بقلم // الشيخ محمد الحميداوي

١- حضر السيد الشهيد الصدر الثاني – قد ، درس السيد الخميني – قد- العالي في الفقه (بحث الخارج = دراسات عليا) عندما جاء منفيًّا إلى النجف الاشرف، بأمر من استاذه السيد الشهيد محمد باقر الصدر- قد- بمعيَّة ثلة من خيرة طلبة الصدر الأول.

٢- استمر هذا الحضور طيلة بقاء السيد الخميني – قد- في النجف الأشرف( 1965- 1978) ، وتمخض عن ذلك أن كتب الصدر الثاني، تقريرات درس استاذه الخميني وحررها في أحد عشر مجلدا ، ولم اسمع أن احدًا من زملائه فعل ذلك، وسمعت أن بيت السيد روح الخميني – قد- يعتبرون أن تقريرات الصدر الثاني، هي أفضل ما كُتب من بحث الخميني الفقهي.

الطريف أن هذه المجلدات التي رأت النور بعد شهادة السيد الصدر، قُدمت هدية إلى بعض مراجع قم المقدسة فاثارت دهشته وسأل من قدمها : (كيف قالوا عنه : انه لم ينه درس المكاسب ؟!) ودرس المكاسب هو آخر مرحلة فقهية ، يتأهل بعدها الطالب لحضور الدرس العالي (البحث الخارج) !

٣- كلا السيدين ، آمن بنظرية ولاية الفقيه على أوسع نطاق، وضرورة إقامة حكومة إسلامية في عصر الغيبة.

٤- كلا العلمين – قد- تبنى المنهج المرجعي قبال المنهج الحزبي، وهي جدلية أخذت مساحة واسعة من النقاش في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي .

٥- كلا المرجعين، انتهج المسلك العرفاني- الباطني، بل كان السيد الشهيد، يعتقد أن سر نجاح الثورة الإسلامية في إيران هو بسبب المنهج العرفاني لقائدها- قد-.

٦- كلاهما – رحمها الله- وظف التناقضات السياسية في خدمة مشروعه التغييري، فالسيد الخميني – قد- أدرك الخلاف السياسي بين حكومة البعث وحكومة الشاه ، واستفاد من حسابات البعثيين في وجود أكبر رمز معارض للشاه على أرض العراق، ووظف السيد الخميني ذلك الخلاف بذكاء فاكتسب موقعًا مثاليًّا (النجف الأشرف) للتواصل مع أنصاره، واستعان بإذاعة موجهة لشرح تفاصيل نهضته للإطاحة بعرش الطاووس، والسيد الشهيد الصدر، استفاد من رغبة النظام البعثي في ظهور مرجعية عراقية لحسابات سياسية ترتبط بامنه القومي ، وعمل على اختراق النظام وإحداث تغييرات كبيرة في مفاصل المجتمع العراقي .
ويكمن في التجربتين، مقدار حنكة القائد وإبداعه في استحداث الوسائل غير المألوفة بل والمحفوفة بالمخاطر .

٧- كلا السيدين ، قدَّم في سبيل قضيته، تضحيات عظيمة، فالسيد الخميني قدم ابنه السيد مصطفى وهو فقيه مجتهد لا يشق له غبار ، شهيدًا على تراب النجف الاشرف بايدي مخابرات الشاه، والسيد الصدر قدم ولديه (مصطفى ومؤمل) واعظم من ذلك، نفسه الطاهرة :
يَجُودُ بالنَّفْسِ إِنْ ضَنَّ الجَوادُ بِها. والجودُ بالنَّفْسِ أَقْصَى غايةِ الجُودِ.
فضربا بذلك مثالًا للعالم الذي لا يكتفي بالتنظير والتوجيه بل يضحي بكل شيء من أجل هدفه ومبدئه .

٨- عانى المصلحان- قد- كثيرًا من الحيف والجور وسوء الظن، أما السيد الصدر فالحديث عما عاناه من الوضوح والظهور بحيث يسمج معه التعرض إليه، أما السيد الخميني، فقد تحدث بألم عمن لاقاه من (المتحجرين) مثلما نعتهم، حتى انهم كسروا ذات مرة إناء الماء الذي شرب منه ولده الشهيد، لا لشيء إلا لأن اباه كان يُدَّرس الفلسفة !

٩- تأثر السيد الشهيد الصدر الثاني باستاذه السيد الخميني، وظهر بعض ذلك التأثر في حديثه المباشر مع الناس وفي ادوات خطابه (الكاسيت) وقد عُرف السيد الخميني بانتهاج هذا الأسلوب، حتى سميت ثورته بثورة (الكاسيت).

١٠- اذكر اني سالت السيد الشهيد الصدر الثاني مشافهة وفي أخريات حياته الشريفة عن البقاء على تقليد السيدين الخميني والصدر الأول- قدس الله روحيهما- فأجابني (نعم ، يجوز البقاء لمن قلدهما في حياتهما بحجة شرعية) يأتي ذلك رغم تشدده – قد- فتوائيًّا في مسألة البقاء على تقليد الميت .

# السلام على من أمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر ، وجاهدا في الله عز وجل حتى أتاهما اليقين .

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here