بقلم// مازن الولائي

بعد أن انتهت زيارة الأربعين وعاد السائرون الزائرون إلى مدنهم وهم يحملون الذكريات والشجن الجميل، وكل منهم تذرف دموعه على أقل سبب، وحينما وصلوا إلى الحدود وقبل الدخول إلى إيران كل وجبة داخلة تتعالى لها الأصوات بالبكاء والعويل والحنين مع الترحاب.. فرهاد شاب أول مرة يأتي بعد أن سمحت له امه زوجة الشهيد في سوريا مع بعض الأصدقاء، هذا الشاب طول الطريق كان صامتا ويجهش بالبكاء وبان التأثر عليه جدا..
حتى وصل إلى دياره التي تبعد عن طهران حوالي ساعتين وكان الوقت متأخر بعد منتصف الليل، تصور أن الناس وعائلته ستكون نائمة سيما امه المتعبة، لكن عند وصوله تفاجأ أن اصدقاءه واغلب أهل القرية مستيقظة بانتظاره، وما أن نزل من السيارة حتى عقد مجلس عزاء بمنتصف الليل، على صوت البكاء أستيقظ باقي أهل القرية، وأخذوا يلطمون وكأنهم شاهدوا القباب وكربلاء.. الام نظرت ولدها فرهاد واختطف لونها لأن ولدها حزين جدا ونزل من وزنه الكثير والدموع على خده الصافي! ما بك ولدي هل تعاني من شيء ؟ قال لا لا أمي تركت قلبي عند الحسين عليه السلام واتيتك بلا روح! صرخت الام وضمته وأخذ الحاضرون يقبلونه ويتبركون به وهي عادة وتقليد يفعلها حتى المراجع وذوي الشأن، لحظات وجاء أمام المسجد الذي تربى بكنفه فرهاد وعلى يد عارف له هيبة وسطوة روحية وتأثير، تعانقا طويلا والعارف ضم فرهاد الى صدره وهو يقول له: كأنك أبيك الشهيد في يوم عودته من الجبهة، لكن العارف أرجع فرهاد قليلا لينظر بعيونه وقال: فرهاد ماذا فعل بك الحسين أخبرني!! وكأنه عرف ماذا حصل له، فقال: يا شيخي عندما انتقلنا من الحدود إلى الكاظمية وهناك عند النزول اختلف السائق على السعر المتفق ونزل بعض الركاب يتفاهمون معه! وكان مصر على سعر غير باهض بالنسبة لنا وبينما نحن كذلك والكثير من الحاضرين تجمعوا وقد بان على وجوههم الزعل والسخط من تصرف السائق! وإذا بشاب دخل بيننا وقال: ماذا جرى ما هي المشكلة؟! وبعد أن سلم ووجهه مبتسم وحيا كل الزائرين وأنا منهم فقال للسائق: مابك يارجل؟ كم الأجرة ؟ قال: ١٥٠ الف عراقي فمدّ الشاب العراقي يده إلى جيبه وأخرج المبلغ وقال: أجرتهم علي في سبيل الحسين عليه السلام وانت توكل، وفي هذه الاثناء إذا بأمراة تطلب من الشاب قائلة: أخي ارجوك انا من يدفع الأجرة ارجوك ، ودار حوار لدقائق بينهم حتى صارت تبكي وتتوسل! كلنا تعجبنا من تصرفها وإذا بها تقول أريد هذا الثواب لي. وافق الرجل وقال لكِ ذلك، ثم التفت الي الشاب وقال هذا المبلغ الذي خرج من جيبي لايعود خذه انت ووزعه على الزائرين كأجرة من الكاظمية إلى النجف، وهنا بكينا جميعا لهذه الروح والكرم،، هو كان يقص على العارف سرّا وإذا بالعارف نزع عمامته وصار يلطم على رأسه والكل متعجب وهو يقول: الآن عرفت لماذا أختار الله قبر الحسين عليه السلام في كربلاء!! وانفجر بالبكاء وبكى الجميع تأثرا لما جرى!

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here