بقلم // فاتح عبدالسلام
سيذهب العراق لا محالة الى صفحة تهدد السلم الاجتماعي وتنعكس على الوضع الاقتصادي العام وتزيد من الابتلاءات المستعصية في البلاد، في حال جرت انتخابات مبكرة ثانية، كما تروج بعض المبادرات أو الشخصيات ، في مسعى منها لايجاد حل للانسداد السياسي المصنوع في الأصل بأيدي عناصر التداول في المشهد الرسمي .
الانتخابات هي في الأساس منتج مقنن على قياس العملية السياسية، وليست منتجا يحاكي ما يجري في الديمقراطيات العريقة والمستقرة في العالم. وهذا يعني ان الانتخابات ليست مفتاح الحلول ابداً.
الأجواء مشحونة بنسبة عالية جدا، ليس بشأن الاتفاق غير المنجز على تسمية حكومة جديدة، ولكن في جميع المفاصل السياسية التي افرزتها انتخابات تشرين الأول الماضي.
حتى لو افترضنا انه تمّ اجراء انتخابات جديدة، فهي ستكون جزءً من المشكلة وليس من الحل، بل انها ستكرس التمترس السياسي وراء دروع، هي في الأصل واهية، لكنها تكتسب قوتها من اللعب على وتر المراهنة على الاستقرار والتلويح بالفوضى.
ربّما هناك مَن يستخدم الدعوة لإعادة الانتخابات من اجل الضغط السياسي على طرف او طرفين لكي يجري الذهاب الى تسوية سياسية سريعة تنهي هذا الوضع، وقد يكون هذا الاحتمال واردا وطبيعيا في العمل السياسي. لكن الأجواء المحيطة توحي بأنّ البدائل كلها تستهدف نسف ما جرى انتاجه من مخرجات للانتخابات المبكرة الأخيرة والذهاب الى صيغة تفرض الامر الواقع الجديد، والذي هو مجهول بحسب كل المنظورات.
المسألة لا تخص اليات وسياقات في التعامل السياسي الناتج عن الانتخابات او عن توافقات العملية السياسية المريضة، وانما هي مسألة الولاءات والمصادرات في النفوذ، والقوة والمال والشرعية.
في الأساس، الانتخابات مشتقة من توافقات العملية السياسية، ولا قيمة نوعية لها ، وهي الديكور الاضطراري للتسويات الداخلية لاسيما داخل الكتلة التي ستسمي رئيس الحكومة عادة.
من هنا، تكون الحاجة اكبر من أي وقت مضى، للشروع ببداية وطنية جديدة تتجاوز امراض العملية السياسية وفسادها، ودمويّتها ايضاً، عبر جميع الفترات التي مرت بها منذ ان وطأت قدم اول جندي امريكي ارض الرافدين وسط تصفيق أعمدة المشهد السياسي في البلد الذي لم يكن غريبا عنهم كما كان في تلك اللحظة التاريخية .