإن قواتنا معرضة للخطر”.
وتتناقض التصريحات الأمريكية المتكررة، مع الإعلان الحكومي بشأن دور قوات “الاحتلال” بعد تأريخ (31 كانون الأول/ ديسمبر 2021)، وهو ما يُعزز فرضيات فصائل المقاومة التي حذّرت مرارًا وتكرارًا، من مساعي واشنطن لتحقيق بقاء عسكري طويل الأمد داخل الأراضي العراقية.