المقاومة قطب في معادلات الحرب العالمية على الطاقة

بقل// قاسم عز الدين ..

المقاومة التي أرست تبادل الردع في المعادلة الإقليمية ضد “إسرائيل”، تُرسي اليوم معادلة رعب الطاقة، التي تتجاوز، في شرق المتوسط، الصراع مع “إسرائيل” إلى الصراع ضد الهيمنة الأميركية، حامية القرصنة الإسرائيلية.

هي معادلة دولية في خضم الصراع الجيوسياسي بين روسيا و”الناتو”، إيذاناً بولادة عالم آخر على حساب الاتحاد الأوروبي، في المقام الأول، وبين الشرق الذي يشمل عالم الجنوب، ولا سيما المنطقة العربية ــ الإسلامية.

الحرب التي افتعلها بايدن في أوكرانيا ضد روسيا، هدفها المُعلن خنق موسكو في القمقم، انتقالاً إلى تحجيم الصين، والتوهّم بقرن أميركي جديد يفرض سيطرته مرّة أخرى على العالم، وإخضاع تطلعات التحرّر في عالم الجنوب.

الاتحاد الأوروبي المشبَع بالإلحاق والتبعية للأطلسي، يدفع أثمان مصالح شركاته متعددة الجنسية في أحضان بايدن، الذي يوهم المجتمعات الأوروبية المكلومة بتقسيمها إلى قسمين شرقي وغربي، إثر الحرب العالمية الثانية، أن وراء الحرب في أوكرانيا عدوانية روسية للعودة إلى تقسيم أوروبا، خلافاً “لعقيدة بوتين” التي ترى أن أوروبا القاريّة تشمل روسيا أيضاً في مواجهة الجزُر العدوانية بطبعها كبريطانيا وأميركا.

ولا تُخفي الصورة البرّاقة في قمة دول السبع، في بافاريا الألمانية، وقمة “الناتو” في البرتغال، واقع ارتدادات حرب الطاقة على دول الأطلسي في عقر دارها، نتيجة عقم خيارها الاستراتيجي الذي ينقلب عليها وبالاً يهدّد بتفسّخ استقرارها الاجتماعي والأمني والسياسي… ذلك أن “أزمة الطاقة” تتعدّى النفط والغاز إلى الصناعة والزراعة والسياحة، وإلى شركات الاستثمار والبورصة، وما تسميه “سلاسل الإمداد“.

تحلّل الاستراتيجية الصبيانية يؤدي بها إلى المزيد من المكابرة الضحلة، في التخيّل أن خوضها حرب استنزاف شديدة الأعباء الاستراتيجية على أوروبا في أوكرانيا، يُجبر بوتين على التراجع إلى حدود الكرملين “حين يتوفّر له حفظ ماء الوجه.

فتبدو، كما بايدن، مصابة بمعضلة “ألزهايمر” تحدو بها إلى اليقين بإعادة إعمار أوكرانيا (محاولة رصد أولي 1000ــ 1500 مليار يورو)، ولا تستفيق على إعلان بوتين “أن المعركة الجدّية لم تبدأ بعد”، في إشارته إلى عالم ما بعد أوكرانيا التي سبق فيها السيف العزل، وإلى إمكانية إعادة النظر في عقيدة روسيا لجهة انتمائها إلى القارية الأوروبية.

بخطوات تراكمية، يتدرّج حزب الله لإحباط مراهنة بايدن والاتحاد الأوروبي ومنع “إسرائيل” من القرصنة النفطية، سواء بمفاوضات تؤدي إلى إقرار الحقوق وتحرير التنقيب والاستخراج، أم بغيرها.

ذهاب بايدن و”الناتو” إلى الاستمرار بالحرب، التي تمنع لبنان من منفعة الطاقة عبر الذرائع المعهودة، التي تتغطى بالسلام والقانون الدولي … إلخ هو تمهيد للحرب العسكرية دفاعاً عن الحقوق، وهي أشرف وأحق من التجويع والإذلال، كما صرّح السيّد.

وفي موازين القوى الدولية والإقليمية، فإن ردّ المقاومة على حرب “الناتو” مقدور عليه، كما الردّ على العدوانية الإسرائيلية. والأصعب على المقاومة في ردّها على الحرب هو “مفاوضات الدولة اللبنانية” للتفريط بالمصلحة العامة.

لكن التفريط يصعّب الردّ والمواجهة ولا يلغيهما، بل ربما تفتح حرب “الناتو” على الطاقة ضد المقاومة آفاقاً في لبنان والمنطقة أكثر إشراقاً من حفرة الاهتراء والانهيار، وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى