كنوز ميديا / تقارير
السيطرات ونقاط التفتيش، أسلوب أمني تقليدي معرقل ومعطل للجهود الأمنية وللشارع العراقي، كونه اجراءً قديماً غادرته البلدان المتطورة والنامية، وأصبحت تعتمد التكنولوجيا والمراقبة الرقمية واستخدام التقنيات الحديثة، في ضبط الأمن ومتابعة المخالفات والجرائم والخروقات، بالإضافة الى تفعيل الجانب الاستخباري.
انتشار نقاط التفتيش في عموم البلاد يكلفه أعداداً اضافية من القوات الامنية ومبالغ توفير أمور لوجستية وبنى تحتية خدمية وغيرها من المتطلبات لتلك السيطرات ونقاط التفتيش، فضلا عن انها تتسبب بعرقلة حركة السير بدرجة كبيرة، وأصبحت عدد منها تستغل المواطنين في تقاضي اتاوات وأخذ رشاوى مقابل دخول بضائع معينة، مما عدَّ بابا من أبواب الفساد.
رئيس الوزراء محمد شياع السوداني اتخذ خطوات عدة في هذا الجانب ورفع عدد من السيطرات الرئيسية والفرعية في العاصمة بغداد، لكن هذه الاجراءات غير كافية لإنهاء هذا الملف وخصوصا في مداخل المحافظات ومخارجها، مما يتطلب وضع خطط استراتيجية وفق اجراءات وتوجيهات وقانون وضوابط، ترسخ تعامل القوات الامنية مع الشارع، مما يعيد الثقة بين الجانبين ويخدم المواطن ويعزز الانجاز الامني المتحقق وتجاوز عقبات وأخطاء المراحل الماضية.
الخبير الامني عقيل الطائي وفي تصريح له قال، ان “العراق بعد ان تعرض الى الغزو الامريكي والادوات التي استخدمها الاحتلال مثل القاعدة وداعش والارهاب واستهداف البلاد بالمفخخات واثارة الفتن الطائفية والحرب الاهلية، اضطرت القوات الامنية والحكومات الى اتخاذ اجراءات عسكرية أمنية كلاسيكية هي نصب الكتل الكونكريتية والسيطرات في مداخل المدن ومخارجها والشوارع الرئيسية والفرعية وحتى الأزقة”.
وتابع، انه “الى يومنا هذا رغم رفع بعض السيطرات لكن بقيت الاجراءات كلاسيكية برغم التطور التكنولوجي السريع وبعد ان لجأت الدول وحتى النامية منها قبل سنوات الى السيطرة الالكترونية بواسطة الشبكات العنكبوتية والكاميرات الحرارية، وغرف عمليات وسيطرة عن بعد ومراقبة دقيقة تصل الى تفاصيل الوجه ولوحات العجلات وحتى الصوت والى أبعد من ذلك، داخل المكاتب والمقرات”.
وتابع، انه “للأسف مازال العراق واصحاب القرار برغم توفر الاموال والموارد البشرية الكفوءة، يعتمدون على طرق كلاسيكية فقيرة، واعتقد لأسباب تتعلق بالمصالح المادية وممارسة النفوذ والتسلط”.
ورأى، ان عدم تطوير هذا الملف يعود ايضا الى غياب الارادة الوطنية الحقيقية عند بعض القادة الامنيين والسياسيين، مشيرا الى ان هناك من يعتاش على الفساد من خلال السيطرات التي تجني الاموال والاتاوات وتفرض مبالغ على البضائع، بعيدا عن رقابة وزارة الداخلية واجهزتها الاستخبارية.
وكانت قيادة عمليات بغداد، قد اعلنت في مطلع عام 2023 عن رفع 35 سيطرة خلال شهر كانون الثاني في العاصمة، لافتة الى فتح العديد من الشوارع الرئيسة والفرعية المغلقة، فيما أكدت انه “لم تصدر أوامر بشأن تسليم الملف الأمني بالكامل الى وزارة الداخلية”، مشيرة إلى أن “الأوامر طبقت في بعض المحافظات بهذا الصدد، إلا إن قيادة عمليات بغداد مازالت تمارس السيطرة على جميع القطاعات الموجودة في العاصمة”.
وبرغم رفع هذا العدد من السيطرات لا تزال هناك الكثير من نقاط التفتيش في العاصمة بغداد، تعرقل حركة المرور من دون ان تحقق اي عمل أمني، في حين لو عوضت هذه السيطرات بأبراج مراقبة وربط شبكي ووحدات مركزية تتم السيطرة على الوضع الامني وتعقب الجريمة بشكل أكبر وأدق، بعيدا عن العمل التقليدي.