كنوز ميديا /تقارير
في كل دورة نيابية وحكومة جديدة، ندور في دوامة رمي المسؤولية، وركلات تبادل الكرة بين ملعبي الحكومة والبرلمان، فكل يُلقي بمسؤولية تشريع واقتراح وتقديم مشاريع القوانين على الجانب الآخر، وتبقى أهم وأحوج القوانين على الرفوف وتُرحّل لأكثر من مرة.
العمل المتوازي والفريق المتكامل لا يمكن تحقيقه في النظام البرلماني الحالي، خصوصا في العراق مع تعدد الأحزاب والقوميات والتوجهات، ولا يمكن ان تتفق الحكومة والبرلمان على خطة عمل مشتركة بشأن القوانين، لتجذّر الخلافات بين القوى السياسية على قوانين أساسية عدة منها قانون النفط والغاز، وقانون مكافحة العنف الأسري، وقانون الخدمة الاتحادية، وقانون الأحوال المدنية، وقانون استرداد الأموال المنهوبة، وقانون التجنيد الالزامي.
جدلية مستمرة وسط أداء نيابي ضعيف، لا يرتقي وحجم الازمات السياسية والاقتصادية والمجتمعية، وغياب واضح لواجبات البرلمان المحددة بالتشريع والرقابة، ولا تزال تدار السلطة التشريعية بعقلية قديمة وتكرار نفس الأخطاء مما يعرقل بشكل واضح وجلي الأداء الحكومي.
الدورات النيابية السابقة فشلت في محاربة الفساد، وأصبحت جزءاً من المنظومة المعطلة والمنهكة لموازنة الدولة، فلم تتمكن من ضبط إيقاع الحكومات السابقة في جانب الموازنات العامة والحسابات الختامية، وكان للبرلمان دور في ضياع مليارات الدولارات في دهاليز الفساد.
نواب ارجعوا سحب الحكومة قوانين من البرلمان الى انها كانت تمثل رؤية الحكومة السابقة، ولا يمكن تبنيها من قبل الحكومة الحالية، الأمر الذي يجعل الحكومة أمام مسؤولية الإسراع في اقتراح قوانين لها الأولوية في اصلاح أوضاع البلاد الاقتصادية والمالية وكبح جماح الفساد واسترداد الأموال المنهوبة والمهربة الى الخارج.
المحلل السياسي حيدر عرب الموسوي قال في تصريح ان صياغة القوانين تختلف من حكومة الى أخرى وكذلك الأولويات لا يمكن ان تكون هي ذاتها، مشيرا الى ان هناك قوانين أهم من قانون التجنيد الالزامي وخدمة العلم، منها قانون النفط والغاز، وهناك حاجة فعلية نوعية لقوانين غير التي أرسلت للبرلمان أو التي وضعت على جدول الاعمال.
وأشار الى “ان أولويات الحكومة الحالية اختلفت عن أولويات الحكومة السابقة، وحكومة السوداني تعمل على إعداد صياغات تنسجم مع المرحلة الحالية والأولويات التي وضعها الإطار التنسيقي في البرنامج الحكومي وهي إجراءات سليمة وقانونية”.
وبيّن ان “أولويات البرنامج الحكومي وضعت تعديل قانون الانتخابات في المقدمة، ومن الضروري ان ينتج عملية ديمقراطية انتخابية عادلة ونتائج مرضية للشعب، وكذلك قانون الضمان الاجتماعي لكي يوفر فرص العمل في القطاع الخاص وحماية العاملين وضمان التقاعد لهم، فضلا عن قانون المعلم وإعادة تشريعه كونه يهم شريحة مهمة”.
وتابع الموسوي: هناك قاعدة مضى عليها البرلمان العراقي خلال الدورات السابقة، وهي ان القوانين المهمة تذهب باتجاه التوافق بين القوى السياسية، مشيرا الى ان السياقات القانونية وبتصويت الأغلبية تواجه مشكلة واعتراضات ورفضا وتتسبب بمشاكل سياسية، ولا يمكن تطبيقها بشكل فعلي، فكل فريق يحاول ان ينتفض على الفريق الثاني، ويعمل للحصول على أكثر المكاسب، ويخرج بتصريحات من أجل الكسب الجماهيري، بعيدا عن الحاجة الفعلية. وأكد، ان الإطار التنسيقي قادر على فرض ارادته وتمرير القوانين بشكل اريحي عبر التصويت بالأغلبية.
وكان النائب المستقل حسن الخفاجي، قد أكد في تصريح صحفي، ان مشاريع القوانين التي تم سحبها من قبل الحكومة جاءت بعد اتفاق بين الحكومة والبرلمان، مبيناً ان القوانين المسحوبة تمثل وجهة نظر الحكومة السابقة، إلا انها لن تهمل بل سيعاد النظر ببعض موادها وفقا للصالح العام.
ويعقد مجلس النواب جلسته يوم السبت المقبل، ولم يتضمن جدول أعماله التصويت على أي قانون وغياب القوانين المهمة والخلافية المُرحّلة لعدة دورات، وانما تضمّن تقرير ومناقشة اربعة قوانين بينها تقرير ومناقشة الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
وبحسب مراقبين فان التوافق يبقى سيّد المشهد بخصوص القوانين الجدلية، ولا يمكن كسر هذه القاعدة، بسبب التنوع في البرلمان العراقي، بعيدا عن الحاجة الفعلية للحكومة والشارع العراقي.